-->

الوحدة الوطنية:الشهيد الولي الفلسفة والدواعي.



محمد لغظف عوة
الشهيد الولي رحمة الله عليه -قد يكون تتبع آثار الرجل الفكرية والفلسفية في مختلف المناحي التي نظر وأبدع وقاد وجسد الفعل والرؤوى فيها... امر مضني لتنوع هذا الأثر وغزارته وشمولية او تعدد الساحات والميادين التي بصم فيها بتميز، رغم حداثة التجربة وقصر الفترة التي عاشها من عمره في هذه الدنيا.
ويبقى حدث الوحدة الوطنية والتنظير لابعادها ودلالاتها والتجسيد في كنهها أبرز تلكم المحطات بعد انجاز الإعلان عن ثورة ال20من ماي 1973م. 
فالوحدة الوطنية كانت حدثا مفصليا في مسار قضية شعب عربي أفريقي بدوي تطفوا مجامعه على تراكمات من التجهيل والتفقير والتشرذم في كنف تشظي فكري وعدمية سياسية برع المستعمر في التخطيط لها وترسيم معالمها.
فالإرث الشفهي وما تيسر من المدون فيما يخص مسار الرجل المعجزة يظهر إلمامه الواسع بخصائص مجتمعه ومميزاته ضمن منظومات المحيط الجغرافي والبشري للساقية الحمراء ووادي الذهب، من منظومة القيم العربية ذات الطابع العشائري والطائفي والاقطاعي التي كانت ماثلة أمامه، كمثول النموذج الاجتماعي الافريقي وملامح كياناته السياسية ذات المكونات الانشطارية والتي جعل منها المستعمرين حاضنات استثمار مستغلين التحكم في إدارة الصراعات القبلية والاثنية داخل شعوبها المتملصة حديثا من قبضتهم المباشرة.
من كل هذا كانت الخلاصة واضحة جلية بالنسبة للقائد المنظر، ان الحبل المنقذ لشعبه لن يكون الا بالوحدة الوطنيةلتفادي مطبات المستعمر واقبار التحديات المستخلص من حالة المنظومة السياسية العربية؛ والتطاحن الاثني بافريقيا، ومن هنا جاءت فلسفة الأنصهار الاجتماعي  ضمن بوتقة واحدة في نسق سياسي جامع، بديلا عن العدمية السياسية  ومستحضرا عوامل مساعدة كوحدة المعتقد والمذهب واللغة مع انعدام الطبقية الاقتصادية (الاقطاعية) التي توارثت شعوب الجوار انماطا منها.
ولتجسيد تصوراته اعتمد الشهيد الولي في مخاطبة الاطر الشحن بالمعطايات، والحضور بمثالية في المقدمة والصرامة في المتابعة والتنفيذ، في حين انتهج مع الجماهير مخاطبة الوجدان الصحراوي بقيم النبل والكرم (كذم التسول والركوع لغير الله، بيع الذمم...) رابطا كل هذه الصفات على أنها مآلات حتمية لممارسة الطقوس القبلية الضيقة، وقد برر ذلك بقوله: "ظروفنا 73 ممزقين بفعل الاستعمار والأنظمة الرجعية المجاورة.،قسمونا الي جنسيات متعددة، قبايل متعددة،والقبيلة الي عروش متعددة والعائلة الي اتجاهات متعددة، ظروف كانت تفرض علينا التمزق والتسولونحن كرماء وليس، من عادتنا التسول، ظروف التمزق كانت ستفرض علينا الركوع وطلب الصفح ممن كنت تصفعه بالأمس وانت على حق".
كما برع في  مخاطبة العقول بشعارات مباشرة تقدس الوحدة وتنبذ التفرقة من قبيل : "من يمس من وحدتنا، يذبح شعبنا بالدافر" وقوله: "نعيش موحدين ولن نموت مقسمين". وقد ظل يكرر تحذيراته من خطورة القبلية علينا واصفا إياها باللغم المؤقت تحت اقدامنا، وكانت وقفاته مع الاطر بمثابت التعبئة والشرح الدقيق لدواعي التمسك بالوحدة الوطنية ملخصا مرامي فلسفته بالغيرة الكبرى:"شعب منظم، ملتحم، قادر، ومحترم فوق أرضه. دون أن يغفل التطرق لظروف النشأة المعقدة  واضعا الإطار أمام مسئولياته لتحقيق النقلة المطلوبة كغاية نبيلة في تحقيق الكرامة والحريةفي كنف من الوحدة الوطنية.
و ظل الولي يحلق بعبقريته الفريدة، لينقل هذا الشعب البدوي المتخلف الي فضاءات أرحب، جاعلا من نضالاته قيمة مضافة للانسانية في التنظيم والابداع الخلاق حينما يقول في احد ملتقيات الاطر:"نحن لا نبحث عن مكاسب دنيوية زائلة، نحن ندافع عن مبادئ سامية تخدم الإنسانية جمعاء"، ولعل محور هذه المبادئ ورافعة إنجازها بالنسبة له هو التحرير وقيم السماوات والانعتاق والتي لن تتحقق الا بوحدة الشعب تحت لواء الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب كمخاطب وحيد و اوحد باسم الصحراويين حتى نيل الاستقلال.
ملتقى بنتيلي التاريخي 12/10/1975م :الإنجاز العظيم
كان الملتقى بمثابت الضربة التي شتت احلام المستعمر والمتألفين معه في الإبقا، على الشعب الصحراوي ككمشة رعاة يتناحرون على مناهل المياه ومواقع الرعي يجترون احقادهم الدفينة وثاراتهم القبلية،ولم يكن لهذا الإنجاز ان يتحقق لولا القدرات الهائلة في التخطيط والحركة والاسلوب المبهر في الإقناع الذي ميز الشهيد الولي -رحمة الله عليه- وكذا روح التبصر و المسئولية العالية التي تحلى بها الآباء الشيوخ والاعيان ،حيث ساهموا بحلهم للجماعة كموروث اداري استعماري في التأسيس القانوني والسياسي لدولة المستقبل، ليشاركوا في وضع قاطرة النضال على سكته الصحيحة.تحت رائدة كفاحه الجبهة الشعبية بهيئاتها الوطنية كممثلوحيدا وشرعيا لنضالات شعبهم المكافح. 
ومن منصات نضالية فاعلة أعطى هؤلاء الآباء أروع صور المشاركة في بناء وتعزيز المكتسبات للفعل الوطني في مواقع ريادية تاريخية نادرة الحدث في تجارب الثورات والشعوب.
تحقق اغلب شروط المعادلة التي راهن عليها الشهيد الولي -رحمه الله،-(شعب ملتحم، قادر، ومحترم فوق أرضه)، ولا احد ينكر اننا في ظل هذه الفلسفة قد قطعنا سنوات ضوئية في التنظيم والبناء المؤسساتي مع اكتساح المنابر الدولية والفضاءات القارية و حررنا بإمكانيات متواضعة الفكر والعقل وما كان لنا أن نفعل كل هذا بالقبيلة او ما يصطلح عليه بعض المرتدين "اجماعا وطنيا"، بل بالوحدة الوطنية ووحدة المخاطب السياسي..
نحن الآن في حاجة لقوة خطاب يجدد الأساليب ويتشبث بالمنطلقات (الوحدة والاستقلال الوطني الكامل) لتفويت الفرصة على المتربصين بمكاسبنا سوىمنهم اللاهثون خلف مصالحهم الضيقة من داخلنا، أو المأجورين من باعة الضمائر والمرتميين في أحضان العدو.
لتبقى فلسفة الشهيد الولي -رحمه الله- النبراس والضامن لبلوغ الأهداف السامية:
. التمسك بالجبهة الشعبية رائدة الكفاح وموجهة للفعل وموحدة للجهود. 
. الوحدة الوطنية ام المكاسب.
. الاستقلال الوطني هو ضامن لوجود شعب قادر ومحترم فوق أرضه.
. مخاطبة وجدان الجماهير انطلاقا من قيم المثالية والصدق.
. مخاطبة العقول بالإنجازات والمكاسب والعدالة الشاملة وصيانة العهد.
. قوة الخطاب هي التي توحد التصورات وترتب الأولويات لكسب الرهانات الكبرى.
المصدر: اسبوعية الصحراء الحرة

Contact Form

Name

Email *

Message *