قيادة البوليساريو تحارب التداول في منظمة ” كوديسا”..
في يوم 20 سبتمبر الحالي تم الإعلان عن تأسيس الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي بالعيون المحتلة، وفي يوم 25 من نفس الشهر عقدت منظمة كوديسا مؤتمرها التأسيسي بالعيون المحتلة أيضا وهو المؤتمر الذي ظل مؤجلا منذ سنوات. كلا الحركتين الحقوقيتين ينتسب لها العديد من المناضلين الحقوقيين اللامعين امثال امينتو حيدار، محمد المتوكل، الغالية الدجمي، واعلي سالم التامك، العربي مسعود، محفوظة لفقير …الخ
لكن الغريب في الأمر هو التعامل الرسمي للجبهة مع الإعلان عن المؤتمرين، فعند الإعلان عن المؤتمر التأسيسي للهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي سلطت عليه وسائل الإعلام الرسمية بقيادة وكالة الأنباء الاضواء واشادت به اللجنة الصحراوية لحقوق الإنسان، في حين تم تجاهل مؤتمر الكوديسا على الأقل من قبل هاتين الهيئتين الرسميتين ( وكالة الأنباء، واللجنة الصحراوية لحقوق الإنسان) مما يعني تموقف جلي من قبل الجبهة من التنافس الحقوقي بالمناطق المحتلة حتى لا نقول الصراع .
وحين نقول وكالة الأنباء الرسمية ذاك يعني الموقف الرسمي للدولة الصحراوية ، وكذلك الأمر مع اللجنة الصحراوية لحقوق الإنسان التي تعتبر الناطق الرسمي باسم الشأن الحقوقي بالدولة الصحراوية والتي يرتكز أغلب عملها على المناطق المحتلة، وهذا التموقف ينطوي على الكثير من المخاطر لأنه إذكاء مقصود للتناقض الحاصل بالمناطق المحتلة، ستدفع الحركة الحقوقية كلها ثمنه وسينعكس لا محالة القضية الوطنية برمتها !!!
وأثناء البحث عن سبب تجاهل الكوديسا في حلتها الجديدة من قبل قيادة الجبهة، ومحاولة التعتيم عليها والتعامل بإزدواجية معها مقارنة مع شقيقتها، لا نجد أي أسباب مقنعة غير الدروس التي أعطتها ” الكوديسا” في مؤتمرها الاخير، والتي يبدو أنها لم تروق للقائمين على أمر الجبهة فقد أكدت تلك الدروس المستخلصة من مؤتمر كوديسا أن: النضال مسؤولية أجيال وأن التواصل والاستمرارية فيه يعني تسليم المسؤوليات من جيل لجيل، وليس انتظار التوريث، و أن التاريخ النضالي وصدفة المشاركة في البدايات لا تعطي الحق لأحد في احتكار السلطة.
وأن التداول على القيادة هو الضامن الرئيسي لتماسك و إستمرار الحركات النضالية، وأن أسمى تجليات الوطنية هو انتصار النفس على شهوة السلطة، وأن ترك المقاعد الأمامية والعودة إلى صفوف القاعدة لا تنقص من صاحبها بل تجعله اقرب الى المثالية، و أن الايمان بالشباب يعني تمكينه من القيادة وتحمل المسؤولية بسلبياتها و إيجابياتها، وليس البحث فيه عن الأكثر ولاء والألين عود لوضعه على جانب المشهد تزيناً للصورة.
لهذه الأسباب يرجع موقف قيادة الجبهة من منظمة كوديسا لأنها لم تعد تشبه الجبهة، فالكوديسا بحلتها الجديدة لا تشبه البوليساريو، وذاك الاختلاف هو ما تحاربه قيادة الجبهة في المنظمة الحقوقية !!! لأنه ببساطة ” إبيين أعليها الظو ” فقيادة البوليساريو التي تحارب التجاعيد غير مستعدة لتقبل هذه الدروس بل تعمل كل ما في وسعها لتجاهلها لأنها تذكرها بشيخوختها و بفشلها في تحقيق الاهداف التي أسست من أجلها.
إذ يقودها اليوم الرجل الذي قادها قبل 47 سنة وقد ظل في المناصب القيادية العليا للجبهة منذ تأسيسها حتى الآن، ووزيره الاول هو من كان يقود الحكومة قبل 27 سنة، ووزير خارجيته يشغل نفس المنصب منذ 23 سنة، وبقية قيادتها التاريخية الاحياء منهم طبعا لازالوا يشغلون نفس المناصب القيادية التي يتبادلونها بينهم بالتدوير، ومن وصل لبعض المناصب معهم وصلها بعد تغييب لموت لرفاقهم.
يعني آخر فكرة يمكن أن تدعمها هذه القيادة هي فكرة التداول على السلطة، وكل من ينادي بها أو يعمل على تجسيدها ستتم شيطنته و إلصاق كل التهم به حتى وإن كان منظمة حقوقية أعطى أصحابها اروع الأمثلة في النضال الميداني وذاق أغلبهم مرارة سجون الاحتلال.
هذا لا يخدم القضية بطبيعة الحال لكنه يخدم هؤلاء الأشخاص ويساعد في بقائهم جاثمين على رقاب الجماهير رغم كل اخفاقاتهم.
بقلم محمد لحسن