-->

القرار الاممي 2548 (2020) والعودة للمربع الاول



لم يعد خافيا على الجميع الدور الفرنسي المعطل للحل السياسي في الصحراء الغربية بمجلس الامن الدولي وتواطؤ القوى الكبرى مع هذا التوجه المتناقض مع الشرعية الدولية وقرارات مجلس الامن ولوائح الامم المتحدة والاتحاد الافريقي التي تنص بشكل واضح وصريح على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وضرورة تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية التي تبقى اخر مستعمرة في افريقيا .
ومن خلال القرار الاخير والذي تسبب في ازمة ثقة بين الشعب الصحراوي ومجلس الامن الدولي وكشف الوجه الحقيقي لبعض دوله الاعضاء في حماية مصالحهم على حساب القضايا العادلة وتطبيق مقتضيات الشرعية الدولية.
والمتابع لتقارير مجلس الامن الدولي بخصوص قضية الصحراء الغربية سيلاحظ التغييرات التي تسللت الى مضامينها بشكل متدرج عبر التعديلات الفرنسية التي حاولت الالتفاف على حق تقرير المصير الذي يعتبر احد المبادئ والاسس التي تأسست عليها الامم المتحدة في معالجة قضايا تصفية الاستعمار، فبعدما اسقطت مفردة الاستفتاء من تقارير مجلس الامن واستحدثت محلها الواقعية والسعي لارضاء الطرفين (المحتل وصاحب الحق) وخلق التوازن في صياغة القرارات دون اعتبار للقانون الدولي والوفاء بالتزامات الامم المتحدة في الاشراف على استفتاء لتقرير المصير وهي المهمة التي انشيئت بعثة المينورسو من اجلها.
ومما يكشف حجم المؤامرة التي تقودها فرنسا بمجلس الامن الدولي ضد الشعب الصحراوي وقضيته العادلة، ما جرى لمسودة القرار الاخير والذي تقدمت بها الولايات المتحدة الامريكية وتم تمريرها للتصويت بطريق ملتوية واسقاط ملاحظات ومقترحات بعض الدول والتي كان من شانها تحريك المياه الراكدة في معالجة القضية التي تقترب من عقدها الخامس دون حل.
حدة الخلاف بين الاعضاء الكبار بمجلس الامن الدولي طفحت على السطح بعد احتجاج روسيا واعتبارها "ان صياغة القرار والمصادقة عليه لم تكن شفافة ولم تتم بالتشاور بين اعضاء مجلس الامن ولم يتم أخذ أي من ملاحظاتنا المبدئية والمدعمة بالأدلة، بما في ذلك الملاحظات ذات الطبيعة التوفيقية، التي تم لفت انتباه الجانب الأمريكي مرارًا وتكرارًا إليها. كما تُركت مجموعة أخرى من المقترحات العملية التي قدمها أعضاء المجلس الآخرون دون إجابة “.
واصفة القرار بغير المتوازن وسيطرة حملة الأقلام غير الرسميين للحق في صياغة قرارات ملفات مجلس الأمن.
والخطير في الامر ما اشارت اليه روسيا بعد تحفظها على القرار الذي امتنعت عن التصويت عليه التصريح بأن “محاولة تعزيز عملية السلام باستخدام لغة تطمس المعايير المتفق عليها سابقاً لتسوية النزاع في الصحراء الغربية ستؤدي إلى نتيجة عكسية. ونحن لم نوافق على هذه التعديلات من قبل ولم نتمكن من تأييده اليوم “.
إذن القرار الاخير 2548 (2020) يعيد القضية الى المربع الاول ويقدم المبرر الواضح لخطوة جبهة البوليساريو بمراجعة التعاطي مع الامم المتحدة وبحث الخيارات المناسبة لتمكين الشعب الصحراوي من استعادة حقوقه المسلوبة غير منقوصة والتأهب لكل الاحتمالات التي ستكشف عنها الايام القادمة.
بقلم : حدي الكنتاوي ـ نائب ممثل جبهة البوليساريو بالسويد والنرويج

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *