-->

وزير سابق “للقدس العربي”: فتح قنصليات لا يؤثر على مسار القضية الصحراوية في الاتحاد الافريقي, ولا في الامم المتحدة, ويعتبر سابقة في العلاقات الدولية.


في حوار مع القدس العربي نشر اليوم, الدبلوماسي والوزير الجزائري السابق عبد العزيز رحابي :
” قضايا الأمن لا تتجزأ، فلا يعقل التجند لمحاربة الإرهاب على أساس أنه يمس بالأمن والاستقرار الدوليين، وفي الوقت نفسه النفخ على النار وتغذية نزاع عسكري في المنطقة من خلال دعم المغرب في تعنته”.
“كل الدول تنادي الآن إلى حل سياسي سلمي يسمح للصحراويين بتقرير مصيرهم، وهذا في حد ذاته انجاز كبير. الدول العظمى والاتحاد الأوروبي يعترفون أن هناك تماطلا حقيقيا في معالجة هذا النزاع الذي يدوم منذ 1975”.
“أكيد أن فتح قنصليات في العيون موقف مناف لكل اللوائح الدولية، لأن ليس هناك أي سيادة للمغرب على أرض ما زالت تصنفها الأمم المتحدة في مسار تصفية الاستعمار، فضلا على ان ليس لدول الخليج “جالية في الصحراء الغربية المحتلة”.
فيما يلي نص ما جاء في الحوار بشان قضية الصحراء الغربية:

*كيف تتابع الوضع في الصحراء الغربية، وما هي الأسباب التي جعلت هذه الأزمة تعود إلى المربع الأول أي الحل العسكري؟
**يصعب على رأي عام دول لا تعي حقيقة الاستعمار في أفريقيا، أن تفهم هذه الأمور بسهولة. هذه القارة مستعمرة منذ القرن الثامن عشر بحكم المنافسة بين بريطانيا وفرنسا ولقربها من أوروبا والثروات التي توجد فيها.
القارة الأفريقية لديها مسار تاريخي خاص، فـ 90 في المئة من دولها لم تستكمل تحررها إلى غاية التسعينيات من القرن الماضي، والجزائر بحكم أننا عشنا الاستعمار لمدة 130 سنة لدينا حساسية خاصة فيما يتعلق بتصفية الاستعمار، وكدا فيما يتعلق بقضية الحدود، وهي ليست بالمؤشر المادي يضبط تنقل الأشخاص والسلع بقدر ما هو شعور حاد بالأمن، لأن لدينا حدودا مشتركة مع سبع دول على طول أكثر من 6400 كيلومتر، وهي من الدول القلائل في العالم التي لديها حدود مشتركة مع سبع دول، ويكلفها تأمينها ماديا ومعنويا، خاصة أن الجزائر ليست ضمن أي حلف وفي أي منظومة دفاعية جماعية. وبالتالي هي تدافع عن نفسها بإمكانياتها الخاصة في ظروف اقتصادية لا تسمح وغير ملائمة.
وحدودنا كلها في حالة توتر أمني أو حروب أو وجود قواعد عسكرية أجنبية، والظاهر أنها في حالة محاربة الإرهاب الدولي، ولكن ذلك يدخل في الصراع بين القوى العظمى، الصين والولايات المتحدة وروسيا، في إطار صراع تموقع في أفريقيا.
وفي كل هذه الظروف تبقى قضية الصحراء الغربية قضية تصفية استعمار، إذا امتثلنا إلى القانون الدولي الذي ينادي به الكل، واحترمنا الالتزامات التي تقدم بها المغرب لحل هذا المشكل عن طريق استفتاء تقرير المصير، وكان قد طالب به رسميا ملك المغرب الحسن الثاني في قمة نيروبي بكينيا سنة 1981 وفي الأمم المتحدة من طرف رئيس الوزراء المغربي محمد كريم العمراني سنة 1985.
وعلى هذا الأساس تم التدقيق في إحصاء السكان في الصحراء الغربية، الذي أجرته إسبانيا في السبعينيات، لمباشرة تنظيم الاستفتاء، ثم تراجع المغرب عن كل الوعود التي قطعها.
*لكن تُتهم الجزائر بأنها وراء البوليساريو وتستغلها لتصفية الحسابات مع المغرب؟
**الذي يعرف تاريخ ثورة التحرير الجزائرية، يعي بأنها مؤازرة للشعوب وتأييدها من أجل استقلالها يدخل في هوية الجزائر وعقيدة سياستها الخارجية، وقد أيدنا حركات التحرر في أمريكا اللاتينية والوسطى وآسيا وأفريقيا منذ حرب التحرير، والدليل على ذلك هو تدرب مانديلا مع جيش التحرير الجزائري قبل الاستقلال سنة 1961.
يعني تاريخيا موقفنا واضح ومستقر فيما يخص قضايا التحرر، فكيف نلوم بلدا دعم الجبهة الساندينية في نيكاراغوا، وmpla  في انغولا وفي فيتنام، ويسكت عما يجري في حدوده؟

صحيح انه عندما لا تكون منخرطا في منظومة دفاعية متعددة الأطراف فإن الدفاع عن حدودك مكلف، لكن هذا هو تكلفة استقلالية وسيادة القرار الخارجي. على عكس الجار المغربي الذي يتمتع من مساعدة عسكرية مباشرة من دول الخليج وبتأييد دبلوماسي من بعض الدول الغربية خاصة فرنسا.
واعتبارا بأن قضايا الأمن لا تتجزأ، فلا يعقل التجند لمحاربة الإرهاب على أساس أنه يمس بالأمن والاستقرار الدوليين، وفي الوقت نفسه النفخ على النار وتغذية نزاع عسكري في المنطقة من خلال دعم المغرب في تعنته.
هذه الازدواجية في المواقف في قضايا الأمن لا تخدم الاستقرار في المنطقة، الذي يمر حتما عن طريق الحل النهائي والدائم للقضية الصحراوية في أقرب الآجال، والرجوع إلى المسار السياسي بمفاوضات مباشرة وحسب أجندة متفق عليها للخروج نهائيا من الأزمة.
*بالرغم ذلك تبقى الصحراء الغربية سببا رئيسيا في توقف قطار الاتحاد المغاربي كما يذهب إليه البعض؟
**من بين المغالطات الشائعة في الإعلام ومنافية تماما للحقيقة هي هذه الفكرة. النزاع في الصحراء الغربية بدأ سنة 1975 والمسار المغاربي بدأ سنة 1988 هذا يكفي للقول إن الاتحاد المغاربي قام ومشكلة الصحراء الغربية قائمة، لأنه قام بعد تفاهم رؤساء المنطقة في زرالدة بالجزائر على الفصل بين القضية الصحراوية والبناء المغاربي.
وعلى عكس ما يشاع تم الاتفاق على أن بناء الاتحاد المغاربي يخلق شبكة من المصالح المشتركة بين دول المنطقة ويساعد في حل النزاع، وفي هذا الإطار استقبل الملك محمد السادس وفدا صحراويا رفيعا في سنة 1989 .
المغرب تعنت وتراجع عن اتفاق مراكش، ومع ذلك أصبح يعتبر الموقف المبدئي الجزائري هو سبب الانسداد، وأكثر من ذلك المغرب يعتبر الموقف المبدئي للجزائر عدوانيا، مع أنه يعرف جيدا موقف الجزائر، ومع ذلك يطالبها بالتنازل عن شيء ليس ملكا لها. المغرب هو الذي جمد المشاركة في نشاط الاتحاد المغاربي.
*في تقديرك أي سيناريو أقرب اليوم في الصحراء الغربية، الحرب أم الحل السلمي؟
**الوضع متأزم، والحل هو بالرجوع إلى المسار السلمي السياسي، وهذه الحرب اندلعت لأن هناك انسدادا منذ 1991 للمسار السياسي، فهذه الحرب قد تسرع الحل السياسي.
إن اندلاع الحرب ذكرت المجتمع الدولي في هذا المشكل وفي هذا الشعب المنسي منذ 30 سنة وجعلت الناس تدرك حجم المشكل.
كل الدول تنادي الآن إلى حل سياسي سلمي يسمح للصحراويين بتقرير مصيرهم، وهذا في حد ذاته انجاز كبير. الدول العظمى والاتحاد الأوروبي يعترفون أن هناك تماطلا حقيقيا في معالجة هذا النزاع الذي يدوم منذ 1975.
* بالحديث عن المواقف من قضية الصحراء الغربية، كيف ترى فتح الإمارات قنصلية لها بمدينة العيون؟
**أكيد أن فتح قنصليات في العيون موقف مناف لكل اللوائح الدولية، لأن ليس هناك أي سيادة للمغرب على أرض ما زالت تصنفها الأمم المتحدة في مسار تصفية الاستعمار، فضلا على ان ليس لدول الخليج جالية في الصحراء الغربية المحتلة.
ويبقى فتح القنصليات لا يؤثر أساسا على مسار القضية لا في الاتحاد الأفريقي ولا في الأمم المتحدة، ويعتبر سابقة في العلاقات الدولية، ولا أعتقد أنها تخدم المصالح الدبلوماسية للدول التي فتحت هذه القنصليات

Contact Form

Name

Email *

Message *