اليهود الذين هجرهم ملك المغرب لبناء الكيان الصهيوني انتهى بهم الأمر جنود في جيش الاحتلال يقتلون الفلسطينيين ويهجرونهم من ارضهم
لقد سمح الفرنسيون لليهود المغاربة بالذهاب للعيش في إسرائيل (وغادر منهم فعلا 70000)، لكن الملك الجديد بعد الاستقلال محمد الخامس قيّد حق اليهود في السفر وحظر هجرتهم إلى إسرائيل و تم إعلان الصهيونية جريمة في عام 1959، كما اعتقد الملك مثل الحكام العرب الآخرين، أن أي شخص ينتقل إلى إسرائيل لن يقوم فقط بتعزيز الدولة اليهودية، ولكن كمجند، يمكن أن ينتهي به الأمر إلى عسكري يحارب العرب، وحتى إخوانه في المغرب.
حاول الموساد إيجاد طريقة للالتفاف حول قرار الملك وحشد فريقا من الجواسيس الإسرائيليين (العديد منهم من اليهود المغاربة) وجميعهم من المتحدثين بالفرنسية والعربية، للبحث عن أفضل السبل لانتزاع ما تبقى من 150 ألف يهودي من المغرب.
أطلق على الفريق اسم “ميسجيريت (Misgeret) ” وكان مسؤولاً ليس فقط عن الهجرة غير الشرعية إلى إسرائيل ولكن أيضًا عن تنظيم وحدات للدفاع عن الطائفة اليهودية من التهديدات والمضايقات من قبل غالبية عربية مسلمة معادية بشكل متزايد. كانت وحدات الدفاع عن النفس مسلحة بالأسلحة وأشرف عليها شموئيل توليدانو ، أحد عملاء “الموساد” منذ فترة طويلة وهي العملية التي استمرت لمدة خمس سنوات.
وقد رتبت عملية “ميسجيريت” استعمال سيارات الأجرة والشاحنات لإخراج اليهود من المغرب. وعند الاقتضاء، دفع رشاوى لجميع أفراد الشرطة أو الدرك الذين يرتدون الزي الرسمي على طول الطريق. كان الطريق المفضل للخروج هو المرور عبر طنجة وهي في ذلك الوقت مدينة دولية، ومن مينائها تستمر الرحلة على متن السفن إلى إسرائيل.
في وقت لاحق تم استخدام مدينتين على الساحل المغربي بقيتا تحت السيطرة الإسبانية هما سبتة ومليلية كقاعدتين للمشروع، ومن أجل استخدام تلك النقط الإسبانية حصل الموساد على التعاون الكامل من حاكم إسبانيا الفاشي ، الجنرال فرانسيسكو فرانكو.
يعتقد “الموساد” أن فرانكو تصرف بدافع الشعور بالذنب بسبب علاقاته بهتلر (والتي تضمنت تسليم قوائم مفصلة عن اليهود الإسبان) ، وحتى ، كما اعتقد البعض نوعا من التكفير عن خطيئة طرد إسبانيا ليهود الأندلس بعد عام 1492.
كما اشترى “الموساد” معسكرًا سابقًا للجيش يقع في مستعمرة جبل طارق البريطانية ، على الساحل الجنوبي لإسبانيا وحول أرض المعسكر والثكنة إلى منشأة استقبال ونقل لليهود الخارجين من المغرب.
بيع اليهود المغاربة مقابل 50 مليون دولار
في 10 يناير 1961 ، انقلب قارب صيد اسمه “إيجوز” (برج الحوت)، كان مكتظًا بالهاربين اليهود سرا من المغرب، في عاصفة بين الساحل المغربي وجبل طارق وغرق 42 رجلاً وامرأة وطفلاً مع عامل راديو في “الموساد”، وأثارت الكارثة التعاطف في الخارج لكنها كشفت عملية “الموساد” السرية
أصبحت العملية بأكملها والمساهمون فيها في خطر ، لكن لحسن حظ إسرائيل، مات محمد الخامس في مارس 1961 وحل محله ابنه الملك الحسن الثاني.
سعى الملك الجديد إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة، وقد أقنعته “لجنة التوزيع المشتركة اليهودية الأمريكية” و”الجمعية اليهودية لمساعدة المهاجرين”، وهما منظمتان إنسانيتان يهوديتان أمريكيتان رئيسيتان، بأنه سيربح سمعة جيدة إذا سمح ليهود مملكته بالمغادرة نحو إسرائيل.
وفي المقابل، دفعت هذه المنظمات رشاوى للحاكمين الجدد في المغرب، وهي في الواقع عبارة عن مبلغ محدد عن كل رأس يهودي مسموح له بالسفر، وكان الدفع يتم على شكل “تعويض” للحكومة المغربية بزعم استثمار تلك المبالغ في التعليم اليهودي المحلي. وقد دفعت المجموعتان، بدعم من التبرعات اليهودية الأميركية، ما يقرب من 50 مليون دولار لترطيب الخواطر و تمكين ما يقرب من 60000 من يهود المغرب من المغادرة.
وقد بدأت مرحلة جديدة من مشروع الهجرة، تسمى “ياخين” وهو اسم إحدى الركائز التي يقف عليها هيكل سليمان، ومرة أخرى كان يديرها ّ”الموساد”، وبهذه الطريقة استطاع 80000 يهودي آخر مغادرة المغرب نحو إسرائيل بين عامي 1961 و1967.
ومنذ ذلك الحين، عملت الجالية اليهودية الصغيرة التي بقيت في المغرب كجسر للعلاقات الإسرائيلية المغربية، لا سيما خلال الأزمات.
إن مشروع “ميسجيرت”، الذي جمع بين الهجرة والدفاع عن النفس الجماعي والرشاوى، كان نموذجا للعمليات التعاونية والسرية في المستقبل بين “الموساد” و”لجنة التوزيع المشتركة اليهودية الأمريكية”، نيابة عن الجاليات اليهودية الأخرى التي تعاني من التضييق في جميع أنحاء العالم، من الأرجنتين إلى العراق وأوروبا الغربية ثم اليمن وإثيوبيا.