-->

حرب الجيل الرابع : الحرب النفسية و تاثيراتها السلبية على المجتمعات (الجزءالتاسع ) التخريب السياسي والايديولوجى: كجزء من الاستراتيجية المعادية ـ حالة الشعب الصحراوي ـ


منذ التوقيع على وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع الجبهة الشعبية لتحري الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) والمملكة المغربية يوم 06/09/1991 للشروع في تطبيق الاجراءات المؤدية الى استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية، بدأ النظام المخزني يعد العدة ويسابق الزمن من اجل تنفيذ حلمه الكبير الذي يراهن عليه منذ زمن بعيد، وبإرشادات ومرافقة من المخابرات الفرنسيىة والاسرائلية وبتمويل سخي من ممالك الخليج.
يوم توقيف إطلاق النار، انتهت الحرب الخشنة او الصلبة التي لم تعطِ ثمارها المرجوة منها لتفتح المجال لحرب من نوع آخر أخطر بكثير من الحرب التقليدية وهي حرب تنخر الجسد كالورم الخبيث حتى تقضي عليه، انها حرب الجيل الرابع او الحرب النفسية بجميع انواعها واساليبها التضليلية والتخريبية على المستوى العقائدي والثقافي والايديولوجي.

دخلت الامم المتحدة والدول الكبرى التي اغلبها داعما للمحتل المغربي على الخط ,فجاء مخطط التسوية الاممي الذي توقف عند وقف اطلاق النار ,لانه الهدف الحقيقي والذي تبين بوضوح بعد سنوات من التاخير والتاجيل وهو ما اتضح جليا بعد موت الامين العام للامم المتحدة السابق السيد كوفي عنان وبانه جاء للبحث عن حل اقصاه الحكم الذاتي وهي المهمة التي كلف بها السيد جيمس بيكر حسب المعلومات المسربة بعد ذلك,الا انه كان ايضا خطة تندرج في اطار الحرب النفسية هدفها وقف اطلاق النار والرهان على عامل الوقت(الحرب النفسية –النوع الرمادي) واساليب الحرب النفسية لتفكيك الجبهة الداخلية وانهاء مقاومة الشعب الصحراوي ,وفي هذا الاطار جاءت خطة سياسة ورفع شعار الوطن غفور رحيم نهاية الثمانينات لاصطياد ما يمكن اصطياده من الصحراويين من ذوي النفوس الضعيفة بالمناطق المحتلة ومن المخيمات والمهجر واساسا القادة الذين عجزوا عن مواصلة الصمود وفضلوا الارتزاق والانبطاح، ثم مرحلة الاغراءات الكثيرة للاجئين الذين خرجوا للتو من الحرب بدون اساس اقتصادي او مالي لمواجهة الحياة الجديدة ,كما ان الظرفية اصبحت سانحة حسب تقييم الاحتلال واعوانه وعملائه للعب على الجانب المادي للتاثير على المعنويات العامة واللعب على وضعية اللاحرب واللاسلم والهجوم على التنظيم السياسي والتشكيك في مصداقية القيادة والنبش في اخطاء المرحلة السابقة والترويج لانسداد افق الحل وقوة الاحتلال وقوة حلفائه لبث الياس والقنوط وخلق مشاكل بين القادة فيما بينهم وبين القيادة والقاعدة وفي صفوف القاعدة وتضخيم المشاكل البسيطة والترويج لاستحالة قيام الدولة وما الى ذلك ,والتشجيع على الفرار نحو العدو وولوج ساحة التهريب والتمرد على التنظيم والدولة والهجرة نحو الخارج تحت شعار(عدل شي لراسك ذا مافيه امل) واعطاء صورة ان الصحراويين فقط مع الحرب ووقف الحرب يعني انتصار المغرب وان الامم المتحدة بدون فائدة والمشروع الاممي يتحكم فيه المغرب وفرنسا وامريكا وسيخضع للتاجيلات حتى ينتهى بالتسليم للمغرب ,وهي الرهانات التي دفعت المحتل المغربي الى رفض مخطط التسوية الاممي وبعد ذلك رفض مخطط المبعوث الشخصي السيد جيمس بيكر والعمل الى اطالة الوقت لتحقيق النتائج المرادة .

لم يحقق المغرب وحلفاؤه الكثير ولا حتى القليل مما راهنوا عليه ,حيث على العكس تماما ,تقوت الجبهة واتسعت مؤسسات الدولة الصحراوية وتقوت القوة الداخلية وصلبت الوحدة الوطنية واشتد التمسك بالجبهة واكدت التقارير التي يعدها خبراء الدول الوازنة على فشل الرهان وكانت محاولة مرور رالي باريس-داكار في 2001 درسا قاسيا اكد للعدو وحلفاءه ان رهاناتهم بهتانا وان الحسابات اعطتهم نتائج معكوسة وبرز عامل الانتفاضة في 2005 لتؤكد ذلك , فانتهت دعاية المحتجزين في تندوف و انتهت اسطوانه التنمية بالمناطق المحتلة وكسب الصحراويون بالمناطق المحتلة ومدن جنوب المغرب وتحركت المواقع الجامعية واصبحت سياسة الاحتلال نقمة عليه بدل نعمة بفعل قوة وصلابة ارادة الشعب الصحراوي ومقاومته وقوة مقومات صموده ,وفشلت احد اهم اوراق قوة العدو داخليا والمتعمدة على القوة التي ظلت وسيلته للترهيب ,واصبحت المظاهرات شبه يومية ورفعت الشعارات المطالبة بالاستقلال في كافة المدن الصحراوية ومدن جنوب المغرب ثم رفعت الاعلام الوطنية وتهاوت قوات قمع العدو واصبحت رغم تكاليفها الباهضة في خبر كان وبدون جدوى.

سنة 2007، قرر الثلاثي بوش –شيراك- محمد السادس اعداد وتقديم مقترح تحت اسم مقترح مغربي للحل او مقترح المغرب للحكم الذاتي ,وكان الهدف حسب الثلاثي ان يقدم المغرب المقترح يوم 11 ابريل الى مجلس الامن ,وبما ان الجبهة لم تقدم شيئا فان الثلاثي سيفرض اعتماد المقترح وتعطى لجبهة البوليساريو فترة ستة اشهر للاعداد لتنفيذه ،المفاجاة كانت بالضبط يوم10 ابريل عندما قدمت الجبهة مقترحها بيوم قبل تقديم المغرب لمقترحه ,تفاجأ الثلاثي :,الذي كان يدفع نحو مقترح المغرب وبنى كل شي على اساسه ,لان الوضع تغير كلية واصبح على الطاولة مقترحان بدل المقترح الواحد ففشلت الخطة وهو مادفع الى تبني قرار التفاوض بين طرفي النزاع بدون شروط مسبقة وبحسن نية من اجل التوصل الى حل سلمي ,عادل ودائم ومقبول يضمن لشعب الصحراء الغربية ممارسة حقه في تقرير المصير انطلاقا من ثوابت ومقاصد ميثاق الامم المتحدة




القرار اعتبره المغرب في البداية ظرفيا,اعلاميا وكان متاكدا ان المفاوضات التي دعى اليها مجلس الامن ستكون بالضرورة على اساس مقترحه وله كافة الضمانات من فرنسا ومن ادارة بوش وكل شي على مايرام حتى استقال فان فان والسوم وتم تعيين كريستوفر روس مبعوثا شخصيا للامين العام للامم المتحدة ,وبدات المفاوضات تاخذ مجراها في الاتجاه الصحيح ,وتفجرت قضية المعتقلين العشرة الذين قادوا زيارات الصمود والتحدي الاولى الى مخيمات اللاجئين ,ثم قضية اعتصام امينتو حيدار بمطار لانثاروطي بجزر كناريا التي مست بشكل كبير صورة المغرب المزيفة ثم مخيم اكديم ايزيك لينسحب المغرب من جولة المفاوضات التمهيدية للجولة الخامسة بشكل نهائي في فبراير 2012 بعد تاكده على ان الطريق مسدود امام اي توجه غير الذي يضمن للشعب الصحراوي حقه في الاستقلال التام وبناء الدولة الصحراوية الحرة السيدة على كامل ترابها الوطني

في هذه المرحلة بالذات بدات معطيات عدة تطفو على السطح :

• التوجه الافريقي الذي بدا يظهر الصرامة ,منذ قمة طرابلس ,في التعامل مع قضية تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية ويضغط كشريك للامم المتحدة في مخطط التسوية 

• تزايد الاهتمام الاوروبي بالقضية الصحراوية وبروز مواقف متقدمة من دول بشكل منفرد او من مجموعة دول مثل دول الشمال وبريطانيا خصوصا بعد نجاح الجبهة في تجريد اسبانيا من صفة مرجعية اوروبا في القضية الصحراوية بحجة انها القوة المستعمرة السابقة والقوة المديرة للاقليم 

• اتساع دائرة التضامن الدولي وتنامي الحركة التضامنية مع كفاح الشعب الصحراوي العادل خصوصا على مستوى الاحزاب والبرلمانات 

• فشل محاولات المغرب للتشويش على المؤتمر 13 للجبهة 

• تزايد فعل الانتفاضة الاستقلال وتعاظم وحدة الشعب الصحراوي وتمسكه بالجبهة

• صمود اللاجئين و تقوية مؤسسات الدولة وتصاعد علاقاتها الثنائية 

وفي هكذا وضع , وامام فشل كل الرهانات ورؤية الطريق مسدودا في كل الاتجاهات والتوجه بالقضية الصحراوية نحو الحل وكسب المزيد من عوامل القوة وبعد دراسة معمقة لماحدث في دول عربية بالاساس في ظل ما سمي بالربيع العربي والدور الذي لعبته الحرب النفسية في طبعتها الجديدة ,حرب الجيل الرابع بدا التخطيط بشكل دقيق لخوض هذه الحرب الجديدة التي ادت الى نهاية دول وفشل اخرى وانهاء انظمة كانت حتى الامس القريب توصف بالقوية ,ضد الشعب الصحراوي ,وبدات ماكينة المخابرات الفرنسية والاسبانية والمغربية في العمل وبدا ت الاموال تجمع من دول الخليج والتحضير لحرب الجيل الرابع ضد الشعب الصحراوي ,لان القناعة ترسخت بان:

• لاحل للقضية دون الحل الذي يرضاه الشعب الصحراوي

• لامساومة على حل اخر الا بتفكيك صفوف البوليساريو

• لاتفكيك للبوليساريو بدون فصل قاعدته عن قيادته ثم فصل الشعب الصحراوي بعضه عن البعض الاخر

• لامحاولة حل آخر خارج اطار الاستقلال مع القيادة الحالية والتي لم تسقط في فخ الاغراءات لتخون وتنضم الى صفوف العدو ومصرة على ان الحل هو الاستقلال 

• لاحل ولابديل عن الدولة الصحراوية الا باقناع العالم بانها مثال للدولة الفاشلة في شمال افريقيا ,غير قادرة على الصمود و مهددة للامن والاستقرار عاجزة عن مواكبة متطلبات المرحلة الدولية 

• ضرورة التصعيد في تشويه كفاح الشعب الصحراوي وسمعة جبهة البوليساريو الدولية

• لابد من الفعل لتفكيك صف جبهة الارض المحتلة وعزلهاعن مركزية تنظيم الجبهة وعزلها عن بعضها البعض وتقزيم فعلها 

• لابد من الانضمام الى الاتحاد الافريقي لتعطيل دوره المؤثر في العملية

• لابد من خلق مشاكل للجزائر وان امكن بين الجزائر والجمهورية الصحراوية 

لكن وفي المقابل هناك ارضية ملائمة حسب تحليل المحتل بتطبيق مقتضيات حرب الجيل الرابع على الشعب الصحراوي :

• طول انتظار الحل السلمي الذي ترتبت عنه نوعا من الياس في نفوس بعض الصحراويين وانعدام الثقة في المنتظم الدولي واساسا الامم المتحدة وبعثتها في الصحراء الغربية خصوصا مع الصور البشعة التي تنقلها وسائل الاعلام عن القمع الممنهج والتعذيب والضرب وحتى القتل والتصفيات الجسدية التي يمارسها المغرب ضد الصحراويين بالمدن المحتلة ومدن جنوب المغرب وبالمواقع الجامعية امام صمت العالم وعدم اكتراثه

• الملل الذي تسرب لبعض الصحراويين واساسا الشباب الذين لم يعيشوا المعاناة الاولى ولم يعيشوا الحرب المسلحة ولايعرفونها ولم يشاركوا في مجابهة العدو بشكل مباشر

• طغيان المادة والتهافت عليها بالسبل المشروعة وغير المشروعة واساسا التهريب والهجرة وحتى البحث عنها بالخيانة والالتحاق بالعدو 

• ضعف فعل التنظيم السياسي للجبهة وعدم وضوح الرؤية في التعامل مع ازدواجية الدولة والحركة وغياب شبه كلي لسطة التنظيم السياسي وبروز دور الجمعيات والمجتمع المدني 

• بداية بروز بعض الخلافات داخل القيادة السياسية للجبهة مع انها حتى ولو وجدت فلم تكن يوما حول الهدف والمسار بل حول الاساليب اساسها الطموح والرغبة في التعجيل بالحل فمن يطالب بالعودة للكفاح المسلح للفرض الحل ومن يدفع باتجاه التمسك بالامم المتحدة واخذها بقراراتها مادامت متمكسة بحق الشعب الصحراوي في تقرير المصير 

• وجود بعض الاختلالات في التسيير وفي سلوكات وتصرفات ومثالية بعض الاطر 

• بروز ارضية تناقضات وتنافس غير مؤسس بين جمعيات ومجموعات الفعل النضالي بالارض المحتلة ومدن جنوب المغرب وداخل مجموعات الصف الطلابي بالجامعات والمعاهد المغربية

• نوع من الخلل في السياسة الامنية خصوصا بعد اختطاف المتعاونين الثلاثة من المخيمات و بروز مجموعات او نوايا عصابات تهريب للسجائر والمحروقات وبداية التعامل مع المخدرات 

• تضاعف ظاهرة الهجرة الى الخارج وعدم وجود رابط بين الجالية والتنظيم السياسي للجبهة 

• بداية الازمة المالية العالمية وتاثر المساعدات الانسانية وتقلصها بالنسبة للمخيمات واساسا في المواد الغدائية والادوية وشبه توقف لبعض المنظمات الانسانية عن الفعل مما بدا يخلق مشاكل حقيقية للحكومة الصحراوية 

• انتشار ارضية عمل حرب الجيل الرابع بالمخيمات ووسط الجاليات الصحراوية وحتى في صفوف جيش التحرير الشعبي وهذا هو الاهم الشبكة العنكبوتية والفيس بوك واتويتر والوات ساب وما الى ذلك وبعض المواقع الذي قد تشكل ارضية داخل وخارج المخيمات وبالارض المحتلة

• توفر المغرب على ارضية واسعة من المواقع الاكترونية والمؤسسات الاعلامية من تلفزيونات واذاعات ومجلات وصحف مغربية وغير مغربية .(16)

*المرجع :مقال مكاسب الشعب الصحراوي والحرب النفسية

الجزء الثاني للكاتب محمد سالم لعبيد..

...... يتبع

المامي حمادي اعبيدي.

Contact Form

Name

Email *

Message *