مجلة الحوار الجزائرية في لقاء مع الامين العام للرابطة العالمية للدعاة والمفكرين المسلمين لنصرة الشعب الصحراوي
في حوار مع الامين العام للرابطة العالمية للدعاة والمفكرين المسلمين لنصرة الشعب الصحراوي، الداعية والامام المحجوب محمد سيدي تطرقت مجلة الحوار الجزائرية لمستجدات القضية الصحراوية وعلاقتها بالعالم العربي والاسلامي ودور العلماء والدعاة في التعريف بها وفيما يلي نص حوار الجريدة:
الحوار -أنتم على رأس الأمانة العامة للرابطة العالمية للدعاة والمفكرين المسلمين لنصرة الشعب الصحراوي ، نود معرفة هذه الهيئة؟
المحجوب محمد سيدي في البداية اتقدم بالشكر الجزيل لكم ومن خلالكم لكل الاقلام الحرة التي تنافح عن الحق والقضايا العادلة واسماع صوتها الى العالم وتبليغ رسالتها.
فيما يخص الرابطة العالمية للدعاة والمفكرين المسلمين لنصرة الشعب الصحراوي تأسست سنة 2010 من قبل عدد من الاساتذة والباحثين والدعاة المسلمين الصحراويين والمتضامنين مع الشعب الصحراوي من مختلف الاقطار الاسلامية، وقد لعبت الرابطة دورا مهما في التعريف بالقضية الصحراوية على الساحة الاسلامية ونقلت صوت الشعب الصحراوي الى عديد الاقطار بفضل الله ثم بجهود الخيرين من العلماء والدعاة الذين قدموا زيارات الى مخيمات اللاجئين الصحراويين والاراضي المحررة من الجمهورية الصحراوية واطلعوا عن كثب على القضية الصحراوية والكفاح الذي يخوضه الشعب الصحراوي ضد الغزو والتشريد والحرمان الذي سببه الاحتلال المغربي للصحراء الغربية منذ عام 1975.
الحوار -ضعنا في حقيقة ما يحدث في الصحراء الغربية؟
المحجوب محمد سيدي : الصحراء الغربية هي واحدة من قضايا العرب والمسلمين في شمال غرب افريقيا، تعرضت للاستعمار الاجنبي على مدار القرون الماضية وقد تصدت المقاومة الصحراوية لكل الحملات الاستعمارية وظلت عصية على الابتلاع او الاستسلام امام المد الاستعماري الاجنبي الذي حاول عبر حقب زمنية متتالية استعمار هذه المنطقة بدا من البرتغاليين مرورا بالايطاليين و الإنجليز والبلجيكيين والفرنسيين و الألمان والاسبان الذين دخلوا المنطقة سنة 1883 الى غاية العام 1975 بعد المقاومة المسلحة للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب التي تأسست يوم 10 ماي 1973 لمواجهة الاستعمار الاسباني وبعد جلاء هذا الاستعمار وبينما كان الشعب الصحراوي ينتظر الدعم والمؤازرة من دول الجوار التي تقاعست عن تقديم يد العون والمساعدة في اخراج المستعمر الاسباني، تآمرت الانظمة الرجعية في المغرب وموريتانيا مع الاستعمار الاسباني ووقعت اتفاقية مدريد المشؤومة في 14 نوفمبر 1975 لتقسم الصحراء الغربية ارضا وشعبا وكانها تتعامل مع قطيع من الماشية في استهتار بكرامة الشعب الصحراوي ومقاومته الباسلة في تحرير ارضه، فاجتاحت جيوش الملك الحسن الثاني الصحراء الغربية من الشمال فيما اجتاحت جيوش الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه المنطقة من الجنوب وهو ما جعل الشعب الصحراوي يتصدى لحرب الابادة التي استهدفته من الشمال والجنوب واصبح المقاومة الوطنية الصحراوية تقاتل على جبهتين وفي هذه الحرب ارتكب الجيش المغربي جرائم بشعة في حق الصحراويين وحرق الاخضر واليابس وهاجم القرى والمداشر الصحراوية بالاسلحة المحظورة دوليا كما تدخل السلاح الجوي الفرنسي إلى جانب القوات الغازية ضد جيش التحرير الشعبي الصحراوي.
وفي 5 غشت 1979 تم توقيع اتفاق السلام بين جبهة البوليساريو وموريتانيا التي اعترفت بالجمهورية الصحراوية واعلنت خروجها من الاراضي الصحراوية التي غزاها المغرب عسكريا وقد ادانت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الغزو المغربي الجديد في قرارها 3734.
وفي خضم حرب التحرير حققت الدولة الصحراوية انتصارات كبيرة توجت في 12 نوفمبر 1985 حين تبوأت الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية مقعدها كعضو كامل الحقوق في منظمة الوحدة الإفريقية، امام انسحاب المغرب الذي واجه العزلة الدولية بسبب احتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية.
وبعد الهزائم التي تكبدتها قوات الاحتلال المغربية لجأ المغرب إلى بناء جدار الذل والعار لحماية ما أسماه بالمثلث النافع، الذي يضم العيون السمارة وبوكراع، حيث يتركز الفوسفات والثروات الطبيعية وواصل في انتهاج اسلوب الاحزمة والجدران حتى وقف اطلاق النار في 1991 وتشكيل البعثة الأممية لإجراء الاستفتاء في الصحراء الغربية وهي المعروفة بالمينورسو ومنذ ذلك التاريخ والشعب الصحراوي ينتظر مهمة هذه البعثة التي ظلت مؤجلة بسبب العراقيل المغربية والتؤاطو الدولي خاصة فرنسا التي حالت دون تطبيق الشرعية الدولية في الصحراء الغربية.
وفي الثالث عشر من نوفمبر 2020 الشعب الصحراوي يستأنف الكفاح المسلح ومعه تبدأ مرحلة جديدة من المقاومة المسلحة لطرد المحتل المغربي من الصحراء الغربية.
الحوار -الإعتداءات المغربية لم تتوقف لحظة ، لكنها ازدادت حدة في الآونة الآخيرة ، كيف حدثت هذه الاعتداءات ؟ و لماذا في هذا التوقيت بالضبط حسب نظركم؟٠
المحجوب محمد سيدي : المغرب قوة احتلال وهو يمارس جرائمه خارج القانون وفي ظل تعتيم اعلامي وتخاذل عربي واسلامي مع هذه المأساة التي تقترب من خمسة عقود عاشها شعب مسلم مشتتا بين الملاجئ والاراضي المحتلة والشتات واليوم يتعرضون للابادة الجماعية في المدن المحتلة التي تحولت الى سجون كبيرة تستباح فيها حرمات النساء والاطفال والشيوخ وتمنع الصحافة والمراقبين الدوليين من زيارة الاقليم المحتل.
وامام تقاعس الامم المتحدة عن الانتصار للحق والعدالة يبقى الشعب الصحراوي عرضة لهمجية المحتل المغربي وانتهاكاته التي لا تفرق بين كبير او صغير ولا بين امراة او رجل.
وهناك اكثر من 600 مفقود صحراوي مجهول المصير اختطفتهم قوات الاحتلال المغربية وهم في عداد المفقودين وهناك قرابة 50 معتقل سياسي صحراوي موزعين في سجون الاحتلال.
إذن الاحتلال المغربي ينتهج سياسة ترهيب وزرع الرعب في منطقة مغلقة ومحاصرة باكثر من 120 الف جندي مغربي.
الحوار: -بعض الدول كان لها موقف متخاذل من الاعتداءات ، ألم يشكل هذا عائقا آخرا في وجه التسوية النهائية للنزاع ؟ وكيف تعاملتم مع هذه الأطراف؟
المحجوب محمد سيدي : هذه الدول التي اصطفت الى جانب المحتل المغربي هي دول معروفة بمواقفها المتخاذلة حيال قضايا الامة العربية والاسلامية وقد وقفت منذ اليوم الاول مع العدوان المغربي في الصحراء الغربية ورفعت اعلامها في المسيرة السوداء التي شردت الشعب الصحراوي الى خارج ارضه وجعلته يعيش اكثر من اربعة عقود في مخيمات اللجوء وهي الدول التي تهرول اليوم في قطار التطبيع مع الكيان الصهيوني وبالتالي فليست دول ذات سيادة وإنما دول تدور في فلك القوى الاستعمارية والغربية التي تريد التحكم في العالم الاسلامي عبر هذه الادوات.
-الحوار -الشعب الصحراوي ، أكيد لن يبقى مكتوف الأيدي ، كيف كان رده على الإعتداءات المغربية ؟ و كيف هو الوضع في جبهات القتال؟
المحجوب محمد سيدي : الشعب الصحراوي هو اليوم اكثر تماسك ووحدة من اي وقت مضى ونحن نشاهد الالاف من الشباب الصحراوي الذين لبوا نداء الواجب الوطني واعلنوا عن تطوعهم للالتحاق بالجبهات الامامية لقتال المعتدين وتحرير الوطن السليب والنساء الصحراويين عكفن عن نسج الخيم وتجهيز المقاتلين الى الجبهات وبالتالي تحولت الاراضي الصحراوية المحررة الى ورشة عمل متكاملة لكل الصحراويين في صورة منقطة النظير لشعب يتوق للحرية والانعتاق وطرد المحتلين الظالمين.
-الحوار -آخر الأخبار المستقاة تشير إلى صمود صحراوي ، حدثنا عن الحالة المعنوية للصحراويين.
المحجوب محمد سيدي : لايمكن التعبير عن حالة المعنويات المرتفعة للصحراويين الذين فرحوا بقرار القيادة الصحراوية استئناف الكفاح المسلح وخروجهم في طوابير طويلة للسيارات جابت كل المناطق تهليلا وترحيبا بالقرار الشجاع ورفع الاعلام الوطنية التي وشحت بها الساحات والاليات في حالة تعكس المعنويات العالية التي يتمتع بها الشعب الصحراوي خاصة فئة الشباب التي برهنت بانها اجيال واعية وتنتمي لاحفاد الشهداء والمجاهدين الذين طردوا المستعمر الاجنبي على مر السنين.
-الحوار -ماذا عن النشاط الديبلوماسي ؟ و هل هناك أوراق أخرى يمكن للصحراويين من توظيفها؟
المحجوب محمد سيدي : المعركة اليوم مع الاحتلال المغربي لا تقتصر فقط على الساحة العسكرية بل تأهب الشعب الصحراوي لخوضها على كافة المستويات الاعلامية والدبلوماسية والسياسية ونقل المعركة الى كل المنابر والساحات العالمية.
-الحوار -مثلما ذكرنا سابقا ، هناك دول صدمت كثيرا الشعب الصحراوي من خلال دعم قوي منحته لدولة المغرب ، كيف تعاملتم معها ؟ و هل من أمل في تغيير مواقفها ؟
المحجوب محمد سيدي : هذه الدول كما اسلفت هي دول في مجملها فاقدة لقرارها السيادي وبالتالي مجرد ادوات في يد الاستعمار وهي مؤطرة ضمن مشروع لاخضاع العالم العربي والاسلامي للهيمنة الاجنبية ورهاننا على النخب الواعية في هذه الدول والتي عبرت في اكثر من موقف عن تعاطفها مع الشعب الصحراوي في كفاحه المشروع ورفض قرارات دولها الظالمة ضد الدفاع عن قيم العدالة والحرية ونصرة المظلومين والمضطهدين.
ونحن لا نتوقع ممن باع فلسطين في رابعة النهار ان يصطف الى جانب الشعب الصحراوي الذي يعيش نفس الواقع الذي يعيشه الشعب الفلسطيني الشقيق، لان المغرب واسرائيل وجهان لعملة واحدة اسمها الاستعمار.
-الحوار -ما موقع الهيئة الأممية من الإعتداءات المغربية ؟
المحجوب محمد سيدي : الهيئة الاممية تؤكد على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال وتصنف القضية الصحراوية ضمن قضايا تصفية الاستعمار لكن تؤاطوها المفضوح مع الاحتلال المغربي والاستجابة لضغوب بعض دول مجلس الامن خاصة فرنسا في تعطيل الحل النهائي لقضية الصحراء الغربية بما ينسجم مع قرارات ولوائح الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي وراي محكمة العدل الدولية يجعل الشعب الصحراوي يفقد ثقته في هذه المنظمة.
-الحوار -الجزائر ، البلد الوحيد الثابت على موقفه اتجاه قضية الصحراء من خلال اعتبارها قضية تصفية إستعمار ، ماذا تقول للجزائريين؟
المحجوب محمد سيدي : الجزائر هي بلد الشهداء وبلد التضحيات الجسام هي مكة الثوار وقبلة الاحرار، جزائر المثل والقيم التي تأسست على ميثاق اول نوفمبر الذي اصبح فخرا لكل احرار العالم، الجزائر التي ناصرت ووقفت مع كل شعوب المعمورة المكافحة حتى نيل حريتها وكرامتها دون قيد او شرط.
الجزائر التي احتضنت الشعب الصحراوي حين غدر به المحتل المغربي وهاجمته قوات الجيش الملكي بكل وحشية وارتكبت مجازر مروعة لا تزال مقابرها الجماعية شاهدة اليوم على فظاعة تلك الجرائم، وجد الشعب الصحراوي في الجزائر الحضن الدافئ واليد المعينة التي ضمدت الجراح وقدمت الدعم المادي والمعنوي لاكثر من 100 الف لاجئ فارين من حجيم الغزو المغربي الداداهي.
الجزائر التي عرفت معنى الحرية من خلال مليون ونصف مليون من الشهداء وقدمت في سبيل حريتها الكثير من التضحيات هي اليوم تناصر وتحتضن القضية الصحراوية كما لقضية الفلسطينية وكما كل القضايا العادلة.
ومن هذا المنبر نتوجه بالتحية والاجلال لكل الشعب الجزائري الشقيق الذي ظل عنوانا للشهامة والنخوة التي افتقدها وبكل اسف اغلب العرب في زمن التضحية بالقضايا العادلة من اجل الاغراءات والضغوطات والاستسلام للدوائر الغربية.
-الحوار -ما هو الدور و الجهود الذي يجب أن يلعبها الأئمة و الدعاة و المفكرين العرب خاصة و الأفارقة بصفة عامة ، في سبيل اعادة الحق المسلوب من الشعب الصحراوي؟
المحجوب محمد سيدي : هناك جهود مشكورة لعدد من الائمة والدعاة المسلمين من افريقيا وخارجها وقد عقدنا لقاءات كثيرة معهم وقدم بعضهم في زيارات الى مخيمات اللاجئين الصحراويين وهناك تواصل مستمر معهم واطلاعهم على كل المستجدات ولهم دور محمود جزاهم الله خيرا عن مايقدمونه من دعم ومناصرة للشعب الصحراوي
-الحوار -نترك لكم إنهاء الحوار ، تفضلوا
المحجوب محمد سيدي : في ختام هذا الحوار نشكر لكم هذه الالتفاتة الطيبة ومن خلالكم نوجه رسالة الى جميع من يصله هذا الحوار بان هناك شعب مسلم شرد من وطنه وانتهكت اعراضه ورملت نساؤه على يد نظلم ملكي توسعي لا لشيء سوى انه شعب قليل العدد ويمتلك خيرات وموارد طبيعية حباه الله بها في ارضه التي حباه الله بها وهو اليوم يخوض معركة الحق والكرامة وينتظر النصرة من كل المسلمين واصحاب الضائر الحية فهبوا لنصرته وتقديم يد العون له وفي الاثر (إذا رأت أمتي الظالم ولم تأخذ على يديه أوشك الله أن يعمهم بعقاب).