-->

رسالة الإتحاد الأوروبي للمغرب .. إنتهى زمن "التَّرْجالْ"..!


بقلم: محمد مغاديلو

المتتبع لأحداث السياسة الخارجية للمغرب خلال مطلع هذه السنة، يلاحظُ بشكل بيِّن ذلك التخبط غير المؤسس في سلسلة القرارات و المواقف الإرتجالية التي لا تنم عن مستوى المؤسسة المغربية العتيقة التي كانت تُوجَّه سياساتها بشكل مباشر و غير مباشر من لدن الحاضن الأول لها "فرنسا".

فالإرتماء في الأحضان الصهيوأمريكية و سوء التعامل و الإحتقار و الإبتزاز السياسي للجيران و تنفيذ السياسات العرجاء و البذل و تبذير أموال الفقراء في صفقات خاسرة و غير مدروسة؛ كلها مؤشرات تدل على أن المغرب فقد حنان "المُرجلُ" الذي لطالما رسم الخطوط العريضة للسياسات الخارجية المغربية بإغداغ و سخاء لا متناهي.

فرنسا؛ التي ترعى سياسات الإتحاد الأوروبي و تساهم ماليا في تمول الكثير من المشاريع الأوروبية في كل قارات العالم، لم تعد تعطي أهمية كبيرة للقيطها في القارة الإفريقية بعد عشرات السنوات من "الترجال" السياسي السخي، خاصة بعد فتح المغرب لبابه أمام اللوبي الصهيوأمريكي الغير مرحب به أوروبيا في المنطقة خاصة من لدن فرنسا؛ بحيث لم تكن دول القارة العجوز راغبة في طرق أبواب بيتها العتيق من طرف المنافسين التقليديين، كون أن المغرب البوابة المنفوشة للأولوج إلى القارة الإفريقية.

فرنسا، التي لم تصرح بذلك بشكل علني عبر قنواتها الرسمية، تركت العنان لأبواغها الإعلامية الأخرى التي بدأت بالتلميح و توزيع أفلاشات خيبة الأمل التي قُوبلت بها فرنسا من طرف المكفول المتمرد - المغرب بعد سنوات كثيرة من "الحش" و الحضانة و "الترجال" و الفيتو الطازج لصالح القضايا الحساسة جدا بالنسبة للمغاربة كقضية الصحراء الغربية.

ففي إحدى الجرائد الأكثر صيتا في فرنسا جريدةLe Monde التي تناولت الموضوع بصراحة عالية عبر مقال ناري جدا هاجمت فيه المغرب رغم حاجة أوروبا لثروات و سياحة و عمالة الشعب و المؤسسات المغربية، بحيث جاء في بعض فقرات نص الجريدة:

(لقد حان الوقت لتغيير النظرة الساذجة تجاه المغرب .. فالدولة المغربية صارت تمارس نفس  سياسة القذافي واردوغان في الماضي من ناحية توظيف سلاح الهجرة للضغط على اوروبا وإبتزازها، منتشية بإختراقها الديبلوماسي مع الولايات المتحدة و إسرائيل.

تمتلك المملكة بلا شك أوراقًا ثمينة للعب: ​​بوابة إلى غرب إفريقيا، الإسلام المستنير، التعاون الأمني، ملف الهجرة و جالية ديناميكية في أوروبا، كما أنها قد تكون مؤثرة في بعض الأحيان. لكن هذا الرأسمال الديبلوماسي يختفي وسط هذا الانحدار  السلطوي المقلق الذي يتجلى بشكل واضح في تقييد الحريات عبر سجن الصحفيين والمثقفين والناقدين للسلطة.

بإسم الصداقة التي يجب أن تظل قائمة، فإنه قد حان الوقت كي يرسل الأوروبيون إشارات قوية إلى المغرب بأن رصيده السياسي في الخارج قد تضرر  أو أوشك على النفاذ..وأن الدفاع عن مصالحه المشروعة يجب ألا تعميه عن حسن معاملة مواطنيه وجيرانه معاملة كريمة تليق بمستواه الذي صار متدنيا كثيرا.)

إن إستعمال المغرب لملف الهجرة بشكله الفوضوي و المفضوح تجاه إسبانيا و الدول المجاورة، سيجبر لا محالة الإتحاد الأوروبي على النظر من جديد في إتفاقيات الشراكة المستقبيلة مع المملكة المغربية ليس على مستوى الهجرة و فقط و إنما هذه المرة على مستويات متقدمة جدا في ميادين السياسة، الإقتصاد، الأمن و الثقافة التي من المؤكد أنها ستكون نقطة الفطام الذي سينهي بلا شك سنوات الحضانة و "التكمبي" السياسي.

تعريفات ومصطلحات:

التِّرجالْ: وضعية خاصة للأرجل كانت تعملها الأم لتعليم و تصحيح جلوس الصبي أثناء أداء حاجته.

التكمبي: قطعة من قماش كانت تربط بأسفل الصبي كحفاظة له لمنع تسرب الغائظ.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *