-->

تصريح سفير المغرب في الامم المتحدة "عمر هلال" ، هل هو من اجل استدراج الجزائر ام انه تهور غير محسوب العوابق؟


يبدو  اننا سنشهد جولة اخرى من جولات العبث والتهور بالسياسات الخارجية التي يعتمدها طاقم الخارجية لمغربية وفي كل مرة تكون بدايتها من سفيرهم   بالامم المتحدة عمر هلال  الذي يتلقى الاشارة بقص شريط فتح معركة تجمع بين الدعاية والمراوغة خاصة انه معروف بافتقاده للخطاب الديبلوماسي واقرب له ان يكون رجل امن ينفذ التعليمات على الطريقة المغربية. 

فمنذ فترة اصبح هلال مولوعا بالخرجات الاعلامية . ولكن في  خرجته الاخيرة والتي تحدث فيها عن تقرير مصير" منطقة القبائل الجزائرية" ، قد يكون ولع خطيرا جدا على المغرب ، إذ أن  الامر فيه استهداف مباشر للجزائر، وبشكل رسمي وهو خروج عن االمألوف، بعد ان كانت مهمة الهجوم موكلة  الى وسائل الاعلام والذباب الالكتروني  ، الشيء الذي  لن يجلب المتاعب فقط لبلده بل سيوقع المغرب  أيضا في المآزق.


مما لا شك فيه، ان تصريح" عمر هلال "سيكون بداية لمرحلة جديدة خاصة في ظل التحولات الدولية والاقليمية، وهو ما استشعرته الجزائر منذ فترة وادركت ان مؤامرة دولية تحاك ضدها، ويمكن ان تستغل الحالة لبعض الاحداث الداخلية وتلغيم الاوضاع بدول الجوار  لانجاحها    .


طيلة السنوات الاربعة   الماضية نهج  المغرب استراتيجية السياسة الخارجية   يصورها بالهجومية، في علاقته مع الامم المتحدة والاتحاد الافريقي،إيران، المانيا، اسبانيا جنوب افريقيا، البوليساريو والجزائر... كلها باءت بالفشل، لانه لم يكن يراعي في حساباته حجم التحديات  التي تقف عقبة امام  آفاقه.


 وبعيدا عن ما يسوقه الاعلام المغربي عن طاقم الخارجية بقيادة" ناصر بوريطة " من حنكة وخبرة سياسية ، ثبُت أن كل ردود الافعال  متهورة  ومندفعة ، فضلا عن أنهم  لا يملكون القدرة على الوصل بين التكتيكات والإستراتيجيات. و أنه تمكّن من توريط  المغرب في ازمة مع االمانيا واسبانيا بسبب الصحراء الغربية، وهو ما جعله يغير بوصلة  بعض مغامراته الفاشلة في اتجاه الجزائر  بعد ان وجد نفسه في مواجهة مع دول وازنة وهيئات دولية  .


 ياتي هذا التوجه الجديد بعد التطور السريع في العلاقة العلنية  مع الكيان الإسرائيلي وتوقيع اتفاقيات عسكرية معها، في الواقع لا بمكن لوم المغرب  على إقحام إسرائيل في مخططاته ومشاريعه، فهذا يُعد تقريبا خطأ استراتيجيا. وبالتالي لان طاقم الخارجية المغربية على ما يبدو انه يتمتع بقدر من السذاجة التي جعلته يعتقد أن تقديم الخدمات لامريكا و التحالف مع إسرائيل، عاملان مهمان في مساعدة المغرب  على تحقيق أهدافه الرئيسية الصحراء الغربية المحتلة  ، والتصدي لنفوذ روسيا  المتنامي.


هل يستطيع المغرب  تجنب خوض المزيد من المغامرات الفاشلة؟ .


فمن الناحية الأولى، قاد المغرب حملة  لفرض الحكم الذاتي كخيار نهائي مدعوما من فرنسا، وحاول  استدراج الصحراويين بشتى الطرق، اغراءات للمترددين،  وقمع للمخالفين، وتسويق خطاب دعائيا عن الحريات وحقوق الانسان، والعمل على خلق نزيف داخلي بمخيمات اللاجئين الصحراويين باءت بالفشل، ليغير المقاربة بتجاهل الصحراويبن وتهميشهم مؤيدين لطرحه ومناوئين، غلق المناطق المحتلة، وخنق الحريات العامة، عزل النشطاء الحقوقيين عن محيطهم .

1- التصعيد مع الامم المتحدة وطرد المكون السياسي والتوقف عن المساهمة المادية واللوجستية لاجبارها على الصمت المتواطئ. 

2- محاولة لاجبار لاتحاد الافريقي على اتباع سياسة النأي بالنفس وتحييده عن مشكل الصحراء الغربية، 

3- اعادة ربط  العلاقات مع الدول الداعمة للشعب الصحراوي ومنحهم اغراءات اقتصادية لتغيير موقفهم او  وشراء صمتهم. 

4- نقل المعركة الى داخل المخيمات، واستعمال بعض الادوات للاستثمار في الوقائع والأحداث والنفخ فيها، ونشر خطاب التيئيس والإحباط والتذمر بين اللاجئين. وتحويل الاحتقان في اتجاه القيادة وتشويهها. 

5- خلق اطار موازي للجبهة من داخل المخيمات، بعد فشل "الكوركاس" المعين، وما اطلق عليهم المجالس الجهوية <المتخبة > واستغلال بعض الوجوه الغاضبة للقيام بهذه المهمة " مجموعة الاستسلام" 

6-  بعد اكديم ايزيك مضاعفة عدد المستوطنين اربعة مرات او خمسة، وتوفير لهم شروط البقاء ومنحهم امتيازات تخفيزية. 

 7 - توفير بنية تحتية شكلية لاستقطاب الاجانب وجعلهم شركاء اقتصاديين وسياسيين لفرض الامر الواقع. 

8- ترسيم الحدود البحرية من جانب واحد. 

9 - فتح قنصليات لفرض السيادة المزعومة. 


وبناء عليه، ظل الاحتلال المغربي  عالق في مستنقع الفشل، فعلى الرغم من شنّها حملة  ضخمة متعددة الاركان، سخرت لها كل الوسائل المادية والبشربة، إلا أنها فشلت في خلق دعم دولي لمشروعه ، فضلا عن أنها لا تملك إستراتيجية دبلوماسية واضحة تُمكنها من حسم قضية الصحراء الغربية، خاصة خيار محاولة الغاء جبهة البوليساريو ونعتها باوصاف" قطاع الطرق مجموعة مسلحة..." وهي التي تحظى بدعم شعبي ودولي و تملك كل  مقومات الصمود تنظيميا وعسكريا ، فضلا عن تقويض كل محاولات البحث عن الحلول السلمية،  وجعل مصير المنطقة على المحك بسبب سياسة الاستعلاء والتعنت  . علاوة على ذلك، ألقى صناع القرار بالمغرب  بأنفسهم و في مستنقع عميق من الأخطاء الفادحة نتيجة تقديراتهم الخاطئة .


ببساطة، يريد المغرب من خلال خرجة" عمر هلال"  تحويل الجزائر الى طرف رئيسي في قضبة الصحراء الغربية المحتلة، او تحييدها عن دعم الشعب الصحراوي ، كما فعلوا مع عدة دول من بينها موريتانيا... ، وذلك كجزء من خطتهم التي ترمي إلى فرض هذه الخيارات على الجميع  ، ويبدو أن طموح  طاقم الخارجية المغربية وشعوره المفرط بالتفوق سيضع المغرب  مسار تصادمي مع العديد من الدول  بما فيها فرنسا ، التي بفضل دعمها غير النقدي للمغرب ، وموقفها المعادي لقيام دولة سادسة بالمنطقة المغاربية ، يمكن أن تنجذب بسهولة إلى دوامة هذا الصراع.


يضطلع طاقم الخارجية المغربي  بقيادة الجزء الأكبر من هذه المخاطر المتهورة، حيث انه يعمل  باستدراج الجزائر إلى الصراع المباشر . وبالتالي، خلق اجواء متشنجة تصبح خطرا محدقا، من خلال زيادة إمكانية اندلاع مواجهة مباشرة بينهما قد تطور الى عسكرية، وقد تكون الجزائر توصلت بمعلومات كافية عن طبيعة المخطط، لذلك لم تعد تخفي امتعاضها واستعدادها لمواجهته.


عموما، يلوح خطر حقيقي في الأفق فيما يتعلق بتوقعات الساسة المغاربة  غير الواقعية والمبالغ فيها بشأن ما يستطيعون  القيام به.من هذا المنطلق، ان كل هذا سيكون عاملا سيعجل بانهاء واقع فرض على الشعب الصحراوي منذ عقود  الذي تحمل العناء الاكبر بين دول المنطقة. 


وفي هذا الإطار، يضطلع  "ناصر بوريطة" ومن وراءه "الطيب الفاسي الفهري" بقيادة الجزء الأكبر من هذه المخاطر المتهورة. 

 ونتظر ما قد يعلن في خطاب العرش لملك المغربي نهاية الشهر الحالي  وفقا للمعطيات السابقة، فهل سيقرر انه حان الوقت ليقوم المغرب  برسم بعض الخطوط التي قد تلطف الاجواء، ويؤسس لمرحلة جديدة تراعي  استشراق مستقبل شعوب المنطقة، ام ان الاستمرار على نفس النهج   بالانخراط في الخطابات التي تأجج من الصراع الذي سيعصف بآمال ابناءها.

حمادي محمد لمين الجيد ( الناصري)

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *