الحرص على الوحدة الوطنية يجب أن يدفعنا إلى الاتفاق على خطة إنقاذ ، وليس انتظار المجهول!!
بقلم / محمد لحسن.
لا يختلف اي وطني صادق في تشخيص المرحلة التي تمر بها القضية الوطنية، على أنها مرحلة حساسة وخطيرة وتشكل تهديد وجودي للمشروع الوطني برمته، فرغم التغييرات الإقليمية الإيجابية وبعض الإشارات الدولية المشجعة نسبيا إلا أن الخطر قائم وقائم بالأساس من واقعنا الداخلي.
لأن قوة الجبهة الداخلية وتماسكها وإمتلاكها لخطة إستراتيجية واضحة المعالم، هو الرهان الأساسي القادر على فرض خياراتنا الوطنية على كل القوى الفاعلة إقليميا ودوليا وتحقيق أهدافنا المشروعة في الحرية والاستقلال، لكن هذا الشرط هو ما تفتقده قضيتنا في الوقت الحالي وهو ما يجعل الخطر جدي ومحدق.
هذا الواقع الخطير الذي نعيشه اليوم مسؤول عنه الجميع قيادة، نخبة وقاعدة وهذه المسؤولية يمكن تشريحها كالاتي :
إنشغال أغلب القيادات السياسية بالبحث عن مكاسب شخصية داخل المشروع الوطني أكثر من بحثها عن مكاسب وطنية، أي التعامل بمنطق الغنيمة مع واقع اللجوء في السعي إلى الحصول على أكبر نصيب لهم ولي حاشيتهم وعائلاتهم، الأمر الذي جاء على حساب المشروع الوطني .
ثانيا تورط قسم كبير من النخبة في منطق الغنيمة السياسية وتشرذمها في محاولة الحصول على مراسيم تعيين حتى وإن كانت مجرد عناوين بلا دور عملي في الواقع، الأمر الذي أنتج تخمة من المناصب الشكلية المعينة بمراسيم رئاسية (بطالة مقنعة) وكأننا في دولة مستقلة تبحث عن حل لمشكل البطالة.
والقسم المتبقي منها إما متورط عاطفيا فى منطق المحاصصة القبلية وغنائمها السياسية التي تعميه عن رؤية الواقع بشكل صحيح واستشعار الأخطار المحدقة منه، أو صامت ينتظر المجهول حفاظا على الوحدة الوطنية، وخوفا من أحكام التخوين الجاهزة.
اما القاعدة أو السواد الأعظم من الشعب الذي يدفع الثمن الأكبر من هذا الواقع البائس فهو خاضع لمنطق العاطفة في شقيه الوطني والقبلي:
الشق الاول الخوف على الوحدة الوطنية الذي يمنعه من أي فعل أو المطالبة بأي شي بإعتباره قد يشكل خطر على تماسك وحدتنا الوطنية.
والشق الثاني يرضخ تحت تأثير العاطفة القبلية التي تغذيه القيادات السياسية المستفيدة منها واتباعها من النخب المتورطة معها. وهو ما يدفعه إلى تقبل هذا الواقع بكل سلبياته بل ويتمترس في الدفاع عنه و رفض أي انتقاد له لأنه يرى فيه إنتقاد لمكاسب القبيلة لا لأداء الأشخاص ، رغم كون خطورة الواقع تقود الجميع إلى الهاوية.
فلا احد مثلا يطرح السؤال عن ماذا ربحنا بعد قرابة السنة على إعلان الحرب ؟ وعن طبيعة هذه الحرب هل هي فعلا حرب أم يمكن تسميتها بمسميات عسكرية اخرى، وهل كنا مستعدين لها بشكل جيد ام لا؟
وهل اخترنا التوقيت المناسب لها أم لا؟
وعن مدى الاستفادة من الهبة الشعبية التي رافقت إعلانها؟؟
أما ماذا خسرنا حتى الآن ؟؟؟ فالاجابة و واضحة خسرنا الگرگارات ومنافذ استراتجية في جنوب المغرب، وعددا من أبنائنا البررة.
والسؤال الأهم هو هل تحضرنا جيد طيلة هذه الأشهر التي أعقبت إعلانها ؟؟
كلها أسئلة مشروعة ويفرضها واقع الحال إلا أن حالة الاصطفاف العاطفي تمنعنا من طرحها و مواجهة أنفسنا بها.
وفي هكذا ظروف لم يتبقى أمام الجميع إلا الانتظار، الكل ينتظر ولا يعرف ماذا ينتظر، هذا الانتظار والبحث عن المخلص حمّل عودة الرئيس أكثر مما تحتمل، فالناس تريد من الرجل الذي غيبه المرض لأشهر طويلة – والذي نتمنى له الشفاء العاجل والعودة إلى أهله وشعبه – تريد منه حلولا لكل مشاكلهم وهي آمال فوق طاقة الرجل لأنهم يريدون منه أن يحقق بعد صراع طويل مع المرض ما عجز عنه وهو في كامل صحته.
الامر الذي يحتم على الجميع وبالاساس النخبة السياسية للمجتمع، الاتفاق على خطة إنقاذ وطني مبنية على أسس استراتجية واضحة المعالم، تحدد الأولويات وتواجه المشاكل بشجاعة وتبصر، لأن عوامل الانتصار والهزيمة تأتي من الداخل قبل الخارج. و أول نذر الانتصار هو تشخيص المشاكل التي يعيشها المشروع الوطني والتي تبدأ بأزمة قيادة والافتقار إلى خطط استراتيجية ، مرورا بأزمة النخب التي خلقها النظام بالتدجين والاقصاء والتوريط والقائمة طويلة .
فالكارثة إذا وقعت لا قدر الله ستأتي على كل شئ و ستتبخر حينها كل الغنائم والمكاسب القبلية، رفقة الالقاب و المراتب الشخصية