-->

الإطار في فكر مفجر الثورة الصحراوية الشهيد الولي مصطفى السيد


الإطار كلمة ذات حمولة كبيرة المعاني والدلالات في فكر القائد الرمز الولي مصطفى السيد، فبناء الإطار المثالي والمتطوع لكل المهام التنظيمية هو عماد الثورة الصحراوية التي غيرت مجرى التاريخ، واختزلت في ظرف وجيز عقودا من الزمن في معركة غير متكافئة العدد والعتاد، في وجه تكالب استعماري دولي، ما يتطلب صناعة اطر قادرة على تقليص مساحة وزمان المعركة التي تخوضها الثورة الصحراوية نحو تجسيد طموحات كل الصحراويين في بناء دولة حرة، مستقلة، مرهوبة الجانب، تحظى بالتقدير والاحترام وتعكس نبل وعظمة الشعب الصحراوي.
واعتبارا من كون التنظيم السياسي هو الحاضنة الثورية التي حقق من خلالها الشعب الصحراوي مكاسبه العظام، كان لابد من الحفاظ عليه واختيار الاطر الطلائعية القادرة على عكس تطلعات القاعدة الشعبية من خلاله، حفاظا على شرعيته كممثل لكل الصحراويين حيث ركز الولي على مثالية الاطر والعلاقة التي يجب ان تكون عليها في تعاملها مع القاعدة الشعبية، علاقة قوامها الاحترام والتقدير، وأسسها العطاء لا الأخذ، وعلى الإقناع والنقاش والمشاورة لا على الفرض او الطرد بل اخذ أراء الكل، وإشراك الجميع في التفكير في الحال والمآل وإدارة الشأن العام.
ولا يخفى الدور الريادي الذي لعبه أمناء ومحافظو الجبهة الشعبية في مختلف امتدادات وروافد التنظيم السياسي، بعملهم الدؤوب في مختلف ميادين الفعل الوطني والتعبئة الثورية الفاعلة وترسيخ خط الجبهة ونهجها في النفوس ورفع المعنويات ومجابهة الدعاية السلبية والحفاظ على اللحمة الوطنية، وهو الدور الذي ساهمت فيه ووفرت له المناخ الملائم مدارس الأطر التي تخرج منها الآلاف وملتقيات الأمناء والمحافظين التي ظلت الجبهة الشعبية تعقدها للنقاش الفكري والسياسي ومظلة للتواصل بين الاجيال ونقد التجربة وتصويب المسار بما تتطلبه كل مرحلة من مراحل حرب التحرير.
وفي تركيزه على الأطر يبين الشهيد الولي في مناسبات عديدة كيف تكون العلاقة بينهم وبين قواعدهم الشعبية ويضرب الامثلة التي تقرب الصورة والفهم كقوله : "إن قدرة الشعب تتجلى في اندفاعته لإحراز انتصارات، أما دور الإطارات بالنسبة للشعب فهو دور البنت إلى جانب أمها.. البنت تحلب الماعز والأم تمخض الحليب.. ضروري إذن توفر الحليب ومن ثم ضروري وجود من يمخضه للحصول على الزبدة" وهذه العلاقة التكاملية بين البنت وامها هي التي من شأنها تحصيل الزبدة المطلوبة لنجاح العمل المشترك بين الأطر التي تضطلع بدور التوجيه السياسي والتثقيف وبين القاعدة الشعبية التي ستحمي التنظيم وتدافع عنه.
ثم يحذر من الاتكال الذي ينتج الإطار الانتهازي الذي يركب على الجماهير ويستغل مكاسبها ويختبئ ورائها، وبدلا من تحقيق مكاسب لها يصبح عبئا عليها ومعضلة تعيق تقدمها وتحقيق أهدافها وطموحاتها، فيقول: ان الإطار إما انتهازي تجره الجماهير خلفها أو طلائعي يعطي ولا يأخذ .. الإتكال سيعمل على فرز الإطارات، من منهم أصبح يميل إلى الإنتهازية، يركب الجماهير ويستغل مكاسبها ثم يختبئ ورائها أي أن الجماهير أصبحت تجره خلفها ومن سيبقى بطبيعة الحال طلائعيا بالفعل بالنسبة للقاعدة الشعبية، يعطي ولا يأخذ".
إن التعاطي والتفاعل الايجابي مع القاعدة الشعبية بإيصال الأفكار اليها بسلاسة وبلورتها من خلالها بفتح النقاش الصريح معها باستمرار بما يزيد من ثقتها و توعيتها وتنوير فكرها بالأهداف الوطنية الكبرى هو جزء هام من الدور الذي يرى الشهيد الولي بضرورة إناطته بالأطر.
ان الإطار الحق يجب ان لا يثقل كاهله بعبء سوى عبء قضيته التي تستحق التضحية بكل شيء من اجل كل شيء، قضية كل الصحراويين وعنوانهم الذي يعرفون به، ويميزهم عن غيرهم، من شعوب ودول العالم، وان الإطار المناضل هو الذي يهب نفسه من اجل خدمة الجماهير ويعيش من اجل تجسيد مبدأ التضحية المقدس وربط الممارسة بالشعار.
لذلك ظل الشهيد الولي مصطفى السيد يوصي الأطر بان يظلوا يكافحون ويتقدمون الجماهير في كل الساحات ويبرهنون بحماسهم للقضية وإخلاصهم ونضالهم المستميت من اجل الهدف الاسمى لكل الصحراويين متسامين عن كل الإغراءات التي تعترض السبيل
محذرا من السلوكيات والممارسات المناقضة لصفة الإطار من قبيل الاتكالية والاستسلام والخنوع والتلكؤ، فكلما ابتعد الإطار عن الجماهير وخط الكفاح التحرري الذي يخوضه الشعب كلما أصبح اقرب الى التدحرج عن الخط الثوري الذي رسمه الرعيل المؤسس وبالتالي الانزلاق عن بلوغ الهدف بنظرة استشرافية لمآلات الانحراف الوخيمة على الشعب والوطن.
هكذا تبنى شهيد الحرية والكرامة رؤيته الثورية في قيادة الجماهير وحدد مواصفات الاطر القادرة على حمل المشعل من بعده وفق فلسفة لا تزال العلاج الناجع للواقع الذي نمر به اليوم والعقبات التي وقفت في طريق التحرير بسبب غياب الفعل الوطني الذي ينطلق من اهداف الثورة وتراجع قيم المثالية والصراحة والصرامة والنقد.
بقلم : حمة المهدي 

Contact Form

Name

Email *

Message *