الحكومة الاسبانية تشعر بخذلان كبار القارة الأوروبية!
تشعر إسبانيا بخذلان كبير من قبل زعماء القارة الأوروبية في الأزمة التي تعيشها مدريد مع الجزائر منذ نحو ثلاثة أشهر، كانت كفيلة بحدوث أضرار جسيمة سياسية واقتصادية، بسبب دبلوماسية المواجهة التي ووجه بها الطرف الإسباني جراء تغيير موقفه المفاجئ من القضية الصحراوية.
هذا الشعور عبر عنه الكاتب الصحفي الإسباني، أوجينيو غارسيا جاسكون، الذي اتهم كل من باريس وبرلين بتغليب مصالحهما الوطنية الضيقة على حساب المصالح الأوروبية، وذلك عطفا على التقارب الحاصل بين الجزائر والعاصمتين الأوروبيتين السالف ذكرهما، على حساب إسبانيا العضو بالاتحاد الأوروبي.
وبينما كانت الأزمة بين الجزائر ومدريد في أوج عنفوانها، أقام كبار القارة الأوروبية جسورا للتواصل مع الجزائر، وباشروا معها اتفاقات ومعاهدات غلب عليها الطابع الاقتصادي الثنائي، بشكل أقنع الإسبان بوجود “خيانة” أوروبية لقضيتهم، في الوقت الذي كانوا بأمس الحاجة إلى تضامن يخفف عنهم معاناتهم الاقتصادية على الأقل، في ظل الصعوبات التجارية التي يعانوها مع الجزائر.
وبالنسبة للكاتب الإسباني فإن المواقف المنتهجة من قبل كل من فرنسا وألمانيا بشأن بعض القضايا ومنها الخلاف الجزائري الإسباني، “لا تخدم السياسة الأوروبية على عكس بقية البلدان الأخرى”، وكان يشير هنا إلى الزيارات والمكالمات التي وقعت الأسبوع المنصرم بين الجزائر وكل من فرنسا وألمانيا.
ومع بداية الأسبوع الجاري، تواصل الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، مع نظيره الجزائري، عبد المجيد تبون، وهو الاتصال الثاني بين البلدين في غضون أقل من أسبوع، بعد الاتصال الذي وقع بين وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية، كاثرين كولونا، ونظيرها الجزائري، رمطان لعمامرة.
ويحمل الكاتب الإسباني مسؤولية ما يحدث لرئيس حكومة بلاده بيدرو سانشيز، بسبب “الخطأ” الذي ارتكبه بخصوص قضية الصحراء الغربية، وهو الخطأ الذي مكن الدول الطامعة وعلى رأسها إيطاليا وألمانيا وفرنسا “لتحل محل إسبانيا في تقاسم الكعكة الجزائرية”.
وفي غضون ذلك، حلت بالجزائر كاتبة الدولة الألمانية لدى الخارجية، كاتيا كول، في زيارة رسمية استمرت على مدار ثلاثة أيام، وشهدت هذه الزيارة توافقا حول العديد من الملفات ذات الاهتمام المشترك، كما شهدت أيضا التوقيع على اتفاقيات ثنائية.
يحدث كل هذا، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الجزائرية الإسبانية تطورات أخذت منعرجات خطيرة مع مرور الأيام، مع توجه الجزائر إلى تسليط المزيد من العقوبات والضغوط التجارية المركزة على الصادرات الإسبانية، بشكل أرعب الصناعيين والمزارعين هناك، إلى درجة تشكيل فريق من المتخصصين والاقتصاديين بهدف البحث عن مصادر بديلة للأسواق الجزائرية في دول مثل مملكة المخزن المغربي وتونس ومصر والسنغال.
غير أن فرنسا وألمانيا لم يكونا البلدان الأوروبيان الوحيدان اللذان وطدا علاقاتهما مع الجزائر في ظل الأزمة مع إسبانيا، بل سبقتهما إيطاليا التي تعتبر المستفيد الأكبر من هذه الأزمة، إذ سارعت منذ الوهلة الأولى إلى إبرام اتفاقيات اقتصادية وعقود غاز كبرى، وزيارات بين مسؤولي البلدين من المستوى الأول (زيارة الرئيس تبون إلى إيطاليا، وقبلها زيارة رئيس الحكومة الإيطالي، ماريو دراغي، إلى الجزائر) في عز الأزمة، وهي التطورات التي أزعجت كثيرا الحكومة الإسبانية، التي سارعت إلى محاولة فهم ما حصل في لقاء جمع مسؤولين دبلوماسيين من البلدين، تلقى خلالها الطرف الإسباني تطمينات من الجانب الإيطالي بعدم المساس بمصالحه الطاقوية.
ويرى مراقبون أن ما يحصل اليوم بين الجزائر وإسبانيا لم يكن ليحدث لولا دبلوماسية المواجهة التي أرساها الرئيس تبون منذ وصوله إلى سدة قصر المرادية، ويجسد هذا، التصريح الذي قاله ذات مرة في حوار تلفزيوني، جاء فيه “من يهاجمنا سنهاجمه، الند للند مهما كنت، من يمسنا نمس به، مرحلة من يضربنا على الخد الأيمن نعطيه الخد الأيسر قد انتهت”.
المصدر: الشروق اونلاين