-->

مقال رأي : ظاهرة المد والجزر السياسي عندنا...!!!

 


بسم الله الرحمن الرحيم (( ياأيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ))--٩--المائدة
تحدث ظاهرة المد والجزر الطبيعية بسبب عدة عوامل منها جاذبية القمر والشمس وحركة دوران الأرض ، فالأول هو إرتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات بشكل تدريجي ووقتي ، والثاني هو إنحسار مياه البحار والمحيطات تدريجياً وفي وقت معين، فالمد يبلغ ذروة علوه على السطح فيصبح خطراً عندما يكون القمر بدراً ، والجزر يحصر الموج وتبتعد المياه متراجعة مسافة عن الشاطيء ،لكن حيرتنا ظاهرة المد والجزر السياسي عندنا التي لايحدها مكان ولا يضبطها توقيت ولا يجمعها وعاء معين ومسباباتها لايمكن حصرها ولاسبر غور أطوارها، قد تأخذ ألواناً مختلفة في اليوم الواحد،وقد تظهر لالون لها ولاطعم ولارائحة وبالمحصلة خمنت كثيراً فلم يحضرني إلا توصيفها بما تحكيها لنا الجدات في الأحاجي ب *"واد الزفزوف"* الذي لايوجد شيءمما يذكره اللسان من المتاع وغيره إلا فيه .

يعتبر الوقت المثالي عندنا *لظاهرة المد والجزر السياسي هو قبيل إنعقاد المؤتمر الشعبي العام* حيث يرتفع منسوب النقد والتجريح وتعلو أصوات التهديد والوعيد للقيادة بالويل والثبور ودخول "جهنم" وبئس المصير، وبالمطالبة بالتغيير والرحيل مع مايرافقها من إحتمال حدوث زلازل وبراكين وآعاصير تسونامية، ثم نشهد فجأة إنخفاض المنسوب العكسي فتحدث موجات إرتدادية تمتدح الحال وتدافع بشراسة عن "الرموز الوطنية" وتذكرنا بمآثرهم وتاريخهم بل وتضعهم في خانة المشهود لهم "بالجنة" وتحذر من الهاوية إذا تم التخلي عنهم -القيادة- وأن مايحدث لايعدو عن كونه أجندة مشبوهة أو إنتهازيون يريدون تغيير الحال لرؤية أنفسهم في تَشَكُّل المشهد الجديد ، وهكذا تتحول قاعدتنا الشعبية المسكينة إلى ساحة معركة تستخدم فيها مختلف الأسلحة والنتيجة في نهاية المطاف لاشيء يذكر ، فتخرج القيادة منتصرة وتعود لأماكنها معززة مكرمة ، بينما ينشغل المنهزمون والمتخاصمون في إحصاء خسائرهم وتبادل التهم بينهم ويرجع الحال كما كان بل أسوأ .
دعونا من فضلكم نتنحى جانباً عن مؤثرات وتجاذبات ظاهرة المد والجزر السياسي عندنا ونتحدث بصدق وإنصاف وحكمة ودون محاكمة النويا وتشريح القلوب ونأتي للأطراف المتصارعة لنخرج أحسن مافيها:
الطرف الأول : المطالبون بالتغيير ، ننزع عنهم صفات التطرف والإنتهازية والأجندة المعادية والغوغائية والتخوين والإندساس ، ليصبح لدينا أناس وطنيون مناضلون صادقون يرنون إلى تغيير الواقع خدمة للمصلحة العامة وليست لهم مآرب شخصية ولاتصفية حسابات مع أحد.
*الطرف الثاني:* المدافعون عن بقاء الحال كما هو ، ننزع عنهم صفات التملق والتمصلح والنفاق والتزمت والفساد والمزايدة وملكية صكوك الوطنية والوصاية، ليصبح لدينا *أناس مخلصون ووطنيون يفضلون التريث والتعقل خوفاً من المجهول وحرصاً على حماية المكاسب واللحمة العامة وليس من اجل سواد عيون الرئيس والقيادة،*
فيتشكل لدينا *طرفاً ثالثاً جامعاً لمن نعتناهم بصفاء النية وحسن الطوية والسريرة وخلوهم من العوالق والشوائب ، فيقودون قاطرة الإصلاح بكل أمانة وصدق ويجنبون شعبهم الابي والبريء صراعات وأجندات تجار القضية وسماسرتها من كلا الجانبين،* من مروجي مهلوسات الإصلاح إلى بائعي عقاقير عشق القائد وجماعته الحاكمة ومن الذين يريدون جرف الواقع وطحنه بالقوة إلى المستعدون الوقوف كدروع بشرية أمام الأسياد لبقاء الحال على ماهو عليه، فلماذا لايفتح حوار هاديء وخالي من التشنج والأنانية و"التلمذة" *هدفه رسو سفينة المصير إلى مرفأ النجاة وإحداث النقلة النوعية المطلوبة لأنقاذ ماتبقى من تاريخنا ومجدنا وكرامتنا وكبريائنا وكينونتنا من* الإضمحلال والزوال، *نقلة تبلسم الجراح وتكفكف الدموع وترمم نفسيتنا المهزوزة والمجروحة بسبب السنوات العجاف وأزمنة التيه والضياع والأفق المسدود والتنكر لحقوقنا .*
لن نغتر بما نراه ونسمعه فقد علمتنا التجربة ألا نعول عليه كثيراً ، *وقد يعيد التاريخ نفسه وكالعادة يتمخض الجبل فيلد فأراً سرعان مايُدخِله القط جحره لكن هذه المرة سيكون له قبراً ربما لن يخرج منه إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وعندها سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون* .
روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه *عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ طَلَبَ قَضَاءَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَنَالَهُ ثُمَّ غَلَبَ عَدْلُهُ جَوْرَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ وَمَنْ غَلَبَ جَوْرُهُ عَدْلَهُ فَلَهُ النَّارُ)).* رواه أبي داود في السنن.

وصلى الله على نبينا وعلى آله وصحبه.

مولود محمد الحسين

Contact Form

Name

Email *

Message *