-->

هل تعلّق الرباط على تقارير وزارة الخارجية الأمريكية؟

 


تقريران مهمان يحرّكان المياه غير الراكدة في حقيقتها بين واشنطن والرباط، أولهما عقب لقاء وزيريْ الخارجية الأمريكي أنثوني بلينكن والمغرب وناصر بوريطة، وثانيهما تقرير وزارة الخارجية الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في المغرب. وكما هو واقع الحال منذ قرابة عامين، تتفادى الرباط الرسمية التعليق بمنطق انتظار مرور ما تعتبره غيمة عابرة. ويظهر في المشهد وجه يذّكر بأصوله الصحراوية وانتقاله إلى قيادة إدارة السجون في الحكومة المغربية. فيكون محمد صالح التامك بمثابة متحدث نصف رسمي ونصف معبّر عن موقف شخصي في توجيه انتقاد ناعم إلى حكومة الرئيس بايدن.
ثمة عبارة مهمة وذات أكثر من دلالة في تصريح السيد التامك عندما قال "أمريكا تراجعت عن موقفها الإيجابي بشأن الصحراء واعتبرت البوليساريو حركة تحرير." ويمكن تفسير العبارة في شقين: أولا ما يعتبره "تراجعا" غير دقيق لأن بلينكن وبقية المسؤولين في الحكومة الأمريكية الحالية لم يجاروا ما ذهب إليه الرئيس السابق دونالد ترمب في تغريدته وإعلانه الرئاسي في 10 ديسمبر 2020. وقرر الفريق الانتخابي للمرشح بايدن وحكومته الآن اعتبار ما ذهب إليه ترمب تركة تذهب إلى أرشيف رئيس سابق وحكومة منحلّة في 20 يناير 2021. ولم يتبنّ الوزير بلينكن أو غيره من الدبلوماسيين الأمريكيين لغة "الاعتراف" recognition التي ألمح إليها ترمب.
أما الشق الثاني فهو المؤاخذة على الولايات المتحدة أنها "تعتبر البوليساريو حركة تحرر"، وهذه قراءة تستشعر بمدى تحوّل موقف حكومة بايدن بعيدا عن بوصلة التغريدة والإعلان الرئاسي لترمب. وكان الوزير بلينكن قد أوضح لنظيره بوريطة أن "الولايات المتحدة تواصل اعتبار خطة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب جادة وذات مصداقية وواقعية، وهي مقاربة محتملة لتلبية تطلعات شعب الصحراء الغربية."
هي نقاط سياسية مهمة تجسد الفرق بين مواقف برغماتية واقعية وتأويلات لا تجاريها في نفس الواقعية. ولا تجد حكومة بايدن حرجًا في استخدام لغة واضحة وضوح الفرق بين مواقفها ومواقف سابقتها. وعلاوة على التمسك بمسار وساطة الأمم المتحدة في صراع الصحراء، أضحت واشنطن تشير إلى ما يؤكد أنها تمسك العصا من الوسط وتستحضر "تطلعات شعب الصحراء الغربية".
الاستاذ والمحلل المغربي؛ محمد الشرقاوي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *