-->

ماذا يريد “الناتو” بموريتانيا؟

 


يبدو أن حلف الشمال الأطلسي المعروف اختصارا ب”الناتو” يولي إهتماما غير مسبوق بموريتانيا و يسارع في مغازلتها و مداهنتها حد وصفها بالدولة المحورية في الساحل و الشمال الغربي الإفريقي.
فعقب أجتماع وزراء خارجيته مطلع الأسبوع الماضي في بروكسيل ،يعلن “الناتو” إهتمامه بموريتانيا ويجدد تأكيده على “دعم مؤسسات الدفاع الموريتانية و بسط الإستقرارداخلها” حسب ماصرح به الأمين العام للحلف الأطلسي السيد ينس ستولتنبرغ الذي قفز ليؤكد: “إن موريتانيا مهمة بالنسبة لنا” ليصرح قبله وزير خارجية أمريكا السيد أنتوني بلينكن بالقول” موريتانيا لاعب رئيسي في الامن الإقليمي”.
فما وراء هذه الأهمية و العناية التي يصوغها الناتو لموريتانيا اليوم ؟
فقد كانت موريتانيا الدولة المغاربية الوحيدة التي وجهت لها دعوة المشاركة في قمة حلف الشمال الأطلسي السنة الماضية بمدريد وكان الرئيس ولد الغزواني أول رئيس موريتاني يلج مقر “الناتو” ببروكسيل و يستقبل من طرف الأمين العام للحلف.
ضاعفت موريتانيا من تنسيقها العسكري والأمني مع حلف شمال الأطلسي حيث نظمت لعدد من القادة العسكريين الأمريكيين و الأوروبيين السنة الماضية زيارات الى انواكشوط وخاصة الى المناطق الحدودية شمالا مع الجمهورية الصحراوية و الجزائر و شرقا مع مالي و كثر الحديث عن رغبة الناتو في إنشاء قاعدة عسكرية متقدمة بتمويل اماراتي.
إن إندفاع الغرب ككتلة نحو موريتانيا ، قطعا ليس حبا فيها ولا من أجل عيون أهلها و إذا كان المبرر الذي يصوغه مهندسو السياسة الغربية هو محاربة الإرهاب في منطقة الساحل و محاربة الهجرة غير الشرعية إضافة الى دعم التنمية و غير ذلك من المبررات التي تغلف نية الهيمنة و السطو على مقدرات القارة الافريقية، فإن الحقيقة في إعتقادنا لا تخرج عن هدفين أساسين:
أولهما غنى باطن أرض الغرب الافريقي و الساحل بالثروات المعدنية من غاز و بترول و ذهب واورانيوم و فوسفاط و اسماك و غيرها. فمن الحدود الشمالية للصحراء الغربية الى الحدود الجنوبية لخليج غينيا ومن شرق اتشاد الى الأطلسي مرورا بالنيجر ومالي فهذه المنطقة توصفها مراكز الدراسات الدولية بخزان الثروة المستقبلية.
ثانيهما صراع الاستقطاب الدولي لعالم بدأت معالمه تتحدد مع كل يوم يمر من حرب الغرب على روسيا و حلفائها و من هذا المنطلق يتزايد الاهتمام الغربي بمصالحه الاستراتجية في منطقة الغرب الافريقي و الساحل. ان الصراع الحالي بين الروس و الناتو هو صراع نفوذ -حتى لا نقول وجود- من اجل الحصول على موطن قدم استراتيجي خاصة على الموانئ البحرية فوجود الروس في مالي وقربهم من الأطلسي جعلت الناتو يؤسس لمفهوم استراتيجي جديد تكون موريتانيا من خلاله شريكا في مواجهة النفوذ الروسي في المنطقة ولعبت اسبانيا التي منذ سنوات تتواجد قواتها البحرية و قوات الحرس المدني الشبه عسكرية على الأرض الموريتانية في انواذيبو خاصة، لعبت الدور المحوري في جر موريتانيا لتكون على خط الدفاع الأول عن الحلف الأطلسي.
فهل ياترى ستقبل موريتانيا أن تصبح أوكرانيا افريقيا؟
هل تدرك بان الناتو هو حلف عسكري معد للدفاع عن المصالح الاستراتجية لاعضائه و اذا نزل بكله في المنطقة يصعب بعد ذلك ازاحته؟
وهل العداوة للروس و اصدقائها مفيد لموريتانيا التي ظلت تدعي “الحياد الإيجابي” في أبسط قضية تتعلق بتقرير المصير، حياد بين الظالم و المظلوم !!؟
وهل قيمت الحكومة الموريتانية ردود فعل جيرانها من الشمال و الشرق الذين اكتووا لسنين و لا زالوا من نيران هذا الحلف العسكري الغاشم؟
و إذا أضفنا لذلك عسكرة مملكة المخزن بالخبرة و السلاح الإسرائيلي و التدريب و التسليح الاميريكي يكتمل مشهد الهلال المشؤم الذي يحاول الالتفاف على الجمهورية الصحراوية و الجمهورية الجزائرية و دول أخرى وهو الذي ينطلق من اوروبا مرورا بمدريد والرباط و وصولا الى انواكشوط و ما ورائها وكأن التاريخ يعيد نفسه وإن كانت الظروف تختلف بين الامس و اليوم لكن الأهداف و الاطماع تبقى نفسها و ربما الغرور وعدم تقدير العواقب سيدفع البعض الى تكرار أخطاء الماضي.
و السؤال المطروح و الملح بالنسبة للأنتلجنسيا الصحراوية هواين نحن من المخاطر المحدقة بنا ؟ أم نحن دون ذلك نكرر القول المأثور:”ماشنن أنذوبو”.
بقلم محمد فاضل الهيط

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *