-->

50 سنة على تأسيس جبهة البوليساريو : تجربة زاخرة بالمكاسب ، حبلى بالمصاعب، ملهمة للأجيال.!!

 


(بقلم الكاتب: السالك مفتاح مدير الارشيف الاعلامي )
إنعقد المؤتمر التأسيسي للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ايام 29 و30 و31 ابريل وانتهى صبيحة 1 مايو 1973، لكن تم الاعلان الرسمي عن تاسيس الجبهة يوم 10 ماي من نفس السنة عبر جريدة le soleil السنغالية، وهو المؤتمر الذي كان محصلة لجملة من الافكار بعد مناقشات امتدت عدة ايام في ظل ظروف دولية وجهوية لم تكن جبهة البوليساريو قد تبلورت كحركة تحرير في المنطقة وبعد محاولة اسبانيا اجهاض المقاومة الصحراوية والحركة الطليعية لتحرير الصحراء التي اطرت لانتفاضة الزملة التاريخية يوم 17 يونيو1970، فجاء إعلان ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب يوم 10 ماي متخذه من العنف الثوري عبر الكفاح المسلح ، نهجا من اجل الحرية والاستقلال .

وصدر عن المؤتمر بيان سياسي، حلل الوضع والأسباب العميقة التي دفعت الشعب الصحراوي إلى امتشاق البنادق وإعلان الكفاح المسلح ضد الإدارة الاستعمارية الإسبانية وذلك بعد فشل كل أساليب النضال السلمي التي قمعت بعنف وهمجية من قبل المستعمر في 17 يونيو 1970.

في ادبيات جبهة البوليساريو ، حمل المؤتمر اسم الفقيد محمد سيدي ابراهيم بصيري مؤسس حركة تحرير الساقية الحمراء او ما عرف بالحركة الطليعية لتحرير الصحراء و الذي اختطفته السلطات الاسبانية مباشرة بعد مجزرة الزملة بمدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية والذي يظل مصيره مجهولا على ذمة اسباينا بحسب مسؤولي جبهة البوليساريو.
و أعلن البيان بعبارات واضحة الأسباب التي أدت إلى تبني خيار” العنف الثوري” مؤكدا على أنه لم يكن هناك غيره: “إزاء تشبث الاستعمار بالبقاء مسيطراً على الشعب الصحراوي العربي الأبي، ومحاولة تحطيمه بالجهل والفقر والتمزق وفصله عن الأمة العربية… وإزاء فشل كل المحاولات السلمية .. تتأسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، كتعبير جماهيري وحيد متخذة العنف الثوري والعمل المسلح وسيلة للوصول بالشعب الصحراوي العربي الإفريقي إلى الحرية الشاملة من الاستعمار الإسباني…"
بهذه الافكار والمعاني الثورية التحررية رسم البيان لتأسيسي لجبهة البوليساريو ،معالم ونهج إالكفاح المسلح ضد الاستعمار الاسباني في الصحراء الغربية يوم 10 ماي 1973وبعد عشرة أيام من ذلك التاريخ جسدت جبهة البوليساريو ميدانيا محتويات بيانها التأسيسي، بشن هجوم على حامية إسبانية في بلدة الخنكة، الواقعة في وسط شمال الصحراء الغربية.
وبذلك ارتسم كفاح طويل في مواجهة الاستعمار ومن بعده شركائه في اتفاقية مدريد الثلاثية والذي لازال متواصلا حتى اليوم وإن كان عبر اساليب سلمية سواء بانتفاضة الاستقلال بالمناطق المحتلة او التضحيات في مخيمات اللاجئين الصحراويين والانخراط في مخطط التسوية الاممي، ثم استئناف الكفاح المسلح يوم 13 نوفمبر 2020 بعد 29 سنة من وقف اطلاق النار والتعاطي مع جهود ومساعي الأمم المتحدة في ظل تعنت مغربي وتواطوء المنتظم الدولي..
امر حتم على جبهة البوليساريو العودة لخيار الكفاح المسلح بهدف تحقيق تطلعات الشعب الصحراوي بعد طول انتظار مستلهمة دروسا من تجارب الماضي خاصة وان نظام الرباط وريث الاستعمار لا يفهم الا لغة النار والحديد ..!؟
ضمن هذا السياق تستوقفنا تجربة زاخرة بالمكاسب و حبلى بالمصاعب و المتاعب،لكنها ملهمة للأجيال.
امر يستحق منا فرادا و جماعات أن نعطيها ما تستحق من دراسة و تدوين و تمحيص، ونحن نتفيء ظلال عقدها الخامس دون توقف ..!!
في تاريخ المقاومة الصحراوية و تدبير شأنها عبر مراحلها المختلفة تتجلى أشياء غريبة و مفارقات تاريخية، من الأهمية بمكان التوقف عندها ليس بغرض التوظيف الاعلامي أو السياسي، بل و أيضا لاستلهام الدروس و معرفة مكامن القوة نقاط الضعف حتى لا نظل نكرر ذات الأخطاء و نقع في نفس المطبات و إن اختلفت الأشراك و تنوعت الأساليب و اختفت بعض المسميات أو تغيرت بعض المعطيات..!؟
هنا يستوقفنا قول مشهور لأحد الحكماء “أن التاريخ لا أحد يتعلم منه بالتلقين بل بالأخطاء” …
إن مرور نصف قرن على تأسيس جبهة البوليساريو يطرح على الأطر و القيادات مسؤولية مراجعة الاداء والعودة الى الذات و المساهمة في تنقيح التجربة و صقلها مما علق بها من شوائب جراء التوظيف السياسي الاعلامي، و تدوين و توثيق جوانبها المضيئة و الوقوف عن المزالق و المطبات التي وقع فيها التنظيم السياسي خلال50 سنة الماضية، و التفكير بصراحة و نقد التجربة بكل تجريد و موضوعية بعيدا عن الانتقائية الاعلامية و التوظيف السياسي..
في المؤتمر التاسيسي الذي انبثقت منه القيادة السياسية (لجنة تنفيذية ومكتب سياسي) كانت نخبته السياسية في ريعان الشباب (20-22سنة) بل ان معظم شهداء الشعب الصحراوي ومقاتلوه الصناديد كانت أعمارهم ما بين 30و 40سنة...
ونحن نقف على أعتاب مرور 50 سنة، يظل الشباب يمسك زمام القيادة والريادة خاصة في المؤسسات العسكرية والسياسية والديلوماسية وفي مقارعة الغزاة تحت الاحتلال وخلف القضبان ..
أنها ثورة أجيال,رغم اكراهات عالم بدأت المصالح والإنانية، تزحف على قيم ومثل ومباديء التضحية والتطوع ونذر الأنفس والتجرد من الذاتية..!؟

Contact Form

Name

Email *

Message *