مسيرتنا التحررية .. بين الواقع الجديد وعِظَم المسؤولية وسُمو الرسالة الكفاحية.
يخوض الشعب الصحراوي مسيرةً نضاليةً مستميتة، سيحتفل بذكراه الخمسين بعد أيام قلائل اثبتت خمسين عاما من الوجود والصمود والبناء، بكل قناعة وتفانٍ وتحدٍ لقساوة ظروف الطبيعة وويلات الاحتلال وما خلفه من معاناة ومآسي للشعب الصحراوي، إنها معاني النضال برُّقييها واساليبها، تلكم التي يجسدها هذا الشعب في مقاومته ووعيه من اجل الحرية والاستقلال وسيظل عليها خيار الشعب الصحراوي، يترجمها اليوم شعار خمسينة ميلاد الجبهة الشعبية واندلاع الكفاح المسلح ."نصف قرن من الصمود، إصرار على فرض الوجود"
أن مسيرتنا التحررية بعد خمسين عاما، يجب التمعن والتامل فيها واعطاها القسط الكافي من معالجة نقائصها، التي يتجاهلها البعض و يستغلها البعض الأخر لاغراضه الشخصية، مستعملا في ذلك أسلوب خطاب منتهي الصلاحية وتكتيكات اجرامية في واقعنا هذا ومرحلتنا هذه.
أن جسامة المسؤولية تتطلب منا جمعا مسؤولاً أو مناضلا بسيطا كان أو غيره أن يتحمل مسؤوليته الملقات على عاتقه تجاه هذا الشعب والوطن.
لايمكن أن نطمح لبناء مؤسسات ونحن نساهموا في الخراب ودمار امانة الشهداء والشهيدات،!! لا يمكن أن يَطلبَ المسؤول من المواطن احترام القانون ومن يخول له الشعب الأمانة والمسؤولية مذنب بشكل أو بأخر أو مساهم، إما بالسكوت أو متورط..!!
لايمكن أن يَسعدَ المواطن أو تتقدم مؤسساته وتزدهر، وهو خارج عن القانون أو لا يساهم في قاطرة بناء المؤسسات،!!
لايمكن أيضا أن ينكر احد جهود الجبهة ومناضليها ومناضلاتها في ما وصلت إليه مؤسسات الدولة الصحراوية اليوم من مكاسب وانتصارات، بل كان لها الفضل في ارساء اللبينات الاولى لصرح وطني منظم وقادر على حسم المعركة المصيرية، رغم ما واجه ذلك من تحديات وصعوبات، قد ينظر لها البعض بالخفة، لكنها صارت في الطريق الصحيح، ورغم هذا الجهد المحسوس الذي طال على عمره خمسين عاما، إلا أن بعض الشوائب والارتددات السلبية لازالت تتعشعش في المؤسسات الوطنية، وهو ما اصبح يؤثر على معنويات المناضلين والمناضلات و روتين المسيرة الكفاحية المتواصلة، وفي المقابل لايُعقل ان يظلَ سير المسيرة ومؤسساتها على اقاع ثابت في ظل المتغيرات الراهنة امنية كانت او سياسية، امر أصبح يستدعي البحث وإيجاد سياسات واستراتجيات تتماشى والمرحلة وخصوصيتها.
ان مظاهر الضعف والتهاون بالمسؤوليات، سوى منها على مستوى توظيف الاداة أو تحمل المسؤول لمسوؤلياته الادارية والقانونية والنضالية، مخاطر ظلت إلى وقت قريب متجذرة داخل مؤسسات الجبهة والدولة.
ويبقى التساؤل: من يتحمل مسؤولية من؟ من يتحمل مسؤولية ضعف عطاء وجهد المؤسسات ؟ هل هو في السياسة المتبعة ام هي عوامل اخرى؟
المتابع للشأن، يعلم أن ثمة عوامل مرتبطة بنموذج السياسة والاستراتجية المتبعة من قبل الجبهة والدولة، قد ترى فيها ما لا يراه الغير، وهذا من حقها كقيادة موكل لها رسم السياسات و صناعة القرار .
لكن أيضا هذا يفرض استفسار اخر، هل من وجهة النظر الصحيحة والتي تخدم المؤسسات وتقدر الجهد أن تظل السياسة المتبعة والخطاب المنتهي الصلاحية يراوح مكانه في ظل مختلف التحديات والرهانات الجديدة؟
وأن كان خلل المناخ النضالي في وقعنا كلاجيئن غير ثابت ومتذبذب بل أصبح متشعب تفرضه عوامل اجتماعية واخرى سياسية كما يرى البعض!!
هل نحن في الطريق الصحيح لمعالجة ذلك؟ لا أعتقد ذلك بحكم مؤشرات أمر الواقع وما نلبسه يوميا في هذا الشأن.
وعليه فإننا كمناضلين قبل أي صفة اخرى ونحن بعد أيام بإذن الله سنحتفل بمرور خمسين عاما على ميلاد رائدة كفاح الشعب الصحراوي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب واندلاع الكفاح المسلح، ان نكون أوفياء لأمانة الشهداء ونحفظ لاعبنا عرقه ومعاناته و نُخلص لعملنا ونجتهد في خططنا وسياساتنا واستراتجياتنا، والأهم من ذلك تطبيقها على أرض الواقع، حتى يمكن أن نسوق صورة عن ثورة ومؤسسات قل نظيرها في تجارب حركات التحرر وفي أجواء عالمية مشحونة بالاضطرابات والمحن .
بقلم : سعدبوه بلة