-->

رحيل العظماء

 


سيكتب التاريخ بأن الشعب الصحراوي فقد زعيما ورئيسا، سخر حياته في خدمة كل الصحراويين دون إستثناء فملك قلوبهم بإسلوبه البسيط وحكمته البالغة وتواضعه الذي قل نظيره.
 فكان الرئيس الشهيد محمد عبد العزيز مقاتلاً يتقدم صفوف المقاتلين الأشاوس ومواطناً بسيطا متواضعا مع المواطنين يأخذ مكانه في وسطهم و على جنبات الطرق يشاركهم حملات النظافة وعملهم اليومي، تجده في خيمة مقاتل يشاطره ذكريات الحرب وتجده كذلك في خيمة شهيد يستحضر مآثره ومناقبه ويدعوا أبنائه إلى الإقتداء بهِ ويزور المريض ويعزي في الفقيد ويعود المريض ويسعى في حاجة المحتاج والضعيف والشيخ الكبير، تلك هي خصال الرئيس الشهيد هذا فقط جانب من حياته الإجتماعية البسيطة.
أما في الجانب العسكري كان يقدر الرجال حقاً ويقود العمليات العسكرية بنفسه يخطط ويُنفذ وكان قدوة في القيادة والريادة، يعطي أكثر وقته في الجبهات الأمامية، وبعد وقف إطلاق النار 1991 لم يتخلف يوماً عن زيارات رفاقه في نواحي جيش التحرير الشعبي الصحراوي البطل بل ويشاركهم أفراحهم في الأعياد الدينية وخاصة عيد الأضحى المبارك مبتسماً بين إخوانه دون أن ننسى الأعياد الوطنية في أرض محررة مكرمة معززة، ولم يتخذ قرارات إرتجالية أو فردية غير مدروسة كان رحمه الله يعي ما يفعل بعيداً عن لغة العواطف.
كان يقدر منتقديه ويحملهم المسؤولية باسناد المهام إليهم ويختبر نقدهم في الميدان ويحاول أن يمضي بالجميع وأن لا يتخذ لنفسه أنصار أو حاشية، بل كان متشددا في رفض التزلف والنفاق وأساليب التبجيل والتفخيم ويعتبر أن الشكر والتقديس ليس للأحياء وأن الشهداء هم من يستحقون التمجيد والشكر.
وفي الجبهة الداخلية كان الرئيس الشهيد يحتوي أي مشكل داخلي حتى قبل أن يخرج للعلن برحب صدر وحكمة الزعماء دون أن ينسى بأنه أب كذلك لكل الصحراويين وكان يخرج بنفسه لوسائل الإعلام الوطنية يدعوا إلى الوحدة الوطنية ويحذر من مخططات الإحتلال المغربي التي يحاول بكل الطرق تفكيك وحدة وخيمة الصحراويين، لم يتكبر يوماً الشهيد الرئيس على الشعب ومشاكله بل ويعترف بأخطائه وأخطاء حكومته ويلومهم على ذلك ومن مقولاته: " الجماهير ما شورها عيب "
وكان يدرس الأوضاع جيداً ويجد الحلول لها مترفعاً عن صغائر الأمور وتصفية الحسابات يعاقب المسؤولين لكنه لا يفرط فيهم أبداً لأنه يعرف قيمتهم و دورهم وبأن الشعب الصحراوي يحتاج إلى كل أبنائه البررة.
وفي ميدان العمل الدبلوماسي وقطاع الخارجية كان رحمه الله تقوده زيارات إلى دول ومؤسسات تربطها علاقات بالجمهورية الصحراوية والجبهة الشعبية ويسافر في أغلب الأحيان في الطائرات العادية دون أن يكلف الحليف ديناراً واحداً وكما يُقال رحم الله من عرف قدر نفسه وكان حضوره لهُ قيمة ورمزية لأنه ببساطة زعيم بما تحمله الكلمة من معنى ويكفي شهاة الزعيم نيلسون مانديلا في حقه: " عندما أراك كأنني أرى نفسي "
ربط الشهيد علاقات شخصية مع عديد الشخصيات الدولية وذلك ما تجلى في رحيله يوم ال31 ماي 2016 ورسائل التعازي الهائلة التي نعت زعيم ورجل قل نظيره.
دون أن ننسى الإعترافات التي حدثت في عهده.
فكم تفتقدك الساحة يا محمد وكما يقول الشاعر وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر. 
بقلم الإعلامي: محمد لمين حمدي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *