-->

الحل الوسط العملي و المعقول

 


إتفقت الأمم المتحدة و الوحدة الأفريقية، بإجماع المنظمتين معا و كل واحدة منهما على مستواها، على أن الإستفتاء فى الصحراء الغربية هو "الحل الوسط العملي و المعقول".
 هذا الإتفاق التاريخي، بين المنظمة الدولية و المنظمة القارية، تم تثبيته فى الفقرة ال5 من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة رقم S/21360 الصادر بتاريخ 18 يونيو 1991 و المصادق عليه بالإجماع من لدن مجلس الأمن.
تقول الفقرة ال5 ما يلى:
"يرى الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الحالي لمنظمة الوحدة الأفريقية أن المقترحات التالية تشكل حلاً وسطاً وأساساً عملياً ومعقولاً لتنفيذ القرار AHG/Res.  104 (د-19) لمنظمة الوحدة الأفريقية والقرار 40/50 للجمعية العامة للأمم المتحدة، مع مراعاة مصالح الطرفين"
المنظمتان تعتبران أن الإستفتاء هو الحل الوسط العملي و المعقول و ذلك بعد الدمار الكبير الذى خلفته الحرب و مجهودات الوساطة التى كانت قد قامت بها دول فرادى من إفريقيا و أوروبا و الشرق الأوسط بالإضافة إلى مبادرات من المنظمات الدولية و لكن كذلك لأن الطبيعة القانونية لقضية الصحراء الغربية كمسالة تصفية استعمار لا يمكن أن تجد حلا لها إلا فى الإطار المحدد من طرف الامم المتحدة و طبقا لميثاقها و قرارتها ذات الصلة.
و يضيف الأمين العام للأمم المتحدة و رئيس منظمة الوحدة الأفريقية فى الفقرة ال6 من الوثيقة المذكورة، باسم المنظمتين، أنهما تعتبران أن الإستفتاء هو الحل الوسط العملي و المعقول لأنه يحقق هدف السلام العادل و النهائي ما دام يجسد حقوق الشعب الصحراوي و يحظى بموافقته و بقبول المجتمع الدولى ، حيث يؤكدان بإسم المنظمتين فى الفقرة ال6 المذكورة ما يلى:

" و تحقيقا لهذه الغاية، قاموا بصياغة مقترحات لتسوية مسألة الصحراء الغربية من شأنها أن تسمح لشعب هذا الإقليم بممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال في ظل ظروف مقبولة له، وبالتالي مقبولة للمجتمع الدولي."

لا بد من التذكير هنا، إذن ، بأن التوصل إلى إتفاق بين الطرفين على مخطط التسوية سنة 1991، بعد 16 عام من الحرب و 6 سنوات من المفاوضات، تحت الإشراف المشترك و المباشر لكل من الأمين العام للأمم المتحدة و الرئيس الدوري لمنظمة الوحدة الأفريقية، يعتبر إنجازا تاريخيا و ثمرة لمجهودات مضنية و جبارة من طرف المجتمع الدولى بتعاون مع طرفي النزاع، جبهة البوليساريو و المملكة المغربية.


اختيار المفردات و النعوت التى وصف مخطط التسوية بها الإستفتاء باعتباره حلا وسطا و عمليا و معقولا لم تأت إعتباطا و لا إرتجالا و انما نتيحة لمفاوضات صعبة و طويلة كما انها ترتجمة لتقاطع إرادة الطرفين المتحاربين بما يتماشى و يتطابق مع قرارات المنظمتين فى قضية الصحراء الغربية.

و بالفعل، فاستفتاء تقرير المصير هو الحل الوسط الذى كان و سيبقى هو الحل العملى و المعقول. إلا إذا ما فضل المغرب من تلقاء نفسه، إنهاء احتلاله اللاشرعي و البحث عن حل


أولا: الحل الوسط

الحل الوسط لأنه يمكن الشعب الصحراوي، صاحب السيادة و الحق، من إتخاذ قرار الفصل عبر اختياره لمستقبله بكل حرية و ديمقراطية.

ثانيا : الحل العملي

لا شك أن الإستفتاء هو الحل العملي الذي ينهي النزاع بصفة نهائية لأنه يجسد مقتضيات الشرعية الدولية و لأن استشارة الشعوب و احترام اختيارها لمستقبلها و لانظمتها السياسية يشكل أحد اسس العلاقات الدولية المعاصرة و يعتبر شرطا لإستتباب السلم و الأمن الدوليين.

ثالثا: الحل الواقعي

الحل الواقعي لا بد أن يكون مطابقا لروح العصر التى لا تقبل الرجوع الى عهد الإمبراطوريات الاستعمارية و لأن الأمم المتحدة وصفت الإستعمار و الإحتلال بجرائم ضد الانسانية.
الواقعية لا يمكن أن تكون فى تتناقض تام مع أهداف ميثاق الأمم المتحدة و مبادئ القانون الدولي.

مما سبق نستخلص أن ضلوع اعضاء من مجلس الأمن او من ما يسمى بجموعة الأصدقاء نحو تجاوز نصوص مخطط التسوية و المفردات و النعوت التى وصف بها الإستفتاء من خلال إدخال عبارات غامضة يبرهن على سوء نية و وجود إرادة في إقبار الإتفاق بين الطرفين الذى حظى بمصادقة الأمم المتحدة و الوحدة الأفريقية. 

يعتبر ابتكار مفردة "الحل المتفق عليه" الذى ادخل فى تقاربر الامين العام و قرارات مجلس الأمن تزويرا للحقائق و خرقا للمشروعية الدولية استهتارا بمصداقية الامم المتحدة لأن هذه الجملة تنفى وجود الحل الذي تم الإتفاق عليه من لدن الطرفين و صادق عليه مجلس الأمن و انشئت بعثة اممية لتطبيقه. 
إن الهدف هنا، بكل وضوح و شفافية، يتجلى فى مناورة بائسة هدفها إلغاء مخطط التسوية و بالتالي إقبار الإستفتاء و ممارسة تقرير المصير لتفح الباب أمام فرض الحلول اللاشرعية، كما شهد ذلك تاريخ افريقيا الحديث، عبر محاولات فى مراحل معينة، عندما حاولت انظمة الآبارتايد و الميز العنصري فى بريتوريا و ساليسبوري إضفاء الشرعية علي وجودها في جنوب افريقيا و ناميبيا و زيمبابوي ( روديسيا سابقا) .

عبارات و جمل "الحل السياسي المتفق عليه " و " الواقعية " و "روح التوافق" التى يرددها المحتل المغربي و عبارات اخرى " جديدة " مثل 
" الحل الكريم" كلها مفردات و صياغات تحاول الإلتفاف على حق الشعب الصحراوي و تتنكر لوجود إتفاق السلام بين الطرفين و تهدف كلها إلى تمرير و تشريع الأمر الواقع و تغيير الحدود الدولية المعترف بها و ضرب كل المبادئ السامية المنوه عنها فى الميثاق و المعاهدات الدولية.
إن الحل السياسي ذى المصداقية و الجدية و يتميز بالواقعية هو ذلك الحل الذي يجسد اختيار الشعب الصحراوي الذى بدونه يستحيل التوصل إلى حل عادل و نهائي.
امحمد/البخاري 12 شتنبر 2023

Contact Form

Name

Email *

Message *