ملك الفقراء أم المسؤول الأول عن تعاستهم
لا ينظر الناقدون إلى الملك المغربي محمد السادس بوصفه “ملكاً للفقراء”، اللقب الذي طلب أن يحمله منذ توليه العرش سنة 1999، بل “المسؤول الأول عن الفقر”، بحسب ما خلُص ناقد النظام الكاتب عبد اللطيف اللعبي. وفي هذا الإطار، قال اللعبي إن الملك “يدير بلده وكأنَّه يدير شركةً متعددة الجنسيات تهدف لزيادة غنى المساهمين”.
وتدعم أطروحات اللعبي هذه الفضائح التي نـُشرت في كتابٍ صدر سنة 2012 حمل عنوان “الملك المفترس”. وبحسب صاحبي الكتاب كاترين غراسييه وإريك لوران، فإنّ الملك ومن حوله “يستكسبون من الاقتصاد الوطني المغربي، مستخدمين وسائل شبه مافياوية، ولا يكادون يهتمون بالمصلحة العامة”. ونتيجة لما طرحه الكتاب من نقاط حساسة لدى العائلة الحاكمة، فقد مُنع من التداول في المغرب منذ صدوره.
العاهل المغربي يحتل المركز الخامس ضمن أغنى ملوك العالم خلال العام 2021 بحسب ما جاء في إحدى مقالات مجلة “ماريان” الفرنسية، بثروة بلغت 7.5 مليار دولار. وترى المجلة الفرنسية أن هذا الأمر يرتبط بصورة مباشرة بمعاناة المغاربة من الفقر، فهم سيبقون كذلك ما دام ملكهم يتمتع بكل هذه الثروة وليس من حقهم أن يكونوا أغنياء. وتزداد الأمور سوءاً عندما نعلم أن جائحة كورونا لم تؤثر على الاقتصاد المغربي بقدر ما أثّر عليه الملك. وتجدر الإشارة هنا إلى شراء الملك محمد السادس لقصر تصل مساحته 1000 متر مربع بقيمة 80 مليون يورو في شارع دي شانيل في باريس بفرنسا أثناء الجائحة.
ولا تزال ثروة ملك الفقراء تزداد يوماً بعد يوم، رغم تواصل مآسي الشعب المغربي وصعوبة الوضع الاجتماعي نتيجة أزمة “كورونا” وما تبعها من مخلفات. فعائدات “الحشيش” تستمر في دعم حساباته بحماية رسمية. كما أنه يحظى بحصة 40% من شركة “La Société Nationale d’Investissement” القابضة التي تمتلك حصصاً مسيطرة في أكبر بنك في البلاد، إضافة إلى مجموعة “Attijariwafa” وشركة مناجم، وأحد أكبر الشركات المصنعة الزراعية، فيما تدر استثماراته ومؤسساته المليارات خارجياً وداخلياً.
دوامة المديونية
تفاقمت المديونية الخارجية للمغرب بشكل متسارع خلال السنوات الأخيرة. ففي عام 2016، لم يكن الدين العمومي الخارجي يتعدى 312 مليار درهم. بيد أن هذا الدين بدأ يأخذ منحى تصاعديا عاماً تلو آخر، حيث قفز خلال سنة 2017 إلى 332 مليار درهم. وبعدما انخفض خلال 2018 بحوالي 6 مليار درهم، ارتفع الدين العام سنة 2019 ليصل إلى 340 مليار درهم. وأسفرت جائحة الكورونا بداية 2020 عن تسجيل قفزة صاروخية في الدين الخارجي، مرتفعا بأكثر من 34 مليار درهم، متجاوزا عتبة 370 مليار درهم. وفي سنة 2020، أصبح الدين الخارجي للخزينة يمثل 34.4 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، مقابل 29.5 بالمئة سنة 2019.
وفيما يتعلق ببنية الدين الخارجي العمومي، فإن المؤسسات الدولية المانحة أصبحت تشكل أول مجموعة من دائني المغرب بحصة تبلغ 49 بالمئة من مجموع الدين الخارجي العمومي، يليها الدائنون من السوق المالي الدولي والبنوك التجارية بـ 27.8 بالمئة، ثم دول الاتحاد الأوربي بحصة 16.2 بالمئة، بينما لا تتعدى حصة الدول العربية من ديون المغرب الخارجية 2.8 بالمئة. وتتكون سلة عملات الدين الخارجي للخزينة أساسا من اليورو بحصة 59.4 في المئة متبوعة بالدولار الأمريكي بحصة 34.8 في المائة، فيما تسبب المجهود المالي الذي قامت به الدولة من أجل مواجهة تداعيات الأزمة الوبائية على الاقتصاد الوطني، في تفاقم عجز الميزانية العامة وارتفاع الدين العمومي إلى مستوى قياسي.
يقول الخبير الاقتصادي نجيب أقصبي: “لقد دخل البلد في دوامة المديونية، ذلك أن الحكومة تقترض سنوياً ديوناً جديدةً، ليس من أجل توجيهها نحو الاستثمار وتأدية نفقات من شأنها تحريك الاقتصاد، بل تقترض من أجل أن تدفع ما عليها من ديون سابقة”.
تواجه حكومة عزيز أخنوش في الفترة الأخيرة غضباً اجتماعياً هائلاً بسبب ارتفاع الأسعار، إضافة إلى المخاوف من تدهور الأوضاع في ظل جفاف حاد يهدد بمردود ضعيف للقطاع الزراعي، الأهم في إجمالي الناتج الداخلي بالمغرب. وتصدر هاشتاغ “أخنوش ارحل” و”لا لغلاء الأسعار” موقع “تويتر” خلال الأيام الأخيرة في المملكة المغربية.
كما دعت أحزاب معارضة برلمانية وجمعيات لحماية المستهلك الحكومة في الفترة الأخيرة، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية القدرة الشرائية وضبط الأسعار.