-->

متى نلتفت إلى الكفاءات بالخارج ؟

 



بقلم : محمد فاضل محمد سالم الهيط.. 
تفاجأت كغيري بالمفاجأة التي زفتها لنا إحدى اكبر المطابع الجزائرية مطبعة ” الوطن اليوم” بإصدارها لثلاثة تحف عبارة عن روايات تخص ثقافة أقصى الجنوب الجزائري ، القليل ما إهتمت به النخب المثقفة الجزائرية. باليافطة العريضة وعلى كافة اشهاريات المطبعة نقرأ ، مفاجأة الوطن اليوم ” ثلاثية الكاتب: السيد حمدي يحظيه”.
نعم إنها مفاجأة لنا جميعا و خاصة إذا ما عرفنا بان الروايات الثلاثة طبعت في وقت واحد وهذا ناذرا ما تقوم به المطابع، لولا أهمية الثلاثية: “حجر تمنطيط، وصحاصي  رقان، و سيفار” و تعرضها بالتقصي والتحقيق والدراسة والإطلاع على ثقافة و تاريخ و فنوف و آداب سكان أقصى الجنوب الصحراوي الجزائري و ذلك باسلوب روائي شيق عرف الكاتب كيف يربط بين الفكرة وشخصية الرواية أو شخصياتها و الحدث و الزمان و المكان و يوظفها بطريقة سلسة تجعل القاري يتنقل فوق الرمال المتحركة للجنوب الجزائري دون أن تحرق رجليه و لا أن تتصبب جبينه عرقا.
ربما يتسائل البعض كيف بالكاتب الصحراوي أن يحرز اعتراف إحدى أكبر المطابع الجزائرية بجودة إنجازه وإذعان مدققو و مراقبو المطبعة لهذا الإنتاج الأدبي الفريد الذي يغوص في أغوار منطقة لاصلة للكاتب بها و قليلا ما غامرالكتاب الجزائريون انفسهم في ولوج متاهات الصحراء الوعرة المسالك.
الكاتب السيد حمدي يحظيه سبق أن دفع به القدر الى زيارة الجنوب الجزائري و التجول في ثلاثة مناطق من هذا الربوع هي “تامراست” و “جانات” و “إليزي” ونزل ضيفا عند كرام أهل الصحراء الجزائرية أهل العزة و الشرف و لا شك أنه تأثربما أحاطه به الأهالي هناك، بحيث أعتبر ضيفا متميزة بحكم أنه من الصحراء الغربية ومناضل في جبهة البوليساريو ربما في إعتقادي أن هذا المنتوج هو رد الجميل من الكاتب لسكان الجنوب الجزائري الذي نقل واقعهم الثقافي و التاريخي الى العالم أجمع و اعتراف منه بقوة الروابط الثقافية بين شعب الصحراء الغربية واهل الجنوب الجزائري الواسع.
هذه شذرات من ثلاثية الكاتب السيد حمدي:

” سيفار” هي مدينة مثل كلِّ مدن البشر الكبيرة في كوكب الأرض، لكنها في الحقيقة، لا توجد على الأرض. لا أحد يصدِّق أنها توجد في الأرض. حتى الذين زاروها وتجولوا فيها، يقولون أنَّها من كوكب آخر. توجد في مكان آخر أو عالم آخر لا يعرف أحدٌ أين هو. يمكن أن تذهب إليها عبر طريقٍ برّيٍ من “جانت” أو من “إليزي”، لكنك حين تصل إليها، وتقف أمامها، ستركع، ستحس أنَّك أصبحت في كوكب آخر غير كوكب الأرض.

هنا، تحت هذه الهضبة، حدث ذلك الانصهار العجيب للتاريخ والطبيعة والآثار والشمس والنخيل والماء والحضارات، فنتج عنه هذه الأسطورة التي نراها بأم أعيننا والتي تحمل اسم تمنطيط ذات اللون المحمر والمخضر. هنا، عاش البربر واليهود والنصارى والشرفاء والأئمة والفقهاء ورجال الدين والأغنياء والفقراء؛ عاشوا تحت سقوف نفس بيوت وقصور الطين، وشربوا من نفس الفقارات، وأكلوا من تمر نفس النخلات، واستظلوا بنفس الظل، وتحابوا وتعانقوا ورقصوا في نفس الحفلات، وتقاتلوا ودُفنوا في نفس المقابر.

.”نحن في فرنسا، حين يتعلق الأمر بماضينا في الجزائر، لا نقول الحقيقة إلا بعد أن نفقد الذاكرة أو نثمل”
تجدر الإشارة الى أن الكاتب و الروائي السيد حمدي له أكثر من خمسة عشر إصدار نذكر منها لا الحصر: “الولايات المتحدة الأمريكية وقضية الصحراء الغربية: اسرار و خفايا” صدر عن مطبعة لارماتان الفرنسية، كتاب “الأمم المتحدة و الصحراء الغربية” و هو كتاب قيم نفذت كليا الطبعة الأولى منه من المكتبات، صدر في الجزائر العاصمة، “فرنسا و عقدة الصحراء الغربية” عن دار لارماتان بباريس و غير ذلك من الإصدارات التي تم طبعها بمجهوده الخاص و بتشجيع من بعض الأصدقاء بعدما تجنبت وزارة الثقافة الصحراوية طبع له أي منتوج رغم عرض مسودة كتبه عليها و – السبب لا يعلمه الا الله – و حتى إتحاد الكتاب و الصحفيين الصحراويين لم يبادر في الإلتفاتة الى هذا الزخم من الإنتاج الفكري الثقافي و السياسي ويجنب كاتبنا التسكع أمام مطابع الغير ولا يحرم جمهور القراء من الإطلاع على إبداع هذاالكاتب المتألق.
مرة أخرى يطرح السؤال من له مصلحة في عدم الاهتمام بالكفاءات العلمية والثقافية في الخارج؟ من يدفع الى تجاهل القدرات الصحراوية العلمية التي أظهرت جدارتها في الجامعات الأوروبية ومراكزها للبحث العلمي واحتلت مكانتها في العالم الأكاديمي؟ ما يعني أن تجد هذه الكفاءات الصحراوية الإحترام والتقدير من جهات أجنبية ولا تجده عند الدولة الصحراوية؟
كاتبنا السيد حمدي يحظيه وتقديرا لإبداعيته للثلاثية: “حجر تمنطيط، صحاصي و رقان، و سيفار” سيكون ضيف مطبعة ” الوطن اليوم” في رواقها بالمعرض الدولي للكتاب الذي سينظم بين يوم 25 أكتوبرالجاري – 4 نوفمبرالقادم بالجزائر و ستتحمل المطبعة كل مصاريف الكاتب من تذاكر السفر و الإقامة مدة المعرض و الأهم بأن مسؤولي المطبعة نظموا برنامجا خاصا للكاتب الصحراوي يتضمن إضافة الى عرض كتبه واللقاء بقرائه في جناح المطبعة تنظيم له لقاءات مع كبار المثقفين و الكتاب الجزائرين و برمجة عدة محاضرات عن الصحراء الغربية و هكذا بدون مبرر يحرم جناح اتحاد الكتاب و الصحفيين الصحراويين من هذا الحضور المتميز.
و يبقى السؤوال متى نلتفت على الكفاءات الصحراوية في الخارج؟ و للحديث بقية…

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *