-->

ضمن ثلاثيّة مُفاجئة للكاتب الصحراوي السيد حمدي يحظيه رواية “حجر تنمطيط” تكشف فشل الموساد الصهيوني في الجزائر

 


صدرت عن دار النشر “الوطن اليوم” الجزائرية بحلة أنيقة وطباعة فاخرة، وبإهداء إلى الجزائر الشهداء، ثلاثية روائية للكاتب، السيّد حمدي يحظيه، من الصحراء الغربية.
وتحمل الثلاثية عناوين: “سيفار.. مدينة الشياطين الطيبين”؛ “حجر تمنطيط”؛ “محامي رقان”، ويقول عنها الكاتب إنها ذرة من رد الجميل للجزائر لدفاعها عن القضايا العادلة، وأنها احتفاء بالصحراء الجزائرية المبهرة وغير المكتشفة.
ما يجمع الروايات الثلاث هو روح المقاومة، بكل أنواعها، عن الوطن عند سكان وأرض الصحراء الجزائرية المدهشة.
ففي رواية “سيفار” يعتقد الكاتب أنه اكتشف اكتشافا مذهلا لم ينتبه له أحد من قبل، وهو أن الكثير من رموز الحضارة الغربية، مثل ملابس رجال الفضاء، التنانير فساتين السهرات، الكعب العالي والكثير من الرموز الأخرى، تمت سرقة تصاميمها من اللوحات، المرسومة منذ آلاف السنين، في كهوف سيفار؛ تتناول الرواية، أيضا، محاولة الاستعمار الفرنسي اختطاف بعض السكان من الصحراء الجزائرية لمحاولة تنصيرهم، لكنهم قاوموا بطريقتهم الخاصة، في قلب باريس، وبدل أن يتأثروا بالبيئة الأوروبية، التي وجدوا أنفسهم فيها عنوة، بقوا محافظين على هويتهم؛ أكثر من ذلك أثّروا في المحيط الذي عاشوا فيه، وتحوّلوا إلى مدافعين عن أرضهم في المهجر، وانتهى بهم المطاف لاجئين في سيفار مع العفاريت الطيبين بدل العودة إلى فرنسا. يقول الكاتب في مقطع من رواية سيفار:” اللوحات الفنية التي توجد في كهوف سيفار، تؤكّد أنَّ الجن الذي سكنها كان عبقريًا وطيبًا وفنانًا، وإلا كيف ترك البشر يرسمون تلك اللوحات الخالدة في الكهوف؟ إنها عفاريت تستحق الاحترام. إذا سمعت أنَّ العفاريت التي سكنت سيفار اختطفت أحدًا، فتلك مجرد خدعة يلجأ إليها البشر لإخفاء جرائمهم”.

ولا ينسى الروائي، وهو يجمع وينسج خيوط وأحداث روايته في قالب سردي سهل، أن يتناول حياة الطوارق في تلك الأرض الرائعة التي يقول عنها أنها ” لا تنتمي إلى الأرض إنما لكوكب آخر”. كما يركز الروائي على الأسطورة في عمله المذكور كعامل مهم يرفع من المستوى الفني والرمزي لروايته.
اما رواية “حجر تنمطيط” فهي تتناول محاولة فاشلة يقوم بها الموساد الإسرائيلي لسرقة حجر يقال إنه يوجد في مدينة تمنطيط، وتقول الخرافات اليهودية أنه يحمل اسم الأرض التي سيذهب إليها شتات الإسرائيليين بعد طردهم من فلسطين.
يتتبع الكاتب في الرواية سيناريو أعده فريق إسرائيلي خطط-وفشل- عميلة للاستيلاء على حجر قديم يحمل كتابات غامضة موجود في تمنطيط. لكن بدل أن يجعل الكاتب روايته رواية بوليسية بحته، نجده يُقحم فيها تاريخ مدينة تمنطيط، وينفض الغبار عن الكثير من الأحداث التي يعتقد أنها مجهولة.
من رواية حجر تمنطيط نقتبس ما يلي:” يقف النخيل المتكبر في واحات خضراء دائما، وبجانبه واحات من قصور الطين مثل خلايا النحل. يرسم النخيل الأخضر وقصور الطين في تمنطيط لوحة فنية خارقة رسمها فنان في قرون خالية، وبقيت محافظة على جمالها إلى اليوم أو إلى يوم القيامة. من أعلى، تظهر لك القصور الكثيرة المتلاصقة المهجورة مثل مدينة أُلقيت عليها قنبلة ذرية حطمت سقوفها وتركت الجدران في مكانها واقفة. لو ظللت واقفا اليوم كله، لن تمل من النظر إلى تمنطيط من أعلى، وفقط ستحس ذلك الإحساس المرعب والمدمر الذي يحسه إنسان كان في زمن ثم انتقل إلى زمن آخر بفعل قوة سحرية”.
وتتناول الرواية الثالثة – محامي رقان- جريمة تفجير القنبلة النووية الفرنسية في صحراء مدينة رقان والآثار الخطيرة التي نتجت عنها، والتي ظلت تلاحق اجيالا عديدة من سكان المنطقة عقودا بعد ذلك. في هذه الرواية يخلق البطل، الذي هو أحد ضحايا الإشعاعات النووية، ملحمته الخاصة في قلب فرنسا التي ذهب للتداوي فيها. فحين كان البطل على وشك أن يرفض الذهاب إلى فرنسا للتداوي فيها من الإشعاعات التي سببتها له فرنسا نفسها، خطرت على ذهنه فكرة وهي أن يقبل الذهاب إلى فرنسا تحت غطاء العلاج، لكن فقط من أجل أن يخوض معركة شرسة يدافع فيها عن مدينته رقان التي أحرقتها فرنسا بالقنبلة النووية. حين يصل البطل إلى فرنسا يقول للممرضة التي تداويه:” خدعتِني مثلما خدعتنا فرنسا. كانت تقول لآبائنا أنَّها ستحسن من حياتنا، وأنَّها تنقب عن البترول في رقان، وأنَّها ستحفر الآبار وتمد أنابيب المياه وأسلاك الكهرباء، لكنها كانت تصنع قنابل قتلنا، وكانت تلوث الهواء والماء والرمل بالأشعة والغازات النووية السامة القاتلة. أنتِ أيضا يا مادلين خدعتِني. كنت تعرفين أنَّ جسمي متشبع بالأشعة القاتلة الناتجة عن القنبلة النووية، لكن رفضت أن تقولي لي الحقيقة”.

ولا يبدو أن الكاتب يريد أن يتوقف عند هذا الحد من الروايات التي خصصها للجزائر، لكن توجد بحوزته- بالإضافة إلى هذه الثلاثية- حوالي تسع روايات أخرى، لم تُطبع بعد، خصصها لعالم الصحراء الجزائرية المدهش.
من بين الروايات التي تنتظر فرصة للطباعة نجد: قلادة ملكة الهقار؛ سر لثام إيموهاغ أو حكايات جانت؛ قصر تحت الرمال أو أسرار قصر الذراع بتيميمون؛ تيميمون، الحان وألوان؛ أسرار قصر تماسخت؛ بحيرة تاغيت الخضراء؛ تندوف ورواية صيف في تسمسيلت.
الثلاثية المذكورة ستكون حاضرة، بإذن الله، في معرض الجزائر الدولي للكتاب في جناح دار “الوطن اليوم” للنشر. ع.ع

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *