معبر الكركرات: درس آخر لموريتانيا
كلنا نتذكر ما حدث، سنة 2020م، عندما أغلق الصحراويون معبر الكركرات غير الشرعي. شنّ اللوبي المغربي في موريتانيا هجوما عنيفا، على مرحلتين، على الصحراويين. في المرحلة الأولى، تحرك هذا اللوبي في الداخل الموريتاني وفي مواقع التواصل الاجتماعي يتهم الصحراويين بقطع أرزاق الموريتانيين وحرمانهم من " كاروت وتماتا"، ودفع الأمر برموز هذا اللوبي إلى درجة الطعن في الأخوّة الموريتانية الصحراوية. استغل المخزن المغربي دعاية اللوبي الموالي له في موريتانيا، وقام بخرق وقف إطلاق النار، ومد الحزام الرملي إلى الحدود الموريتانية دون أن تحتج الحكومة الموريتانية أو تغلق المعبر غير الشرعي. تزامن مد الحزام الرملي إلى حدود موريتانيا مع بداية المرحلة الثانية من مخطط المخزن واللوبي الموالي له، وتميزت هذه المرحلة بالقيام بحملة تضليل كبيرة في موريتانيا ، تتحدث عن فتح عظيم وعن طريق دولي كبير يمر عبر الكركرات وموريتانيا، وتم تصوير هذا "الإنجاز" أنه معجزة من معجزات التنمية في إفريقيا، وظن المخدوعون بالمخزن ولوبياته أن موريتانيا، بفضل طريق الكركرات " العالمي" ستصبح مثل سنغفورة، وستعم التنمية، وستصبح الماشية في شنقيط تفطر بالخضر وتتغذى بالفواكه. لكن للأسف لم يكن السيناريو مثلما روج له المخزن ولوبياته في موريتانيا، وما تم الحديث عنه والترويج له لم يكن سوى ستارا من الغبار. السيناريو الحقيقي هو أن المخزن المغربي استغل البرغماتية الموريتانية والحماس لتأمين الطريق، فجعل من موريتانيا معبرا للمخدرات المتجهة إلى إفريقيا مقابل فتات من "تماتا وكاروت"، وبعد سنتين من فتح الطريق اكتشف الموريتانيون أنه لم تحدث هناك تنمية ولا مشاريع ولا بصل. بعد أن اشتدت الأزمة في المغرب، قام بوقف تصدير "تَمَاتا وكاروت" إلى موريتانيا، لكن بالمقابل ظلت شاحنات المخزن تمر عبر أراضي موريتانيا بدون توقف وبدون دفع ضرائب، وبدون حسيب ولا رقيب وبدون مقابل. الغريب أن موريتانيا الرسمية لم تتحرك وتطالب المغرب بمقابل عن مرور شاحناته بترابها، كما لم تسائله عن مشاريع التنمية الوهمية التي روج لها في البداية. حين اكتشف الموريتانيون الخدعة تدخلوا، وبدأوا معركة ضد هذا التصدير غير الشرعي الذي يمر عبر ترابهم بدون مقابل، وأصبحوا يصطادون الشاحنات بطرقهم الخاصة. حين حدث هذا تحركت الحكومة وفرضت ضرائب على الشاحنات المغربية، ولو لا تحرّك المواطنين وتصديهم للشاحنات في البوادي لظل المغرب يمرح في موريتانيا بكل أريحية. إذن، طريق الكركرات الذي كان بعض الموريتانيين يرجو منه التنمية والتجارة والازدهار، لم يحصلوا منه سوى على بعض كيلوغرامات من "تماتا وكاروت" الفاسدة بأثمان مرتفعة، وحين جاع رعايا المحزن قطعوها عنهم.
الشيء الثاني الذي تمت مكافأة موريتانيا به على سكوتها عن المعبر غير الشرعي هو أن المغرب حوّل طريق الكركرات إلى طريق الموت، وبعد فتحه أصبحت القوات الجوية المغربية تنتهك سماء موريتانيا وتعبث فيها مثلما تشاء، وتم قتل مجموعة كبيرة من المدنيين الموريتانيين بواسطة طائرات مغربية تمر عبر الأجواء الموريتانية، وهي الطائرات التي وصفها بعض الموريتانيين ذات مرة انها طائرات صديقة. الآن يقول بعض الموريتانيين أن حكومة موريتانيا فرضت الضرائب على الشاحنات المغربية بعد قتل الطائرات المغربية لمواطنين موريتانيين. هذا غير صحيح؛ هذه مغالطة، لأن الطيران المغربي يقتل الموريتانيين منذ عامين ولم تحرك الحكومة الموريتانية ساكنا. سبب فرض الضرائب على الشاحنات المغربية هو الحراك الذي قام به الموريتانيون رفضا لسكوت الحكومة.
السيد حمدي يحظيه