-->

ندوة فكرية : سيناريوهات حل الازمة الازوادية: بين "المرغوب والمرهوب" (وزير خارجية موريتانيا سابق)


مصر، تندوف، نواقشوط (وكالة المغرب العربي للأنباء المستقلة) يرى  وزير الخارجية والتعاون الموريتاني الأسبق، السيد محمد فال ولد بلال، في مداخلة قدمها  خلال  ندة في موضوع  "الأمن والاستقرار في منطقة الساحل ..الواقع والمآلات" وجود سيناريوهين لحل ازمة ازواد بين "مرغوب ومرهوب" ، الاول عبر مسلك المفاضات بين الفاعلين  على ضوء الاتفاقيات المبرمة مسبقا وتحت مظلة جهوية او دولية في ظل انخراط دول الجوار والاتحاد الافريقي والامم المتحدة، والثاني  فمزيدا من الحرب وغرق المنطقة في دوامة النزاعات والفوضى وما ينطوي عليه ذلك من عواقب وخيمة على الامن والاستقرار ومن أجل ذلك، ينبغي توجيه ثلاث رسائل واضحة: رسالة إلى الطوارق تؤكد على أن حلمهم بتأسيس دولة مستقلة لن يتحقق إلا على مراحل وأن الوقت لم يحن لذلك بعد؛ ورسالة إلى الطرف المالي الرسمي تقول له إنه لن يحسم الموضوع بالسلاح ولن يفرض بالقوة حلا على الطوارق بسلاحهم الحديث وخبرتهم القتالية المعروفة. وأخيرا رسالة إلى دول الجوار تدعوهم إلى التعقل والتبصر وتذكرهم بأن "من كان بيته من زجاج... لايرمي الناس بالحجارة" وتحثهم على توحيد الجهود والضغط في اتجاه حل يرضي الجميع.
هذا عن السناريو المرغوب والسلمي والرشيد، أما السيناريو الآخر، فهو سيناريو مرعب. وفي تصوري كالآتي: في غياب حل توافقي سلمي ومع طول أمد الحرب واستمرار العمليات العدوانية والإرهابية هنا وهناك في المنطقة (لاقدر الله) فإن الحرب قد لاتقتصر على مالي وحدها، علما بأن خصوصا وأن أحلام طوارق مالي تسري في الجسم الطوارقي كله وتدغدغ مشاعر باقي المجموعات المنتشرة بين الجزائر والنيجر وبوركينا. كما يمكن لهذه الحرب أن ترمي بحجارة في بعض المياه الراكدة كمياه الصحراء الغربية مثلا أو تنقل العدوى إلى الأقاليم الليبية... وإلى شمال نيجريا... أو تعطي دفعا جديدا للحرب في دارفور، وفي كازمانص (
Casamance) وشمال اتشاد أو تحفز أقليات أخرى... فالمنطقة في معظم أرجائها تتقاسم هشاشة الدولة والصراعات الإثنية والعرقية والعشائرية وتعاني من عدم الاندماج والتكامل الوطني واتساع مساحة الأقاليم وصعوبة السيطرة عليها، والتحديات البيئية الصعبة مثل (الجفاف والتصحر) والنخب العسكرية الحاكمة أو على الأصح الأنظمة السياسية الرمادية التي يصعب فيها التمييز بين السلطة العسكرية والمدنية. وفي هذا المضمار فإن مالي لا يعدو كونه مرآة تعكس الصورة العامة للمنطقة.
وختاما لما سبق، فإني أقول وبصوت عال إن حرب تحرير أزواد وتقسيم السودان ليسا سوى قطرة في بحر ما ينتظر المنطقة على المدى البعيد من تغيرات جوهرية قد تعيد إلى الأذهان ما حصل في قلب أوروبا – في البلقان ويوغسلافيا والاتحاد السوفياتي ـ من تفتيت وتشظ وإعادة رسم الخرائط والحدود وتأسيس عشرات الدول على حطام دول أخرى ماتت وانتهت.. كل ذلك بسبب الدكتاتورية والفساد وكبت الحريات وصراع الهويات وتصادم اللغات والثقافات والعجز عن التكامل والاندماج والانصهار في وعاء واحد يسع الجميع.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *