مجلة "وجهة نظر" تسلط الضوء على "مملكة الريع" المستبدة في المغرب والمعرقلة للديمقراطية
الرباط (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) سلطت مجلة "وجهة نظر" المتخصصة
في الدراسات السياسية والاجتماعية الضوء وبشكل أكاديمي وذكي على "سرطان الفساد
وشراء الذمم في المغرب" عبر الهبات والمنح ورخص استغلال قطاعات اقتصادية للموالين
للنظام القائم وكيف تحول هذ الريع الى آلية لاستمرار السلطة المخزنية وعرقلة الديمقراطية
وذلك تحت عنوان "ممكلة الريع".
ويبرز مدير المجلة
الأستاذ حسني عبد اللطيف في الافتتاحية تعريف الريع سياسيا واجتماعيا ويقدم تصورا له
في الممارسة السياسية المغربية وكيف أن سياسة الريع تبقى عنوانا بارزا للاستبداد وضمانا
لاستمراريته.
ويفسر عثمان الزياني
في مقاله "الريع والتسلط، قراءة في جدلية التلازم" مدى زواج الريع بالتسلط
وكيف تحول الريع الى أداة حقيقية لمنع أي تطور ديمقراطي في المجتمعات التي تعيش هذه
الآفة الخطيرة لأنه يعرقل تطور الحياة السياسية والاقتصادية. ولا يقتصر المقال على
الريع بمعناه المادي من منح وهبات بل حتى في الحياة السياسية
ويكتب عبد السلام
أديب في العدد مقالا بعنوان "تاريخ اقتصادي الريع في المغرب"، إذ يفصل الخلفية
التاريخية لتطور عقلية اقتصاد الريع في المغرب مرتكزا على الريع العقاري مؤكدا
"هيمنة السلطة تتم من خلال هيمنتها المطلقة على الأراضي الزراعية ومنحها حق الاستغلال
لمن يظهر الولاء". ويتخذ الكاتب هذه الخلفية التاريخية للريع القائم على الأرض
ليتطور مع تطور الدولة المغربية نحو قطاعات اقتصادية مثل الصيد البحري ومقالع الرمال
ورخص الاستيراد والتصدير، ويرى في مقاله أن اقتلاع الريع لن يتم إلا بالقوة كما حدث
في الدول التي نجح فيها الربيع العربي.
وفي مقال مفصل بعنوان
"الريع في معترك الرياضيين"، يبزر منصف اليازغي كيف تحولت رعاية الدولة المغربية
إبان الملك الراحل الحسن الثاني الى ريع حقيقي للرياضييين بما في ذلك الإعفاء الضريبي
لرياضيين مداخيلهم تفوق الملايين شهريا وكيف أصبح النظام يعمل على منح مختلف الرخص
وخاصة النقل للرياضيين المغاربة. ويكتب اليازغي بسخرية أن الكثير من الرياضيين يجتهدون
للحصول على مأذونية النقل رغم أنهم يعتبرون من الميسورين مثل عزيز بودربالة ونور الدين
النيبت الذي جنى ثورة هائلة من كرة القدم وهشام الكروج أغنى رياضي مغربي.
ولا يرصد عدد مجلة
"وجهة نظر" فقط مفهوم الريع وخلفيته التاريخية والفئات المستفيدة منه، بل
يقدم مقالات للشعارات السياسية التي رفعت محاربة الريع وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية
المتزعم للإئتلاف الحكومي. ويكتب رشيد شيريت في مقاله المعنون ب "العدالة والتنمية
وهلامية شعار محاربة الفساد" وكيف يحاول هذا الحزب الاستفادة من التجربة الهادئة
لحزب العدالة والتنمية التركي في محاربة الفساد وكيف أن السياقات التاريخية لكل حزب
تجعل هذه المهمة صعبة بحكم أن الحزب التركي يتحكم في مقاليد الحكم في حين يتفقد حزب
العدالة والتنمية المغربي للسلطة الحقيقية التي تبقى في يد القصر. ويوجه رشيد شيريت
انتقادا لاذعا لرئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران بشعاره "عفا الله عما سلف"
حيث بدأ يبرر الفساد. صاحب المقال يؤكد أن كل محاربة للريع تعني اصطداما مباشرا بين
الحزب والمؤسسة الملكية.
ويركز الباحث هشام
مليح في مقاله "الدين والمال والسياسة في تاريخ المغرب، نظام الامتيازات الجبائية"
وكيف أصبحت الجباية انعكاسا للبنيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية السائدة في الدولة
المغربية وشكلت الرؤية المركزية للمخزن للمجتمع المغربي والتحكم فيه عبر السيطرة على
التحالفات السياسية وتوزيفها لصالحه وكقوة لشل آلية المناهضين للمخزن أو احتوائهم.
ويفتقد العدد لمقال
تحليلي يعتمد الأرقام والتقارير الدولية ليبرز بشكل برغماتي وواقعي الكلفة التاريخية
لتأثير الريع على تخلف المغرب، إذ لا يمكن فهم مرتبة المغرب ما بين 120-130 في تقارير
الأمم المتحدة الخاصة بالتنمية دون معرفة دور الريع الذي تحتضنه السلطة.
ويتضمن العدد مقالات
أخرى من ضمنها "العولمة والفساد علاقة تبني أم علاقة إفراز" من توقيع عبد الغني بامو و"الأعيان المحليون
في النسق السياسي-الإداري المغربي بقلم محمد المولودي ثم "أسئلة مبدئية حول المرجعية
الإسلامية في دستور 2011" للباحث أوترحو رشيد و"الرأسمال الثقافي في التلفزيون
العمومي بالمغرب، برنامج للا لعروسة نموذجا".