-->

تأملات حول الدراسة-التحليل الحديث النشر من طرف معهد الدراسات للأكاديمية العسكرية للجيش الامريكي (ISS) الاستراتيجية

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)
1. قبل كل شيئ، لا بد من التوجه بالشكر العميق لمركز الترجمة التابع لوزارة الخارجية على ترجمتهم لمضمون الدراسة الى اللغة العربية. ان هذا العمل، و بدون شك، يستحق العرفان نظراً لاهميته في تعميم هذه الافكار على ‘نُخبة البوليساريو’.
2. ان اهمية هذه الدراسة تكمن في ان احد اقطاب العلم و المعرفة التابع لجيش اكبر قوة في العالم قد تطرق الى قضية هي بعيدة كل البعد منه مثل القضية الصحراوية، متوجها اليها بتطبيق كافة اساليب العلم والمعرفة المتوفرة لديه بالدراسة العميقة والتحليل العلمي لتلك القضية.
3. تم انجاز الدراسة لغاية واضحة و هي “توفير دروس مهمة لصناع الاستراتيجية العسكرية و مراكز اتخاذ القرار”، حسب ما عبر عنه مدير المعهد المذكور بكلماته.
4. تم انجاز الدراسة اعتمادا على حدس مليئ جدا بالتشاؤم و هو: انه “لا يوجد في الآفاق حل للنزاع بين المغرب و القوميين في الصحراء الغربية”.
5. الموقف التقليدي للولايات المتحدة لصالح المغرب بات واضحا عندما يعلن ان “اهمية امن المغرب تجعل واشنطن تلي اهتماما كبيرا لمجهوداتها الرامية لإيجاد حل للنزاع في الصحراء الغربية”. اي، ان حل النزاع لا بد ان ينطلق دائما من منظور الامن المغربي.
6. ان المنهج المتبوع من طرف معدي الدراسة، ذو الطابع الأكاديمي بالاساس، يجعل من غير الضروري قراءة ما بين السطور لمعرفة اي موقف يوصون به او الفرضية التي يقدمونها. عند اعدادهم لمضمون الدراسة بشكل منتظم، قرروا ترك التوصيات النهائية للتطرق الى كل ما يمكن للقراء البحث عنه ما بين السطور.
7. بكل وضوح، التوصيات النهائية للمعهد دافعت عن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية. لكن هذا التوجه ينطلق من اعتقاد خاطئ يجزم بأن شرعية او امن المملكة العلوية متعلق مباشرة بإنضمام الصحراء الغربية.
8. هذا الاعتقاد الحاطئ يدفعهم، اي معدي الدراسة, الى خوض النزاع من منطلق التصادم ما بين مفهومين قانونيين: ‘الحق في تقرير المصير’ و ‘السيادة’. و يشير ايضا الى الموقف القانوني للولايات المتحدة و المعبر عنه من طرف السناتور المتقاعد جورج ماكڭوفرن) ديمقراطي ذو الافكار الاكثر اشتراكية في التاريخ (و الذي قال: “ما
يوجد في النهاية على المحك هو النظام القانوني الدولي لما بعد الحرب العالمية الثانية “. معنى ذلك انه لا يوجد اي بديل عن القرار، 1514 للامم المتحدة و الذي يسمى “إنجيل الشعوب” في الفقرة 2 الصفحة 6 من نسخته باللغة العربية.
9. في الحقيقة، ما يقوم به المعهد هو دعم الموقف المغربي بالسند القانوني و الذي هو بحاجة اليه. او، بكلمات اخرى، بدلا من التحدث بوضوح عن انتهاك للشرعية الدولية او عن غزو )المصطلح الذي غاب عن الدراسة او تمت الاشارة اليه فقط كعنصر جامع للاحساس بالهوية الوطنية للصحراويين( الشيئ الذي يجعل المعهد يعترف بشيئ
من ‘الحق’ للمغرب في ضمه للإقليم. لهذا تجدهم يتكلمون عن ‘السيادة’ و كذا توصولهم الى خلاصة القول بأن النزاع هو عبارة عن تصادم ما بين ‘السيادة’ و ‘تقرير المصير’.
11 . في هذه النقطة، و حسب وجهة نظري الشخصية، العبرة التي يجب علينا ان نستخلصها من هذه الدراسة تتمحور حول العناصر التي تضمن الوصول الى كلى المطلبين. معنى ذلك، ما هي العناصر التي تضمن الوصول الى مطلب ‘السيادة’ و ما هي التي تضمن الوصول الى مطلب ‘تقرير المصير’. ان متانة تلك العنصرين معا و ضعفهم هو ما دام هناك وقف لاطلاق النار الذي سيقرر في النهاية الفكرة – - التي سيتم فرضها: اما ‘السيادة’ او ‘تقرير المصير’. نظرا لكون الطريقة القانونية محصنة) ما قاله السناتور ماكڭوفرن (وان الامر الواقع في استمرار )الاحتلال\المملكة(، حاولت الدراسة تسطير استراتيجيات دائمة للامد البعيد و الهبوط الى معترك خلط العنصرين السالفي الذكر و اللذان يعتبران مطلبان في كافة التناقض.
11ـ من هو الذي يضمن او يكافح من اجل ‘السيادة’؟ تأكيدا هو السلطة الموجودة، و في هذه الحالة المملكة. من جانب آخر، من هو الذي يضمن او يكافح من اجل ضمان “الحق في تقرير المصير”؟ فقط وجود الاحساس بالهوية الوطنية هو الذي يضمن و يأدي الى الحفاظ على الآمال في التمتع بالحق في تقرير المصير.
12 . في خضم تقييمها و تقديرها لقوة او ضعف تلك العناصر، تتميز الدراسة بالكثير من الاهتمام الجيواستراتيجي للمغرب و مملكته معتبرة المشاكل الكبيرة في مجال الديمقراطية التي يعاني منها النظام كجزء من عناصر الضعف. في ما يخصنا نحن، هنا اقدم لكم السر الكامن في الدراسة و هو ان المعهد قام بذكر العبارة ‘احساس\هوية\الوعي الوطني الصحراوي’ ما يقارب الخمسة و عشرين مرة.
13 . الحقيقة هي ان مصالح واشنطن ذو طابع شبه قانوني، اي، ان المصالح تتخطى ما هو قانوني بمعنى الكلمة. عند القيام بالتخطيط لاستراتيجياتها، عادة ما تبحث الولايات المتحدة عن العناصر الدائمة و ليست العناصر الظرفية . اي، ان عناصر كالمملكة\السيادة كوعي وطني\تقرير المصير هي عبارة عن عناصر قابلة للتغيير مع الزمن. في هذه النقطة تتطرق الدراسة الى بعض محتويات تقارير ‘كريستوفر روس’) نوفمبر 2112 ( و الذي يشار فيه الى خلاصة ان “مرور الوقت يمكن ان يغير الكثير من الاشياء”. و لإبراز معلومة تساند هذه الخلاصة، تعتبر الدراسة العام 1957 كتاريخ البداية في ابراز المطلب المغربي و تحدد العام 1958 )استرجاع )طرفاية( كبداية ظهور القومية الصحراوية. اي، ان المعهد يضع المملكة و القومية الصحراوية في نفس المستوى و لهذا يلي اهتمام كبير للعناصر التي يتأسس عليها كل مطلب: المملكة مقابل الوعي الوطني.
14 . كاتب هذه السطور يجهل اما اذا كان مفهومه للوعي الوطني يشاركه فيه قادته ام لا. الا ان هناك معلومة مؤكدة و هي ان كلمة “التحام” موجودة على الاقل في اربعة من شعارات المؤتمرات العامة لجبهة البوليساريو و لهذا اعتقد ان هناك دوافع للقلق.
15 . بالرغم من ذلك فإن المعهد، و بدون قصد في ما يبدو، يوفر للبوليساريو وسيلة مهمة جدا لتقوية و تمتين الاحساس و الوعي الوطني: العمليات البطولية التي قام بها ‘اولاد الصحراويات’ في جبهات القتال. بمعنى آخر، اذا ارادت البوليساريو تقوية وتمتين الوعي الوطني للصحراويين سيكون ذلك سهلا: عليها فقط بكتابة تاريخها و نشره بين الصحراويين.
16 . ان صفحات الدراسة التي تتطرق الى بطولات مقاتلينا في جبهات القتال حقيقة لتوقظ مشاعر الغيرة في اي قارء و ذلك ما يشهد عليه هذا المقطع من الدراسة: “و كما رأينا، فإن قوات عسكرية ذات تدريب وتجهيز امريكي، مثل القوات المسلحة الملكية, يمكنها ان تتكبد هزائم كبيرة على المستوى التكتيكي و حتى العملياتي على ايدي اعداء مقتدرين مثل البوليساريو”. انها لشهادة ذات قيمة لا تحصى. لهذا، اعتقد انه يمكن الوصوا الى خلاصة واحدة و هي: اذا كانت بطولات مقاتلينا تثير هذا القدر الكبير من الانتباه و الاهتمام و العناية من كبار المخططين لاستراتيجيات الجيش الاقوى على وجه الارض، فهذا عنصر، بدون شك، سيجعل تلك البطولات ايضا تثير اهتمام و حماسة كل الصحراويين. و بفضل علم الاجتماع نعلم ايضا ان الاحساس بالهوية نابع من الاهتمام و ان الوعي الوطني من الحماسة.
17 . و كدليل قاطع على مستوى التهميش و النسيان اللذان وصلت اليهما هذه البطولات، اقدم لكم هذه المعلومة: من ضمن الاعياد الرسمية لدينا هناك مناسبة تسمى “اليوم الوطني للخيمة” ولكن ليس عندنا “اليوم الوطني لجيش التحرير الشعبي الصحراوي”.
بقلم : حدمين مولود سعيد

Contact Form

Name

Email *

Message *