-->

التغيير في زمن الفواتير


بعد مرور اكثر من أربعين سنة على إندلاع الثورة الصحراوية ،و عقود على قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية،ولأن الهدف الذي أعلنا كفاحنا من أجله وأقمنا دولة في سبيله ،وقدمنا قوافلا من الشهداء البررة وتحملنا اللجوء والحرمان دون أن تظهر بوادره من خلال العودة الى وطننا معززين مكرمين تحت راية الدولة الصحراوية التي نحلم بها،كان لابد من حل شفرات لغز سياسي يؤدي حتما الى معرفة مركب النقص الذي يجر العربة الى الوراء ،فالشعب نفسه هو الشعب الذي إنصهر في بوتقة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب والجيش هو نفسه الذي لقن العدو المغربي دروسا في الشجاعة والإقدام وصنع ملاحم بطولية ستبقى راسخة في الذاكرة الجماعية للشعب الصحراوي. 
إن المتغير الثابت في تاريخ ثورتنا المجيدة ودولتنا الفتية هو النظام الحاكم الذي إنحرف إنحرافا كليا عن قيم ومبادئ الثورة منذ وقف إطلاق النار،فبدل الحفاظ على المكتسبات التي حققها الشعب الصحراوي بتضحياته الجسام ذهبت رموزه الى العمل على الحفاظ على بقائها في السلطة إنطلاقا من المقولة الشهيرة لمكيافلي (( الغاية تبرر الوسيلة)) ولو كانت الضحية قضية عادلة وشعب أعطى ما استبقى شيئا. 


وعجبي من أناس تربعوا على مقاعد السلطة ردحا من الزمن ،وبدل تحقيق أهدافنا أصبح اليأس يدب في النفوس والأحلام الوردية تتبخر يوما بعد يوم،وبالرغم من هذا كله لا احد منهم صاح صيحة النعجة وترك عنه الكرسي وأراح الشعب وأراح نفسه من أعباء مسؤوليات أصبحت أكبر منه،وليت الأمر يتعلق بالرئيس وحده لهان الأمر،فهذا نظام برئيسه ووزارئه وبقادته العسكريين وبسفرائه وممثليه وأمنائه العامين ومدرائه المركزيين والجهويين وكتابه وسواقه وطباخيه مترنحون على العرش لأكثر من أربعين سنة،وبالتاكيد فإن هذه ظاهرة سياسية جديدة جديرة بالدراسة والتحليل رغم أني ادرك تمام الإدراك انها ستكون من أسواء الظواهر السياسية في تاريخ انظمة الحكم البشرية. 
لقد بينت الحركية الأخيرة التي قام بها الرئيس بأن التغيير الذي ينشده الشعب الصحراوي أصبح رهينة مزادات سرية في أروقة الحكم البقاء فيها لمن يدفع فاتورة الولاء والطاعة وتعصف بكل من تقرأ في عينيه علامات التمرد واللارضى حتى ولو كانت لديه إبتسامة خبيثة ،ولا أظن أن الشعب الصحراوي سيبقى مكتوف الإيدي في وجه الذين يعبثون بمصيره عبثا، فالتاريخ علمنا أن الشعوب قد تنام طويلا،لكنها إذا استيقظت يسطع النور تلقائيا بعد طول ظلام. 
بقلم: الاستاذ التاقي مولاي ابراهيم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *