-->

الاتحاد الاوروبي مفتاح الحل لصراع الصحراء الغربية

الصحراء الغربية (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة) في ديسمبر الماضي قام البرلمان
الاوروبي في خطوة مفاجئة بلي ذراع العدالة والشرعية الدولية من خلال موافقته بأغلبية ضئيلة على المصادقة على بورتوكول إتفاقية الصيد المشتركة بين الإتحاد الأوروبي والمغرب، سامحا للسفن الأوروبية بالصيد غير الشرعي في المياه الإقليمية للصحراء الغربية المحتلة من قبل المغرب.
وقد تناقض مثل هذا التفسير للقانون الدولي مع قرار سابق لنفس البرلمان سنة 1122 تمثل في رفض المصادقة على إتفاقية حينما إستحال عليه إيجاد أساس قانوني للمصادقة النهائية.
وقد بدد هذا القرار الأخير آمال شعوب المنطقة وجعل فرص السلام بعيدة المنال كسراب في الصحراء.
وسلط الإتفاق من جديد الضوء على دور الإتحاد الأوروبي في الصراع، ومما لا شك فيه أن قرارات الإتحاد الأوروبي لها وزنها وتأثيرها على الصراع الصحراوي المغربي بحيث قد تساعد على حل الصراع أو قد تزيده تعقيدا.
ومن خلال الدخول في تعاملات مشبوهة مع المغرب فإن الإتحاد الأوروبي يضر بالسلام ويخون مبادئه التي تاسس عليها، ولكن التأثير الأكثر مدعاة للقلق لهذا النوع من الإتفاقيات هي الإشارات الخاطئة المرسلة إلى شعوب المنطقة. ويشتهر المغرب بخداعه من خلال إساءة تفسير أي إتفاق مع الاتحاد الاوروبي أو أي مؤسسة أخرى على أنه دليل على شرعية إحتلاله غير الشرعي مما يسمح له بإطلاق العنان لشعوره بالإفلات من العقاب وتحديه للقوانين والقواعد الدولية.
ولسنوات عديدة أدى إحتماء المغرب من عواقب إنتهاك القانون الدولي إلى إفشال كل المحاولات للتوصل إلى حل عادلوسلمي للصراع وأطالت عمره إلى ما لا نهاية وأجبرت العديد من الوسطاء على الإستقالة سخطا بسبب الذين وجدوا أنفسهم حبيسي سندان التعنت المغربي ومطرقة الموقف الخاطيء لنفس الدول الأوروبية.
وقد إتفق كل من المستشارين القانونيين لمجلس الأمن والبرلمان الأوروبي عأنه يجب قبل أي إستغلال للموارد الطبيعية الصحراوية أن تأخذ المباديء الأساسية أهمية قصوى من قبيل موافقة الشعب الصحراوي وإستفادة السكان الصحراويين والمخاوف البيئية وكذا إحترام حقوق الإنسان، ولم يحدث أبدا أن أُحترمت أيا من هذه الشروط التي لا غنى عنها.
وقد أفشلت جميع محاولات إيقاف الإتفاق بسبب الحجج الواهية المقدمة من قبل اللوبيات القوية لإخفاء الحقيقية متجاهلتا التأثيرات المدمرة على عملية البحث عن تسوية سلمية الكل في حاجة إليها. حيث تم تجاهل المتورطون وبشكل صارخ المظاهرات المتكررة في مخيمات اللاجئين الصحراويين وفي المناطق المحتلة من الصحراء الغربية المنادية بوقف الإتفاق، كما تم أيضا تجاهل نداءات المنظمات الإقليمية مثل الإتحاد الإفريقي.
إن السماح للصراع بالتفاقم من خلال تغذية الحلم المغربي بإمبراطورية وهمية بإستمرار كان وسيظل خطأ قاتل، فالمغرب العربي الواقع على أعتاب أوروبا يعتبر منطقة حيوية للإزدهار والأمن في الإتحاد الأوروبي، وكل من الإتحاد الأوروبي والمغرب العربي يحصد ثمار 01 سنة من إستراتيجية خاطئة أخلاقيا وقانونيا.
وقد أدت أربع عقود من عرقلة عملية تصفية الإستعمار من الصحراء الغربية بالمنطقة إلى الوضع البائس الذي نراه اليوم: مصادر قيمة حولت للجهود الحربية وتعزيز الأجهزة الأمنية للحفاظ على المشروع الإستعماري، واستنزف المغرب الملايين إقتصاديا ودون داع حيث ترك الملايين في حالة من اليأس والآلاف من المهاجرين تتدفق بإستمرار إلى أوروبا وأضحت ويلات الإرهاب جزء من المشهد.
ويكاد التكامل الإقليمي المطلوب بإلحاح شديد في القضايا السياسية والإقتصادية والأمنية يكون معدوما وعزز الذعر الناتج من توسع الحدود المغربية من إنعدام الثقة بين الجيران مما عرقل التصدي للمشاكل الإقليمية ولا يزال المنطق إلى حاد الساعة مغيب. ولا يزال المغرب في مزاج لا يوحي بتغير توجهه وساعده في ذلك بروتوكول الإتفاق الوقع مؤخرا وإرتكابه لإنتهاكات حقوق الإنسان دون رادع في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية. بل على العكس من ذلك ، فالمغرب يسابق الزمن من خلال محاولة إغراء الشركات الأجنبية بتقديم عقود مربحة للمشاركة في نهب ثروات الصحراويين وطرد المراقبين الدوليين بشكل مهين من الإقليم بما في ذلك أعضاء البرلمان الأوروبي.
وأكثر ما يحيرني وما لا أجد له تفسيرا بصراحة هو ما يجري من نقاشات في الإتحاد الأوروبي لمكافأة المغرب من خلال تقديم المساعدات السخية ومنحه وضع متميز. وهذه المرة تستوجب خطورة الوضع الإقليمي وضع شرط العمل لصالح السلام والأمن، وينبغي لدروس الماضي أن تحدد علاقات المستقبل.
ويساهم الإتحاد الأوروبي عن قصد أو عن غير قصد في تفاقم الأوضاع الخطيرة سلفا المحيطة بالقضية الصحراوية.
وتستمر جحافل مستشاري الظلم والمدافعون عنه بالتبشير بتحول معجز بين ليلة وضحاها للمغرب، وهو ما لم يحدث، من دولة توسعية وقمعية إلى جنة مثالية للديمقراطية والتسامح وفي المقابل لا يدخرون جهدا في شيطنة القضية الصحراوية، في خطوة ماكرة لجعل الدعم الأوروبي السخي مقبولا ومستساغا فضلا عن إعطاء المبرر لإستمرار المغرب غير مكترث في نهجه العدواني.
لقد أثبت التاريخ الأوروبي الحديث أن الإحترام المتبادل والتعايش السلمي هما الضامنان للإستقرار والتقدم، ولا ينبغي للإتحاد الأوروبي أن يتعلم من ماضيه وفقط، بل عليه أن يبين لقادته السياسيين مسؤوليتهم في هذا الصدد.
ليس في مقدور التستر أو التصوير الوهمي المستمر مهما كان قدره أن يغير طبيعة الصراع لأنه ببساطة ملحمة شعب قليل يرغب في العيش بحرية في سلام وإستقلال ويدير شؤونه بنفسه على أرض أجداده وبتناغم مع شعوب الدول المجاورة. ولكن المغرب يتوقع من الإتحاد الأوروبي أن يكون شريكا له في جرائمه.
ولحسن الحظ أن الصورة ليست بأكملها قاتمة فقد بدأت أصوات من الإتحاد الاوروبي ترتفع للتعبير عن القلق وإضفاء الأخلاق والفضيلة في تعاملهم مع صراع الصحراء الغربية، وكبصيص أمل أوقف المستثمرون إستثماراتهم أو سحبوا رؤوس أموالهم من الشركات التي تورطت بشكل غير قانوني في سرقة ونهب الموارد الطبيعية الصحراوية.
وكل يوم تصبح المزيد من دول الإتحاد الأوروبي والبرلمانات الوطنية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات حقوق الإنسان أكثر إسماعا لصوتها وأكثر إلتزاما بإتجاه تصحيح موقف الإتحاد الأوروبي تجاه هذا الصراع الذي طال أمده. إن الأمر بما فيه ليس الرغبة في معاقبة المغرب بقدر ما هو إنقاذ المغرب من نفسها وإستعادة العدالة وتحقيق الإستقرار والأمن لكل من منطقة المغرب العربي وأوروبا.... مهمة لا تخلو من الصعوبة ولكنها مقاربة واعدة تستحق بكل تأكيد تشجيعنا للمضي فيها قدما.
بقلم ـ علين حبيب الكنتاوي ـ ممثل جبهة البوليساريو بالسويد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *