-->

"بوديموس"و بصيص الأمل!!

من غير السهل على الإطلاق إعادة الثقة للصحراويين في دولة كانت سبب معاناتهم و
مآسيهم، خاصة إذا كانت هذه العلاقة قد طبعها التجافي و الهجران على مر 4 عقود الماضية بسبب الدور الغير مشرف الذي لعبته إسبانيا إثناء و بعد إنسحابها من الإقليم.
بعد كل الؤعود التي تلقاها الصحراويين من قبل أحزاب و سياسيين إسبان و التي كان أشهرها وعد و إلتزام رئيس الحزب الإشتراكي السابق "فيليبيغونزاليز" عندما زار المخيمات سنة 1976 و ألقى خطابه الشهير الذي أكد فيه ؤقوف حزبه إلى جانب الصحراويين في كفاحهم من أجل الإستقلال ، هذا الوعد لم يمكث سوى سنة حتى أثبت أنه لا يعدو أن يكون من "الؤعود الكاذبة" التي أصبحت فيما بعد سياسة إنتهجها الحزبين الرئيسيين في إسبانيا بخصوص القضية الصحراوية، أي أن ثقل الملف و حساسيته تجد فيه هذه الأحزاب ورقة ضغط في المعارضة و سرعان ما تتنكر لذلك و تستسلم لسياسة الإنبطاح و التملق بين يدي المخزن حال ؤصولها إلى الحكم، بعد كل هذه الؤعود يأتي اليوم الدور على وعد من نوع أخر يرى كثيرون أنه قد يختلف عن سابقيه.
يأتي الإلتزام هذه المرة من طرف حزب كسر القواعد و فاجأ الجميع و لا زالت نتائجه تبهر و تحير المتتبعين من إسبانيا و من خارجها ، "بوديموس" الذي تأسس شهر يناير الماضي و فجر المفاجأة الأولى في إنتخابات البرلمان الأوروبي بحصوله على مليون و نصف مليون صوت بمعدل 5 مقاعد في البرلمان يؤكد على لسان أبرز قيادييه "بابلو إغليسياس" أنه سيجعل من مطالب الصحراويين مطالبه و أن هدف حزبه هو عكس تطلعات الشعب الإسباني، هذا الأخير الذي يقف في غالبيته مع كفاح الصحراويين.
ليست المرة الأولى التي يلتزم فيها "بوديموس" بالؤقوف إلى جانب حق الصحراويين في الحرية ، بل إن هذا الحزب يصر على أن تكون القضية الصحراوية حاضرة في كل أدبياته ، و يضعها من بين أولوياته في السياسة الخارجية للحزب، كما أن القضية الصحراوية كانت حاضرة في جمعه العام الأول حيث تبنى الحزب عدة قرارات كان أشهرها ضرورة الطعن في إتفاقية مدريد الثلاثية و الإعتراف بمسؤولية إسبانيا تجاه مستعمرتها السابقة.
"بوديموس" هذه التشكيلة الجديدة التي باتت تعكر صفو أكبر و أعتق حزبين سياسيين في إسبانيا و ذلك بسبب النتائج المبهرة التي تحصل عليها مؤخرا حيث وضعته أخر إستطلاعات الرأي في المرتبة الأولى متفوقا على الحزب الشعبي الحاكم و تشكيلة "بيدرو سانشيز" التي و بالرغم من محاولات التحديث و التغيير وجدت نفسها في مواجهة طموح "إغليسياس" و رفاقه ، بات هذا الحزب الذي يتخذ من إسمه الذي يعني "قادرون" عنوانا له ملجأ لكل من ضاقت بهم و سأموا تعاقب حكومات هدفها الوحيد هو ملأ جيوبها و حساباتها البنكية من أموال الإسبان الذين أنهكتهم الأزمة الإقتصادية و أجبرتهم على التفكير في بديل ينقذهم من سياسات تقشفية أثبتت فشلها ، و يبدوا أن "بوديموس" بات قاب قوسين أو أدنىمن أن يصبحذلك البديل الذي عليه أن يلعب دور المنقذ لدولته و شعبه.
يجمع مراقبون و محللون من أصدقاء القضية الصحراوية في إسبانيا أنه رغم صعوبة تغيير الموقف الإسباني المخزي من القضية الصحراوية بسبب كل التراكمات التاريخية و بحكم العلاقات المميزة التي تربط مدريد بالرباط، إلا أن بوديموس بدون شك سيكون أفضل بكثير من الحزبين التقليدين بإعتباره حزب مناوئ للسياسات الأمريكية و الفرنسية فضلا عن كونه صديق مقرب من الدول الحليفة للصحراويين ككوبا و فنزويلا...إلخ بالإضافة إلى كونه حزب يتبنى خطاب الطبقة الوسطى التي تساند في غالبها الصحراويين في مطالبهم من أجل الحرية، إلا أن الكل يجمع على أنه لا ينبغي الإفراط في التفاؤل لان السياسة عودتنا و علمتنا أن لا نثق بأحد.
مما لا شك فيه أن "بوديموس" الذي يشكل مثالا فعليا لليسار في إسبانيا و في أوروبا سيكون له مستقبل باهر على هتين الساحتين ، و أنه سينجح عاجلا أم أجلا في إختراق قصر "لامونكلوا" ، و بالتالي فإن الكرة في مرمانا الان، فهل ستفلح ديبلوماسيتنا في إستثمار هذه الفرصة و بناء علاقات مميزة و بعيدة المدى مع هذا الحزب الناشئ؟ أم أن وعد "بوديموس" سينضم إلى سابقيه من "الؤعود الكاذبة" بسبب تفريطنا و إهمالنا لا بسبب قوة عدونا؟!..
بقلم: المحفوظ محمد لمين بشري.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *