-->

من ذاكرة الثورة : الشهيد الحافظ بوجمعة

لقد قررت منذ مدة القاء الضوء على ما لم يذكر من سيرة هذا الرجل
الوطنية، والتي وجدتني منشغلا بها منذ زمن طويل، وهو ما كنت أشرت إليه في مداخلة سابقة في الندوة الوطنية للذكرى الاربعين لاعلان الثورة والكفاح المسلح للشعب الصحراوي، المنعقدة بولاية السمارة.
إن هذا الرجل للذين لايعرفونه هو واحد من الأبطال الذين يستحقون الكتابة والاشادة بسيرهم النضالية الوطنية، وهو في تقديري يسمو الى مصاف كبار المناضلين، الشهداء، لما يتحلى به من الصفات النادرة. فهو شخصية قوية وطنيا ولكن ايضا قوية بدنيا ومعنويا، لايهاب، لايكل، لايمل له من قول الشاعر:
مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
وإذا كانت أسماء بنت أبي بكر قالت في ابنها: اما آن لهذا الفارس أن يستريح؟ فإننا نقول لصاحبنا وبطلنا وشهيد قضيتنا الوطنية ايها الشباب :
أما آن للشهيد الحافظ بوجمعة أن يعرف وكذلك غيره من شهداء القضية الوطنية؟
لقد كتبت مجلة 20 ماي الوطنية عنه في عددها الصادر بتاريخ: 22 غشت1975م، العدد 22، الصفحة17، والذي اريد اضافته هنا هو:
لماذا البوليس الاسباني ركز على تعذيب هذا البطل الصامد حتى الموت؟
بالاضافة الى ما ذكرته مجلة 20 ماي من ان الرجل كان عضوا في البوليس الاسباني واستقال منه محتجا على ما حصل من المستعمر في الرد على احداث 17يونيو1970، فإن وجود هذا الشاب القوي اللامع في مقدمة قيادة المطالبات والاعتصامات ذات الطابع الاجتماعي، قد ازعجت المستعمر كثيرا، وأنبأت بخطورة ماهو قادم من ردات فعل.
هذه الاعتصامات والمطالبات التي بدأت من شهر غشت سنة 1971م، واستمرت الى غاية سبتمبر من سنة 1972م، والتي انتهت باشتباك مع حراس "ديليغاثيون غوبيرناتيفا"، والتي سقط فيها احد الحراس على يد الشهيد الحافظ البطل ارضا، ثم فر تاركا سلاحه.
وبعد قليل تدخلت قوات "الترسيو" والشرطة، وحاصروا المحتجين وارغموهم على الصعود في الشاحنات وإجلائهم الى الجهات القادمين منها.
لقد شكلت تلكم الاحتجاجات والاعتصامات فرصة تعارف رسخت الثقة التامة التي لم تكن موجودة من قبل، إذ لم يكن قبل ذلك يثق الرجل في ابنه ولا اخته، وهو الجو القائم الذي يعرف ب"تشكامت" عند سكان المنطقة.
وأود أن اشير كذلك الى ان هناك مجهودات جبارة وخطيرة ساعدت على إدارة وتوجيه الاعتصامات والاحتجاجات كان الفضل فيها للدور الذي لعبه الاخوة العسكريين والاداريين من الصحراويين وأذكر منهم: محمد ودداي، الركيبي محمد الناجم (شهيد)، سيد امو الشيباني(شهيد)، محمد ولد السالك (شهيد)، امربيه البخاري (شهيد)، احمدو العروة (شهيد)، عيسى اعلي موسى، سلامة المامي (شهيد)، احمادة الدويه، البشير ولد السويح.
يمكن القول ان الشهيد الحافظ بوجمعة كان محل متابعة دقيقة، وهو على راس هذا الزخم الكبير من الاحتجاجات والمطالبات الاجتماعية.
اما عن طبيعة هذه المساعدات التي كان هؤلاء الاخوة المذكورين يقدمونها، فهي:
- وقت قدوم السلطات المعنية ( كومندات، كابتانات جنرالات،...الخ).
- تدقيق جميع اللوائح والمطالبات باتقان ودقة.
- أوقات الاحتراس من السلطات المستعمرة والتي لاينبغي التحرك فيها.
- أسماء الاشخاص المطلوب الحذر منهم والمقربين من السلطات الاسبانية.
- طبيعة واسماء اللوائح التي تحضر للتوظيف.
ويمكن وصف هذه الاحتجاجات على انها اعطت الفرصة وهيأت الظروف للعمال للانخراط بسرعة في إطار الاتحاد العمالي بعد إعلان الكفاح المسلح والجبهة الشعبية بحكم الثقة والتعارف وروح العداء، كل هذه العوامل وجدت ولم يبق إلا الإطار السياسي المنظم الذي وجد بعد 10ماي1973.
ثم ظهور البطل الشهيد مرة اخرى على المسرح النضالي، الشيء الذي قطع الشك باليقين على خطورة الرجل.
بقلم : العربي مسعود عبد اللطيف
يوم : 10 يناير2015

Contact Form

Name

Email *

Message *