ام ادريكا سيبرينتشا الصحراء الغربية
يوم ال 18 فبراير من سنة 1976، يشكل واحدا من الذكريات الأليمة والصفحات السوداء
القاتمة في تاريخ المغرب "الحديث" في الصحراء الغربية .. فلاتزال الذاكرة الصحراوية حبلى بتفاصيل مسكونة تحكيها بصمات من نجى من جحيم القصف بالنابالم والفسفور الذي أمطر به الصحراويون في ظل تعتيم إعلامي وتآمر دولي وحرب بالوكالة ضمن اجندة الحرب الباردة..!!
في ذلك اليوم من الشتاء القارس ، تعرضت ثلاث مخيمات تأوي الصحراويين الفارين بجلودهم من بطش الزحف (القادمين من مدينة الداخلة، العركوب، تشلة وغيرها) لقصف دام ثلاثة ايام وخلف الاف القتلى ومئات الجرحى بين المخيمات الصحراوية التي كانت تأوي ازيد من 25 الف في معظمهم من النساء والشيوخ والاطفال، حسب مصادر الهلال الاحمر الصحراوي وقتها(انظر عدد جريدة الصحراء الحرة مارس 1976..)
ضحايا حرب الإبادة هذه لاتزال شواهدها تملا سمع الزمن.. يحكيها الرجال والنساء الذين تعرضوا في ريعان في العمر لذلك الفعل الهمجي ..!! ليظل هكذا وصمة عار في جبين من ارادوا التنكيل بالاخرين.. يلاحق أطروحتهم.. يطمر مراميهم .!! انها جريمة حرب قذرة لم تجد الادانة وافلت مجرموها من العقاب الاصغر كان عنها الضمير العالمي في غفلة، ورغم ان الدعوة التي اطلقها اخيرا القاضي الاسباني، بالتساار غارسون جاءت متاخرة يصدق عليها المثل المهم ان تصل ..!!
وقبل ام ادركية تعرضت تجمعت الصحراويين في القلتة، امكالا والتفاريتي، لقصف مماثل من الطيران المغربي الذي امطر الالاف المؤلفة ، بوابل من القذائف من النابالم والفسفور الابيض لم يعرف وقتها شئيا عن هوي تلك الترسانة الا بعد حين من الدهر..!!
جريمة قصف مخيمات ام ادريكة (وادي السبطي، لفكح، وادي ام ادريكة) والتفارتي وامكالا والقلتة، تعادل جرائم سيبرينتشة في كوسوفو في التسعينيات وغيرها من الجرائم التي تطاردها العدالة الدولية، وتوفر ليوم لها الحماية في الاستقلال..!! ياله من ازدواجية المعايير في تطبيق المشروعية وحق تقرير المصير ..!؟ نفس الجريمة وذات الحرب، لكن التعتيم تحالف هنا مع الجناة في التستر على الجريمة وجعل هنا الأمم المتحدة تصبح توفر الحماية للمحتل..!!
في ذكرى ال 32 لجريمة حرب الإبادة المنسية، يندب الصحراويون حظهم وهم يتفرجون على كوسوفو تنال الاستقلال تحت حماية دولية ورعاية أوربية ..!! في الذكرى لا نملك غير إعادة إنتاج تلك الشهادات المرة واستحضار لحظات هاربة، لكنها غائرة في جرح المأساة ..!!
من عايشوا الحدث :
تروي السيدة الصحراوية، مغلي حسنة التي عملت بالمخيم كممرضة في حديث لجريدة "الصحراء الحرة" :"يومين بعد قصف بلدة القلتة (قرب ام ادريكة) وفي حدود الساعة الحادية عشر من صباح يوم ال 18 فبراير 1976، حلقت أربع طائرات مقنبلة فوق سماء المخيمات ودارت مرات قبل ان تشرع مباشرة في صب النار والحديد على رؤسنا مستهدفة التجمعات البشرية الثلاث الرئيسة في البلدة .."
وكشفت الممرضة الصحراوية ان "القصف كان شديدا " وتبرز وهي التي لاتزال تعيش بمخيمات اللاجئيين الصحراويين كيف فرض ذلك الفعل عليهم الفرار نحو الحدود مع الجزائر:" ان القصف كان شديدا ووحشيا، لاسيما في مخيم السبطي بالقطاع الجنوبي." وتفيد أنهم تلقوا التعليمات باللجوء للمرتفعات والاختفاء خلف السواتر، لتجنب مزيدا من الخسائر البشرية (...) " بقيت مع مجموعة الصحة في عين المكان أسعف الضحايا والمغمي عليهم .. لن أنسى ذلك المشهد المريع عندما سقطت قنبلة على مجموعة من الرجال كانوا يختبئون تحت شجرة فاشتعلت بهم واستشهدوا جميعهم" وتذكر من بينهم لقليب ولد احمد زين، احمد حاتم واخرين .وتصف اجواء الاغارة قائلة : "حدث ذلك عندما كنت متجهة الى المجموعة رفقة احد المسؤولين بالمخيم الذي كانت له إدارة (يشرف عليها المحفوظ اعلي بيبا، مولود ديدي، الخليل سيد أمحمد، عوبيد لوشاعة، العجمي يحظيه، محمد المقب ب الكرطون): "لقد تفأجأنا بطائرة محلقة عن قرب لترمي قنبلتها على المجموعة المذكورة ولم يعد يفصلنا واياهم سوى امتار .." لقد احدث القصف الرعب والخوف وأشاع جوا من الارتباك في النفوس: حيث تفرق الناس في كل الاتجاهات فرارا من الجحيم والغضب واحتموا بالمخابئ والمغارات في كل الاجراف بالمرتفعات القريبة وتحت الاشجار(..) "منهم من تاه فاقد الوعي دون ان يدرك ، او يعرف في أي اتجاه يسير(...) اذ حيثما وليت وجهك تقابلك النيران والدماء والدمار.."
"ثم واصلت الطائرات القصف لمدة ما بين الساعتين او ساعة ونصف على اقل تقدير" تذكر الممرضة الصحراوية في شهادتها. هنا كان للمقاتلين دور متميز في اغاثة المرضي واسعافهم وفي ترتيتب شؤون المخيمات واعادة تنظيم السكان عبر تباعد تواجدها بعضها عن الاخر .."
وفي الرابعة مساء عادت الطائرات ادراجها وقصفت المخيمات مجددا ، واستهدفت هذه المرة مواقع جديدة(...) وتقول " ان شظايا تلك القنابل بقيت هناك مجهولة الهوية حتى قامت هي رفقة احد القائمين معها على التمريض بمحالة لنقلها لكنهما لم يستطيعا نقل واحدة منها مكانها." وقد قيل لهم لاحقا من طرف احد المختصين انها اقطعة من قنابل " النابالم "..
وتتذكر الممرضة ساعات من الليل من الخوف والهلع الذي دب في وسط تلك الجموع التي عاشت لحظات، بل اياما من الرعب نتيجة القصف وانتظار الاسوأ من سماء تمطر الخوف ..!!
" وفي اليوم الموالي، ظهر شبح الموت في حدود الساعة الحادية عشر صباحا، اذ حلقت الطائرات المقنبلة الأربعة وركزت هذه المرة على الاماكن التي لم تبلغه في المرات السابقة . ولم يتوقف القصف الا في حدود الساعة ال 12من بعد الزوال، لكنه تواصل في حدود الرابعة مساء . وتحولت ام ادريكة الى اشباح تلفها النيرات والخراب في لحظات معدودة ."
وتواصل مسلسل القنبلة والترهيب طيلة ثلاثة ايام متتالية .
وعن كيف بدأت الرحلة الشاقة من ام ادريكة الى المخيمات التي تشكلت لاحقا تقول الممرضة : "أعطيت التعليمات لكل من يملك سيارة او وسيلة نقل ان يشرع في نقل الناس والمساهمة في اخراجهم من موقع المذبحة.. وكانت وحدات جيش التحرير قد شرعت في ذلك منذ الساعات الأولى للقصف حيث نظمت دوريات بدأت بنقل الجرحى (...) كانت الدورية تقضي 15يوما بين الذهاب والاياب.."
وعادت الممرضة مع اخر رحلة ولم يبق وراءها الا الفوج الأخير الذي قالت انه وقع في الاسر .. وتفيد انهم تعرضوا للقصف اثناء الطريق وقد قضوا 15 يوما في المسير وكانوا يتنقلون بين الجبال و تحت النيران والقصف وقد استخدموا جميع الطرق والاساليب لمنارة وتضليل وسائل استطلاع العدو..!!
وتلاحظ في شهادتها " ان اكثر ضحايا قصف ام ادريكة سجلت في مخيم السبطي .. من بينهم الشائعة منت احمد زين التي سقطت امام عيوني حيث هرعت ساعة القصف للاستنجاد باحد الرجال ، لكن القنبلة اختطفتها قبل ان نصل اليها لنجدها جثة بلا رأس ."
" الأيام التي تلت قصف ام ادريكة لم تكن هادئة، بل ظلت طائرات الجيش المغربي الاستطلاعية تحوم من حين لآخر وتقوم بدوريات من حين لآخر لتتأكد من ان القصف قد حقق هدفه وان ام ادريكة كبلدة لم تعد تحسب على الأحياء بل في عداد الأموات وتاريخ الفناء .. بعد ان تحققوا انها لم تعد فيها حياة عادت طائراتهم تحلق على مستويات منخفضة، ونحن نختبئ .."
ابو بكر بناني وهو احد الصحراويين الذين قاموا بدفن الضحايا انذاك فقال بالحرف الواحد:" كنا نجمع الاشلاء في الاكياس او نقوم بدفنهم جماعيا" ويتم جمع الاعضاء المتناثرة ووضعها في اكياس ثم بعد ذلك وضعها في مقابر جماعية ، ناهيك عن حالة الناجين من القصف كالاطفال ،الشيوخ، النساء الحوامل ، المرضعات والرضع ،مبتوري الايادي، مبتوري الارجل ،المحروقين، فاقدي الاعين والمصابين بامراض مزمنة جراء انتشار الغازات السامة الناجمة عن الانفجارات ، الى غير ذلك من الحالات التي لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة " . و واضاف " هذا ما ظهر لنا جليا عند اجتماعنا بالضحايا لاخذ شهاداتهم وكان الواقعة حدثت بالامس القريب يتذكرون كل احداثها بالتفاصيل الدقيقة، رغم مرور السنين ..!!
وتعلق الممرضة قائلة "كان قتل ام ادريكة قد ترك اثار بالغة، لم تسلم من آثاره الكثير من العائلات الصحراوية، بل بعضها فرت لكنها تركت أجزاء من أجسامها، هناك بين تربة في ام ادريكة ..البلدة الشهيدة" كما وصفتها الصحيفة .
هذا وتعرضت ام ادريكة لقصف متولي ايام ال 18، 19 ، 20 فبراير 1976.. وقبل ذلك تعرضت التجمعات الصحراوية في التفاريتي، امكالا، القلتة، للقصف .. حيث النازحون من المدن(اجديرية، الفرسية، السمارة..) يتمركزون في المخيمات، بعد تعرض المنطقة للاجتياح في ذلك الخريف ..تدفقت الجموع باعداد هائلة نحو الحدود الصحراوية - الجزائرية، وهي بداية تشكل مخيمات اللاجئيين الصحراويين قرب مدينة تندوف الجزائرية التي يحاول الان المغرب ان يشن عليهم حرب تجويع جديدة في سياق استمرار ذات اللعبة، ضمن تنفيذ حرب المغالطة القديمة الجديدة..!!
بقلم : السالك مفتاح
القاتمة في تاريخ المغرب "الحديث" في الصحراء الغربية .. فلاتزال الذاكرة الصحراوية حبلى بتفاصيل مسكونة تحكيها بصمات من نجى من جحيم القصف بالنابالم والفسفور الذي أمطر به الصحراويون في ظل تعتيم إعلامي وتآمر دولي وحرب بالوكالة ضمن اجندة الحرب الباردة..!!
في ذلك اليوم من الشتاء القارس ، تعرضت ثلاث مخيمات تأوي الصحراويين الفارين بجلودهم من بطش الزحف (القادمين من مدينة الداخلة، العركوب، تشلة وغيرها) لقصف دام ثلاثة ايام وخلف الاف القتلى ومئات الجرحى بين المخيمات الصحراوية التي كانت تأوي ازيد من 25 الف في معظمهم من النساء والشيوخ والاطفال، حسب مصادر الهلال الاحمر الصحراوي وقتها(انظر عدد جريدة الصحراء الحرة مارس 1976..)
ضحايا حرب الإبادة هذه لاتزال شواهدها تملا سمع الزمن.. يحكيها الرجال والنساء الذين تعرضوا في ريعان في العمر لذلك الفعل الهمجي ..!! ليظل هكذا وصمة عار في جبين من ارادوا التنكيل بالاخرين.. يلاحق أطروحتهم.. يطمر مراميهم .!! انها جريمة حرب قذرة لم تجد الادانة وافلت مجرموها من العقاب الاصغر كان عنها الضمير العالمي في غفلة، ورغم ان الدعوة التي اطلقها اخيرا القاضي الاسباني، بالتساار غارسون جاءت متاخرة يصدق عليها المثل المهم ان تصل ..!!
وقبل ام ادركية تعرضت تجمعت الصحراويين في القلتة، امكالا والتفاريتي، لقصف مماثل من الطيران المغربي الذي امطر الالاف المؤلفة ، بوابل من القذائف من النابالم والفسفور الابيض لم يعرف وقتها شئيا عن هوي تلك الترسانة الا بعد حين من الدهر..!!
جريمة قصف مخيمات ام ادريكة (وادي السبطي، لفكح، وادي ام ادريكة) والتفارتي وامكالا والقلتة، تعادل جرائم سيبرينتشة في كوسوفو في التسعينيات وغيرها من الجرائم التي تطاردها العدالة الدولية، وتوفر ليوم لها الحماية في الاستقلال..!! ياله من ازدواجية المعايير في تطبيق المشروعية وحق تقرير المصير ..!؟ نفس الجريمة وذات الحرب، لكن التعتيم تحالف هنا مع الجناة في التستر على الجريمة وجعل هنا الأمم المتحدة تصبح توفر الحماية للمحتل..!!
في ذكرى ال 32 لجريمة حرب الإبادة المنسية، يندب الصحراويون حظهم وهم يتفرجون على كوسوفو تنال الاستقلال تحت حماية دولية ورعاية أوربية ..!! في الذكرى لا نملك غير إعادة إنتاج تلك الشهادات المرة واستحضار لحظات هاربة، لكنها غائرة في جرح المأساة ..!!
من عايشوا الحدث :
تروي السيدة الصحراوية، مغلي حسنة التي عملت بالمخيم كممرضة في حديث لجريدة "الصحراء الحرة" :"يومين بعد قصف بلدة القلتة (قرب ام ادريكة) وفي حدود الساعة الحادية عشر من صباح يوم ال 18 فبراير 1976، حلقت أربع طائرات مقنبلة فوق سماء المخيمات ودارت مرات قبل ان تشرع مباشرة في صب النار والحديد على رؤسنا مستهدفة التجمعات البشرية الثلاث الرئيسة في البلدة .."
وكشفت الممرضة الصحراوية ان "القصف كان شديدا " وتبرز وهي التي لاتزال تعيش بمخيمات اللاجئيين الصحراويين كيف فرض ذلك الفعل عليهم الفرار نحو الحدود مع الجزائر:" ان القصف كان شديدا ووحشيا، لاسيما في مخيم السبطي بالقطاع الجنوبي." وتفيد أنهم تلقوا التعليمات باللجوء للمرتفعات والاختفاء خلف السواتر، لتجنب مزيدا من الخسائر البشرية (...) " بقيت مع مجموعة الصحة في عين المكان أسعف الضحايا والمغمي عليهم .. لن أنسى ذلك المشهد المريع عندما سقطت قنبلة على مجموعة من الرجال كانوا يختبئون تحت شجرة فاشتعلت بهم واستشهدوا جميعهم" وتذكر من بينهم لقليب ولد احمد زين، احمد حاتم واخرين .وتصف اجواء الاغارة قائلة : "حدث ذلك عندما كنت متجهة الى المجموعة رفقة احد المسؤولين بالمخيم الذي كانت له إدارة (يشرف عليها المحفوظ اعلي بيبا، مولود ديدي، الخليل سيد أمحمد، عوبيد لوشاعة، العجمي يحظيه، محمد المقب ب الكرطون): "لقد تفأجأنا بطائرة محلقة عن قرب لترمي قنبلتها على المجموعة المذكورة ولم يعد يفصلنا واياهم سوى امتار .." لقد احدث القصف الرعب والخوف وأشاع جوا من الارتباك في النفوس: حيث تفرق الناس في كل الاتجاهات فرارا من الجحيم والغضب واحتموا بالمخابئ والمغارات في كل الاجراف بالمرتفعات القريبة وتحت الاشجار(..) "منهم من تاه فاقد الوعي دون ان يدرك ، او يعرف في أي اتجاه يسير(...) اذ حيثما وليت وجهك تقابلك النيران والدماء والدمار.."
"ثم واصلت الطائرات القصف لمدة ما بين الساعتين او ساعة ونصف على اقل تقدير" تذكر الممرضة الصحراوية في شهادتها. هنا كان للمقاتلين دور متميز في اغاثة المرضي واسعافهم وفي ترتيتب شؤون المخيمات واعادة تنظيم السكان عبر تباعد تواجدها بعضها عن الاخر .."
وفي الرابعة مساء عادت الطائرات ادراجها وقصفت المخيمات مجددا ، واستهدفت هذه المرة مواقع جديدة(...) وتقول " ان شظايا تلك القنابل بقيت هناك مجهولة الهوية حتى قامت هي رفقة احد القائمين معها على التمريض بمحالة لنقلها لكنهما لم يستطيعا نقل واحدة منها مكانها." وقد قيل لهم لاحقا من طرف احد المختصين انها اقطعة من قنابل " النابالم "..
وتتذكر الممرضة ساعات من الليل من الخوف والهلع الذي دب في وسط تلك الجموع التي عاشت لحظات، بل اياما من الرعب نتيجة القصف وانتظار الاسوأ من سماء تمطر الخوف ..!!
" وفي اليوم الموالي، ظهر شبح الموت في حدود الساعة الحادية عشر صباحا، اذ حلقت الطائرات المقنبلة الأربعة وركزت هذه المرة على الاماكن التي لم تبلغه في المرات السابقة . ولم يتوقف القصف الا في حدود الساعة ال 12من بعد الزوال، لكنه تواصل في حدود الرابعة مساء . وتحولت ام ادريكة الى اشباح تلفها النيرات والخراب في لحظات معدودة ."
وتواصل مسلسل القنبلة والترهيب طيلة ثلاثة ايام متتالية .
وعن كيف بدأت الرحلة الشاقة من ام ادريكة الى المخيمات التي تشكلت لاحقا تقول الممرضة : "أعطيت التعليمات لكل من يملك سيارة او وسيلة نقل ان يشرع في نقل الناس والمساهمة في اخراجهم من موقع المذبحة.. وكانت وحدات جيش التحرير قد شرعت في ذلك منذ الساعات الأولى للقصف حيث نظمت دوريات بدأت بنقل الجرحى (...) كانت الدورية تقضي 15يوما بين الذهاب والاياب.."
وعادت الممرضة مع اخر رحلة ولم يبق وراءها الا الفوج الأخير الذي قالت انه وقع في الاسر .. وتفيد انهم تعرضوا للقصف اثناء الطريق وقد قضوا 15 يوما في المسير وكانوا يتنقلون بين الجبال و تحت النيران والقصف وقد استخدموا جميع الطرق والاساليب لمنارة وتضليل وسائل استطلاع العدو..!!
وتلاحظ في شهادتها " ان اكثر ضحايا قصف ام ادريكة سجلت في مخيم السبطي .. من بينهم الشائعة منت احمد زين التي سقطت امام عيوني حيث هرعت ساعة القصف للاستنجاد باحد الرجال ، لكن القنبلة اختطفتها قبل ان نصل اليها لنجدها جثة بلا رأس ."
" الأيام التي تلت قصف ام ادريكة لم تكن هادئة، بل ظلت طائرات الجيش المغربي الاستطلاعية تحوم من حين لآخر وتقوم بدوريات من حين لآخر لتتأكد من ان القصف قد حقق هدفه وان ام ادريكة كبلدة لم تعد تحسب على الأحياء بل في عداد الأموات وتاريخ الفناء .. بعد ان تحققوا انها لم تعد فيها حياة عادت طائراتهم تحلق على مستويات منخفضة، ونحن نختبئ .."
ابو بكر بناني وهو احد الصحراويين الذين قاموا بدفن الضحايا انذاك فقال بالحرف الواحد:" كنا نجمع الاشلاء في الاكياس او نقوم بدفنهم جماعيا" ويتم جمع الاعضاء المتناثرة ووضعها في اكياس ثم بعد ذلك وضعها في مقابر جماعية ، ناهيك عن حالة الناجين من القصف كالاطفال ،الشيوخ، النساء الحوامل ، المرضعات والرضع ،مبتوري الايادي، مبتوري الارجل ،المحروقين، فاقدي الاعين والمصابين بامراض مزمنة جراء انتشار الغازات السامة الناجمة عن الانفجارات ، الى غير ذلك من الحالات التي لا تنسى ولا تنمحي من الذاكرة " . و واضاف " هذا ما ظهر لنا جليا عند اجتماعنا بالضحايا لاخذ شهاداتهم وكان الواقعة حدثت بالامس القريب يتذكرون كل احداثها بالتفاصيل الدقيقة، رغم مرور السنين ..!!
وتعلق الممرضة قائلة "كان قتل ام ادريكة قد ترك اثار بالغة، لم تسلم من آثاره الكثير من العائلات الصحراوية، بل بعضها فرت لكنها تركت أجزاء من أجسامها، هناك بين تربة في ام ادريكة ..البلدة الشهيدة" كما وصفتها الصحيفة .
هذا وتعرضت ام ادريكة لقصف متولي ايام ال 18، 19 ، 20 فبراير 1976.. وقبل ذلك تعرضت التجمعات الصحراوية في التفاريتي، امكالا، القلتة، للقصف .. حيث النازحون من المدن(اجديرية، الفرسية، السمارة..) يتمركزون في المخيمات، بعد تعرض المنطقة للاجتياح في ذلك الخريف ..تدفقت الجموع باعداد هائلة نحو الحدود الصحراوية - الجزائرية، وهي بداية تشكل مخيمات اللاجئيين الصحراويين قرب مدينة تندوف الجزائرية التي يحاول الان المغرب ان يشن عليهم حرب تجويع جديدة في سياق استمرار ذات اللعبة، ضمن تنفيذ حرب المغالطة القديمة الجديدة..!!
بقلم : السالك مفتاح