-->

​"شَيْنَة امّكْ زَيْنَة امّكْ" / بقلم : محمد فاضل محمد محمد اسماعيل

كنا في زمن ما, صغارا ضمن حضارة القرن العشرين في حضن ام حنون و مقام
عزيز كريم و كنز ثمين موثق لدى ذاك الغريب، و ليس الغريب بامين لكن لونه و شكله الغريبين يمنعانه من السرقة بوضح النهار، سرق الغريب ما استطاع بالليل و نحن نيام و عند الفجر انكشف السارق و قيل له : انت سارق و غريب فاترك الملة و المال و اغرب، قال الغريب: الكنز لمن? !
انتم لم تبلغوا سن الرشد بعد و من الجيران من يدعيه، و انا ربما..او..او... فحمى الوطيس، واستدعوا جميعا بحضور لسان الحال، الى قاضي الحضارة و بعد تحر دقيق حكم بالعدل، لكنه لم يمتلك قوة اثبات الحق وكان تلميذا للشيخ "مُنْدْرِيشْ": حيث قلد شيخه، فاصدر حكمه و دخل في جحره، فاضاف لسان الحال الذي كان حاضرا و شاهد عدل :
خصام بين قوة الحق و حق القوة معروض للبيع، فاشتراه جارينا و اختفى الغريب بسرعة البرق "بَاشْ بَاعْ السَّارْقْ ارْبَحْ" و حينها حصل من المتفرجين ما كفى لمليء المدرج لمشاهدة جريان بحر من الدم البريئ بحضور القيصر نِيرُونْ : اخوة ،مسلمين،عرب، جيران ،غرباء، متشفيين و منافقين، و لم يحركوا ساكنا، الا جار واحد شريف ينطق بالحق و نطق به.
قال لسان الحال لتلميذه : 
وقت قليل وينتهي كل شيئ? قال له تلميذه الغبي (الذي اشترى الخصام) أن اسابيع تكفي ("شُوفْ كَانْهَا حَكْ"). وضعونا بقرارهم هذا امام تحد لم يسبق له مثيل وغرتهم الاماني.

حينها قال الاخ الاكبر : لامه و اخوته "ألاَ انْتُومَا اوْ هَاذِي" "مَاطَاحْ الْمَا سَنْدُ اذْرَاعُو" "ومَا هُو اصْدِيكْ الْمَا جَابُ ارْغَاهَا" "اتْحَزْمُو اعْلَ لَحْجَارْ وَلّ تَبْكَاوْ فَالدَارْ"، حانت ساعة الامتحان النهائي اما ان نحيا او نموت جميعا من اجل الحياة و العمل ابلغ من القول ،"ارْشَ اوْكَفْ اعْلَ الْكَرْكْرَة".

كانت تلك صيحته المزلزلة، فوفى بعهده و ودعنا الى الابد من اجل تلك الحياة المطلوبة و بقي حيا في قلوبنا، و عُبد طريقه بدم رفاقه الاوفياء ليبقى نيرا و العهد باق فينا ما بقينا.
كانت تلك ايام العسرة ، ايام البطشة الكبرى التي لم يسلم منها رضيع ولا حتى جنين في بطن امه إلا و بطش به والبطش و المعاناة لا يزالان مستمران.
كان لابد من ان نكون في مستوى التحدي المفروض و ذلك ما كان فعلا، و لم نخيب الظن، حيث تحولت الاسابيع الى اشهر و الاشهر الى سنين من الجمر تحت اقدام المعتدين و تحول انين الثكالا الى زغاريد و انقلب السحر على الساحر "تَمّتْ انْعَامَة اتْكُولْ وَلِّي وَلِّي إلَيْنْ عَادَتْ اتْكُولْ رَاسِي رَاسِي" كَانْ إدُورْ الزّايَدْ وَ انْكَطْعُو ازْوَايَدْ"، وقفت حميرهم في "عَكْبَتْ بُوكَرْبَة" و "الْوَرْكْزِيزْ" و تاهت بغالهم في فيافي تيرس و اودية زَمُّورْ.
و بعد 16 سنة تكلم لسان الحال الذي كان شاهدا مشاهدا و قال للقاضي تلميذ الشيخ "مُنْدْرِيشْ": قوة الحق و حق القوة يقتضيان تقاضي عند القاضي للفصل النهائي مع التقاضي عن الوقت ريثما... ... يستفتى من يفترض له ذلك الحق لضمان السلم الفرادي، الفرادي من تحت الطرف، ورْطة في ورْطة يراد بها خلاص المتورط، كان ذلك مساء يوم الجمعة في وجه الليل، والليل يمضى و ربما يبرم امر بليل يغير الكان عندنا مزال عندنا "الناس صادَّ الكدام و فيها ش امْرَوْطَنْ" و فيها ش صل الى الغرب و من لم يصلي، والبوصلة تشير دائما الى الشمال، لكن الظلام يخفيها عن البعض وعندما ينقشع القلس يزول الريب و تتضح المعالم.
وكل شيئ يتبدل الا الثوابت ومنهم الام طبعا وهي ايضا تتغير وتمر بفترات قوة و ضعف، لكنها دائما الام الحنون و"الوصاك اعل المك حكرك" نحن الان قبل صلاة الفجر نقرأ القرآن و نصلي والسيف فوق "إلِوِيشْ" و "مَكْشُوحْ عَنُو" و اذا طلع الفجر الرب واحد والشور واحد ، و ما تواصينا به في ايام العسرة لازال حاضرا في الاذهان و "عيب الداري على من بقي فيها".​
بقلم : محمد فاضل محمد محمد اسماعيل

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *