-->

الشباب الصحراوي بين مطرقة الواقع وسندان الهجرة

الصحراء الغربية 23 اغسطس2015 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)- كما  تعاني دول الشمال من الامواج البشرية التي تجتاحها بحثا عن ملاذ امن من الحروب والنزاعات المسلحة، والطمع في تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي، تعاني دول الجنوب من هجرة الادمغة وقواها الحية، التي تفجر طقاتها وعنفوانها في خدمة دول رسمت لشعوبها طريق التحرر من التخلف واسبابه، وفي نظرة متفحصة للواقع الذي نعيشه، نرى نماذج من الشباب الصحراوي الذي تربى وتعلم في احضان ثورة العشرين ماي الخالدة، يمتطي صهوة جواد الهجرة بحثا عن تحسين واقعه في خضم تناقضات الواقع واعباء الحياة اليومية، التي تزداد صعوبة يوما بعد اخر بعد اربعين سنة من الصمود في وجه الاحتلال وسياساته الخبيثة.
وبالرغم من الحاجة الماسة لاسهامات الشباب في الدفع بعجلة الكفاح الذي يخوضه الشعب الصحراوي من اجل الحرية والاستقلال، تبقى تحديات جمة تقف في طريق الاضطلاع بهذه المسؤولية، مع انخراط الكثير من الشباب في مطبات التهريب والعمل الحر، مع الرغبة الجاحمة للسواد الاعظم من الشباب في الهجرة الى الخارج او ايجاد عمل في دول الجوار.
وخلال السنوات الاخيرة سجلت الهجرة ارقاما مخيفة خاصة في فئة الشباب وحملة الشهادات الجامعية، واطر الدولة الصحراوية من مختلف المؤسسات، وهو ما بات يهدد بافراغ المخيمات من قواها الحية، خاصة مع ارتهان الكثير من المهاجرين الصحراويين بتجديد وثائق الاقامة واشكالاتها، فضلا عن العالقين من دون وثائق، والماكثين في حالة الانتظار.
وعلى صعيد اخر هناك هجرة من نوع اخر حيث فضل الكثير من الشباب الصحراوي العمل في دول الجوار، واختار لنفسه طريقا جديدا في بناء مستقبل يبقي عينه على وطن تهاجر طاقاته الشابة مختارة سبيل الخلاص من واقع اللجوء، الى البحث عن تحسينه خلف البحار بالضفة الشمالية للبحر الابيض المتوسط.

هذه الظاهرة انعكست سلبا على بعض المؤسسات التي شهدت في وقت سابق تجارب ناجحة، لشباب سخروا جهدهم وتكوينهم العلمي في النهوض ببعض المؤسسات، لكن ركوبهم موجة الهجرة خلق حالة من الفراغ والشغور، وهو ما يشكل تراجعا في الاداء وانشغالا لدى الغيورين على المشروع الوطني الصحراوي والحريصين على تقوية مؤسسات الدولة الصحراوية.
هجرة الشباب الصحراوي الى بعض البلدان الاوروبية لا يقتصر على الهجرة من المخيمات بل تشمل ايضا المناطق المحتلة من الصحراء الغربية التي تعيش ازمة خطيرة في انعدام فرص العمل وغياب مشاريع تنموية واستحواذ المستوطنين على كل مصادر الدخل والعمل والوظائف، في سياسة تستهدف تغييب الصحراويين واضعافهم، وجعلهم يرضخون للامر الواقع، ما جعل بعض الشباب يمتطي قوارب الموت باتجاه المجهول بحثا عن واقع يخلصه من الاحتلال وسياسات تخريب العقول التي ينتهجها الاحتلال بزرع المخدرات والافات الاجتماعية الخطيرة في اوساط شباب المناطق المحتلة.
وبالرغم من مرارة الهجرة والشعور بالغربة في اوساط مجتمعات لاتعير للاجنبي اهتمام وترى فيه تهديد لامنها ومصدر خطر على هويتها، تعمل الجالية الصحراوية باوروبا على مواكبة تطورات القضية الصحراوية ومرافقة تلك التطورات بالدعم والتأييد والتعريف بكفاح الشعب الصحراوي العادل من اجل الحرية، كما تساهم الجالية الصحراوية في مساعدة عائلاتها بمخيمات اللاجئين والتخفيف من اعبائها الاقتصادية من خلال بعض المساعدات المالية.
وبالرغم من صعوبة الحصول على عمل في ظل الازمة الاقتصادية التي يتخبط فيها الاقتصاد الاوروبي تبقى شرائح واسعة من الشباب الصحراوي معلقة بين مطرقة الواقع وسندان الهجرة، وتبقى حزمة الاجراءات والقوانين التي تسنها الدول الاوروبية للحد من تدفق الهجرة، وهو ما ينعكس سلبا على الجالية الصحراوية كغيرها من الجاليات الاخرى في هذه البلدان، في فترة الانتظار التي يقضيها اغلب الشباب في انتظار استخراج بطاقات الاقامة، واشتراط العمل في تجديدها.
كما يشكل موضوع الهجرة الى فرنسا مظهر
 اخر من مظاهر البؤس والوجه الاخر للهجرة ويتجلى ذلك فيما بثته بعض القنوات الفرنسية لمجموعة من الشباب الصحراوين يسكنون في ما يشبه مخيم تحت جسر، والظروف الصعبة التي يواجهونها في ظل تماطل السلطات الفرنسية في تسوية وضعيتهم القانونية، وتمكينهم من الحقوق المترتبة على لجؤهم لبلد الحرية وحقوق الانسان.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *