-->

لاجئون.. لكن بكرامة ومن أجل قضية لا من أجل البطون

ـ بقلم: محمد هلاب

مع استمرار معاناة اللاجئين الصحراويين من جراء التساقطات المطرية الأخيرة، يفضل القائمون على الإعلام الرسمي المشاركة في "حملة الاستجداء" التي تطلقها الحكومة الصحراوية من أجل طلب رغيف خبز وبعض الفتات من الفضلات.
الإذاعة الوطنية "صوت الشعب الصحراوي المقاوم" نموذجا لهذا الانخراط في "حملة الاستجداء"، فبعد أن كانت ومنذ تأسيسها هي المحفز ورافع هامات الصحراويين في كل مكان، وذخر مقاتلي جيش التحرير الشعبي الصحراوي، والسند الأول والأخير لنضالات جماهير الأرض المحتلة، تحولت ـ وللأسف ـ إلى عكس كل ذلك في غضون أسبوع، حيث أصبحت لا تقدم إلا جنيريكات بأصوات مواطنات صحراويات مفجوعات، ومقابلات مع مسؤولين في مختلف قطاعات الحكومة الصحراوية لا يتحدثون إلا عن حجم الخسائر والأضرار وتقديم الأرقام والإحصائيات، وغيره من البرامج التي لم ولن تساهم إلا في إظهارنا كشعب لاجئ من أجل البطون والبحث عن الرفاه.
كل هذا مجافي ومنافي للحقيقة تماما، فالصحراويون وبغض النظر عن حجم الخسائر وإن عظمتْ، فهُم متوحدون متضامنون هاماتهم عالية، زادهم وذخرهم إيمانهم بعدالة قضيتهم وحتمية النصر وقرب موعده، لم ولن تؤثر أو تحبط من عزيمتهم أي كارثة مهما كان حجمها ونوعها، ومدركين أن هذه التساقطات المطرية ماهي إلا قدر من عند الله عز وجل، وهو وحده القادر على غوثهم، كما أغاثهم وأعانهم سبحانه وتعالى في كوارث أكبر حجما وضررا من هذا، وهو على كل شيء قدير.
نعم، ولا يختلف اثنان على أن حجم الضرر جلل وعظيم، ولا يمكن أن يقف أحد ضد طلب الدعم من كل من يستطيع أن يدعم، فذلك ليس استثناء، بل إن دولا أكبر وأعظم في مختلف قارات المعمور عندما يحدث فيها ما حدث على مستوى مخيمات العزة والكرامة والصمود، أو أقل منه، فإنها تطلب الدعم؛ لكن المفارقة التي يجب أن نضعها في الحسبان هي أننا كشعب نشكل استثناء، يحتمه تاريخنا وأمجادنا وبطولاتنا، فلم يشهد هذا التاريخ أبدا سواء كان قديما أو حديثا، أننا قد انتظرنا يوما من أي كان أن يجود علينا، بل إن قلة حيلتنا هي دافعنا إلى تحقيق مبتغانا، وخير دليل على ذلك صمودنا في وجه المتكالبين المستعمرين الغزاة، ونحن جميعا والعالم شاهد على بطولات جيش التحرير الشعبي الصحراوي في حربنا ضد المحتل المغربي وأعوانه من الرجعيين التوسعيين، حيث كان الدعم بالسلاح والعتاد يأتينا أولا من العدو نفسه، ليس هبة وإنما انتزاعا ننتزعه بكبرياء وشموخ رغم قلة الحيلة.
في مقابل كل ذلك وغيره من الدلائل والقرائن كثير لايمكن حصره، وعودة إلى الموضوع سبب الكلام، هو أنه يجب أن نعلم أن من واجبنا جميعا وعلى كل المستويات، رفع المعنويات، والعمل على طلب الدعم سياسيا أولا وقبل كل شيء، وأن نقف وقفة رجل واحد أمام صمت العالم، وأمام تواطؤ المتواطئين مع المحتل الغاشم، خاصة وأننا على بعد أيام فقط من تخليد 40 سنة بالتمام والكمال على اجتياحه لأرضنا (31 أكتوبر 1975 ـ 31 أكتوبر 2015)، هذا الحدث الذي يجب أن نتوقف عنده أيما توقف، ولم لا نخرج جميعا، شيبا وشبابا، ذكورا وإناثا، ومن كل نقاط الفعل الوطني، لنقول كفى.. كفى من الاحتلال، كفى من التشريد، كفى من الحرمان، كفى من الصمت...

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *