-->

القضية الصحراوية من بوضياف الى اسعيداني.

بقلم : سعيد زروال.
في البداية استسمح ممن نصبوا انفسهم اوصياء على مشروعنا الوطني لإبداء الرأي حول موضوع يعتبر من الطابوهات في السياسة الصحراوية، وهو موضوع العلاقة مع الجزائر الشقيقة، وارجوا من مراسلي ومراسلات "السكتور" ان ينقلوا كلامي هذا حرفيا دون تحريف الى من يهمه الامر من السلطات المدنية والعسكرية.
أثارت التصريحات الاخيرة للامين العام لجبهة التحرير الوطني الجزائرية عمار اسعيداني إستغراب الكثير من الصحراويين خاصة وأنها اتت على لسان الامين العام لأكبر حزب مناصر للقضية الصحراوية، وهو الحزب الذي ورث اسم جبهة التحرير وتاريخها النضالي الطويل ضد المستعمر الفرنسي، ولا يمكن لاي صحراوي ان ينكر جميل الجزائر وموقفها المساند للقضية الصحراوية، لكن هذا لا يثنينا عن التفكير في مستقبل القضية الصحراوية ومستقبل الموقف الجزائري بعد التصريحات الاخيرة لرئيس الحزب الحاكم في البلاد.
ليست المرة الاولى التي تدخل فيها العلاقات الجزائرية الصحراوية منعرج خطير، فقد سبق وان دخلت العلاقات بين البلدين حالة من التوتر غير المعلن منذ وصول الرئيس الجزائري الراحل بوضياف الى الرئاسة قادما من منفاه بالمملكة المغربية، وهي العودة التي كانت السبب الرئيس في حدوث توتر في العلاقات الثنائية كاد ان يلغي بظلاله السلبية على مستقبل تواجد المخيمات بالأراضي الجزائرية، وبعد اغتيال بوضياف عام 1992 عادت المياه الى مجاريها ، لكن بعد 24 سنة ظهر خليفة آخر يحمل افكار مشابهة لأفكار بوضياف وهو الامين العام لأكبر حزب سياسي جزائري، حزب جبهة التحرير الوطني الذي قال بالحرف الواحد وفي حوار تلفزيوني مع قناة النهار "لو قلت الحقيقة لخرج الناس للشارع" ويقصد الحقيقة المتعلقة بقضية الصحراء الغربية، ما يعني ان السيد يخفي شيء لا يريد البوح به، كما انه التزم الصمت بعد ان طلب منه الصحفي الادلاء براءيه حول خطاب ملك المغرب، نحن لا نتحدث هنا عن مواطن جزائري عادي كما حاول اسعيداني التظاهر بذلك، بل عن الامين العام لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، وهو الناطق باسم من يسمون بجماعة اسعيد بوتفليقة الشقيق الاصغر للرئيس الجزائري الحالي عبد العزيز بوتفليقة، وعرف سعيداني بتصريحاته المفاجئة ضد رئيس المخابرات والرجل القوي في الجزائر سابقا الجنرال توفيق، وما كان لسعيداني ان ينتقد توفيق لولا الضوء الاخضر الذي اعطي له من دوائر صناعة القرار في الجزائر الشقيقة.

لا اريد التدخل في الشأن الداخلي الجزائري لان هناك مقولة جزائرية شائعة تقول "ماتدخلش فصوالحنا" لكن ارجو كذلك من الاخوة الجزائريين ان يبتعدوا عن "صوالحنا" الداخلية وان يكفوا عن التوجيه غير المباشر لسياستنا الداخلية من وراء الستار، وان لا يتدخلوا في قراراتنا المصيرية خاصة المتعلقة بقرار السلم والحرب، فالجزائر هي من تدخلت لنجدة ملك المغرب في حصار الزاك في حقبة الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن اجديد، والجزائر هي من منعت جبهة البوليساريو من العودة للكفاح المسلح عام 2000 اثناء ازمة رالي باريس داكار. وهي الدولة التي زارها وفد رئاسي صحراوي تزامنا مع زيارة روس لاستشارتها حول الحلول والمقترحات التي قدمها المبعوث الاممي، وكان على الوفد ان يستشير اولا الشعب الصحراوي لأنه هو المعني بتحديد مستقبله قبل اي طرف خارجي. والجزائر هي التي قال رئيسها الحالي عبد العزيز بوتفليقة انه لن يسمح باتخاذ اراضيه قواعد خلفية للثوار الصحراويين في حالة العودة للكفاح المسلح حسب ما نقلته وثائق ويكيليكس.

تصريحات سعيداني تقول انه على الصحراويين ان يفكروا في مستقبلهم بمفردهم، لان هناك جناح داخل الدولة الجزائرية لا يفكر بعقلية اول نوفمبر المناصرة للحركات التحررية ، بل لهذا الجناح منطقه الخاص وهو منطق "اشكارة" كما يسميها الاخوة الجزائريين، وفريق "اشكارة" قد لا يمانع ببيع اي قضية لمن يدفع أكثر خاصة في ظل الانخفاض المسجل في سعر البترول، وهذا الجناح له صديق واحد هو المصلحة وان كانت مصلحته مع العدو المغربي فلن يتردد مستقبلا في طلب "اردميسيون" من الصحراويين الراغبين في الدخول الى مدينة تندوف الجزائرية وليس للخروج منها فقط. لذا علينا ان نفكر في المصلحة الصحراوية بضرورة اخذ الحيطة والحذر في التعامل مع الصديق قبل العدو، لان اول قاعدة تعلمتها في الجامعات الجزائرية هي انه في السياسة لا يوجد صديق دائم ولا عدو دائم بل توجد مصالح دائمة، وسبق وان كتبت في مقال سابق ان باكستان تراجعت عن دعم طالبان عندما اصبح ذلك مرتبطا بالأمن القومي الباكستاني، وهي إشارة للطرف الصحراوي بضرورة التفكير في المستقبل والاعتماد على النفس بضمان بيئة آمنة للصحراويين بالأراضي المحررة ونقل المخيمات اليها بشكل تدريجي بعد اعمارها حتى لا يبقى مستقبلنا رهين في يد امثال سعيداني.

خلاصة القول ان الجزائر وكما قال سعيداني "الجزائر اولا ، والجزائر ثانيا ، والجزائر ثالثا"، وهو مايعني انه يجب على قيادتنا ان تفكر بعقل صحراوي ومنطق صحراوي يراعي المصلحة الصحراوية وبعيدا عن اي املاءات أجنبية وهذا حتى لا نجد انفسنا امام مصير مشابه لمصير حركة طالبان التي تنكرت لها باكستان بعد احداث سبتمبر او مثل حركة نمور التاميل التي خذلتها الهند في صراعها مع النظام في سيريلانكا.

قد تتجاهل قيادتنا الرشيدة هذا المقال كما تجاهلت مقالات كثيرة، لكن نذكرهم فقط ان بعض القضايا التي تحدثنا عنها سابقا في مجلة المستقبل الصحراوي اصبحت واقعا بعد سنوات، ونعطي مثال من مقال سابق نشر عام 2005 ويتحدث عن قضية اختطاف المتعاونين الاجانب قبل ستة سنوات من اختطافهم عام 2011 من الرابوني، وجاء في المقال "إعادة الاهمية للمؤسسة العسكرية الصحراوية للقيام بالدور المنوط بها في حماية المناطق المحررة وهذا حتى لاتتحول هذه المناطق في عين الادارة الامريكية الى مناطق مشابهة لمناطق القبائل الباكستانية , وكذلك العمل على تشديد الرقابة الامنية على الوفود والبعثات الاجنبية القادمة الى مخيمات اللاجئيين الصحراويين وهذا حتى لا تتصدر وكالات الانباء العالمية (لاقدر الله) نبأ اختفاء او اختطاف احد الاجانب بمخيمات اللاجئيين الصحراويين , وهي حوادث لو وقعت فما علينا الا ان نقول وداعا للكثير من البعثات والمنظمات الاجنبية ولمشاريعها التي كان لها الدور الابرز في التخفيف من معانات الاف الابريا بمخيمات اللاجئيين".

ولقراءة المقال كاملا يرجى الضغط على الرابط ادناه :

http://www.futurosahara.8m.com/intifada11.htm

مع الاشارة الى ان المقال تم توزيعه في العدد المطبوع الذي اصدرته المجلة عام 2005.

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *