-->

وهــــــــــــــــل من إلتفاتة للبوليساريو على التعليم

بناء وتربية الأجيال أمر من الأمور المهمة في الحياة ، وهذه التربية لا بد أن تقوم على
أساس قوي و منهج سليم، وعقيدة صافية لا تخالطها أي شائبة , لأن التربية قضية من القضايا الجوهرية في الأمة ، ولا بد من توفر المربي المتمكن والناجح الذي يستطيع أن يصنع الأجيال وفق ماتمليه علينا عقيدتنا ويقرره ديننا . 
الإصلاحات :
انطلاقا من قناعة مفادها أن الإصلاح الحقيقي و الفعال للنظام التربوي هو الإصلاح الذي يتعلق بتغيير الممارسة البيداغوجية بالفصول و بالمؤسسات التربوية . فإن يقترح نموذجا للتدريس بالوساطة , والوساطة هي نوع من العلاقة بين متدخل حامل لثقافة و معارف و متعلم , يتميز بمكتسبات سابقة يبحث على إيجاد علاقة يروم ربطها مع هذه الثقافة و هذه المعارف . و من خلال تفاعل المتدخل ضمن سيرورة تفاعلية و تفاوضية حول المعنى . ستنسج شبكة يتم بفضلها إيجاد فهم مشترك للعالم.
ـ الإشكالات الأساسية في منظومتنا التربوية :
في الحقيقة , الأمر من خلال تتبعنا لوضعية منظومتنا التربوية بحكم أننا من إنتاجها و بحكم قربنا اليومي و عملنا فيه , يمكننا إجمال الإشكالات التي تعاني منها في العناصر التالية:‌
1) إشكالية التسرب المدرسي: حيث يلاحظ تفشي لهذه الظاهرة على جميع المستويات التعليمية خاصة بالنسبة للذكور و ذلك لجملة من الأسباب على رأسها أن التعليم في وقتنا هذا لا يؤدي إلى نتيجة مرضية من الناحية المادية فأكبر نسبة للبطالة توجد بين خريجي الجامعات كما ان فتح مجالات مهنية لا تستدعي تكوينا علميا عاليا , أدى بالشباب إلى ترك التعليم و التوجه للانخراط في هذه المجالات و التي على رأسها الشرطة و الجيش و الدرك
2) إشكالية العنف المدرسي: الملاحظ أن جرائم الضرب و الجرح و القذف بالكلام , وهذا العنف من نوع اخرى هو تهجم بعض الاسر على المعلمين و الاساتذة داخل حرم المؤسسات التعليمية و هذا ليس من قبيل الصدف و إنما هو نتاج تفاعلات اجتماعية أدت إلى استفحال هذه الظاهرة التي لا يمكن معالجتها قضائيا أو إداريا و إنما من خلال معالجة أسبابها ,‌
3) إشكالية التفتيش : تعتبر إشكالية التفتيش إشكالية الإشكاليات فأغلب المفتشون ليس لديهم مستوى تعليمي عالي الأمر الذي حد من أدائهم التعليمي ناهيك عن التربوي هذا من جهة ، من جهة اخرى تعاني المؤسسات التربوية من نقص التفتيش و في سبيل تغطية العجز تلجأ إلى سياسية الاستخلاف
( التوظيف المباشر ) وهذا ماجعل المفتش محدود لعدم ارتباطه بمنصب عمل دائم لكونه في حالة بحث عن عمل الأمر الذي يجعل علاقته بمنصبه علاقة ميكانيكية و ليست علاقة عضوية تفاعلية. المسألة الأخرى التي يمكن إدراجها تحت هذا العنصر هي الظروف المهنية و الاجتماعية التي يحياها المفتشون و التي لا تسمح لهم بإعطاء اهتمام أكبر لعملهم و المتمثل في التأطير و التكوين.
4) إشكالية فراغ: و هي من الإشكالات العامة، حيث أن مسألة تأطير التلاميذ خاصة خارج أوقات التعليم الرسمية تبقى عملية فردية و غير جماعية أو مؤسساتية. و رغم ان هناك مراكز للشبيبة ومديريات الشباب و الرياضة إلا أنها غير جاذبة سواء للتلاميذ و حتى للشباب نتيجة التسيير البيروقراطي الطاغي عليها .
-الاشكاليات في الشؤون الاجتماعية الخاصة بالعمال
1 ) الراتب الذي يتقاضاه المعلم او العامل في المنظومة التربوية في وقت ان عامل المنظومة هو اكثر عمل في الدولة واكثر تعب لان عامل التعليم يعمل كل يوم صباحا و مساء , في وقت ان ظروف العيش اصبحة صعبة وغلا العيش في المخيمات وزيادة التكلفة اليومية .
2 ) العجزة او الوفيات : اليوم نرى أن هولاء العمال لم يجدوا أي شيء من الدولة سوى المتاعب عندما كان هذا المعلم او هذا العامل قادراً كان له الفضل عند الجميع، لكن عندما تقاعد عن العمل و هرم بسبب الظروف وجد نفسه في صعاب الحياة التي تفرض العمل من أجل العيش او الموات و بالتالي يجد نفسه امام 40 الف كراتب له خلال ثلاثة اشهر مقابل 40 سنة من العمل في المنظومة التربوية
- احدى اسباب تراجع المعلمين عن القيام بدورهم
المصيبة الحقيقية ليست في هذا الواقع الأليم ولكن في وجود من يبرره ، فمن المثقفين من إذا طرحت أمامه قضية ما يتعرض له المدرسون بمهانة قال لك: إن هذا و للأسف توجه عالمي وصراع أجيال، وحتى الآباء والأمهات الآن يشكون من عدم احترام أبنائهم وغياب الطاعة ، وهذا عذرٌ أقبح من ذنب.. فلو سلمنا جدلاً بأن هذه المهزلة تجاه عالمي فهذا لا يجعل الخطأ صوابًا، وليس هناك ما يلزمنا به فنحن أمةٌ لها خصوصيتها وعلينا أن نتمسك بقيم ديننا وأعراف عروبتنا ولا نستورد من الآخرين إلا الإيجابيات، ثم إذا كان الآباء فقدوا احترامهم في محيط الأسرة فهذا لا يجعلنا نسلب حق المدرس في الاحترام داخل المدرسة .. بل واجبنا السعي لإعادة الاحترام لكليهما للآباء والمدرسين وبحث مواطن الخلل التي أدت إلى غيابه.
ويا لها من فريةٍ خبيثة تخلط الجد بالهزل في تاريخ هذه الأمة التي كان ديدنها تقدير العلم وتوقير المعلم.. فلو صدق ما قاله القُصّاصة والحكواتية عن نوادر المعلمين والمؤدبين لماتت هذه الأمة منذ زمن، ولما وصل إلينا علمٌ ولا عالم، ثم ما من طائفةٍ من أصحاب المهن -بلا استثناء- إلا وقد تعرّضت هذه النوادر لها بالتعريض والسخرية، ثُم ألم يحمل لنا التاريخ –الحقيقي- عشرات القصص المشرّفة عما كان يحظى به المعلمون من إجلالٍ وتقدير على مر العصور.
ثم يأتينا بعد ذلك من يقول لك: إن سبب التراجع في مستوى احترام وتقدير المعلم هو المعلم نفسه! .. فالكثير من مدرسي هذه الأيام غير جديرين بالتوقير فشخصيتهم ضعيفة وحصيلتهم العلمية متواضعة وقدراتهم التربوية متدنية.. وطبعًا نحنُ لا نجد في هذه الأعذار مبررًا للحط من مكانة المدرس، وإنأقررنا بوجود هذه السلبيات فعلاً في نسبة من مدرسينا.. ولكن المسئولية لا تقع على عاتقهم بل على الجهات التي اختارتهم.. فآلية اختيار المدرس ينبغي أن تكون على أعلى درجات الدقة والعناية.. بل وأن تبدأ مبكرًا قبل الالتحاق وبالمعهد الوطني لتكوين المعلمين ؛ لضمان انتخاب وتأهيل أفضل الكوادر للقيام بمهمة التدريس التي تعد – بلا منازع- أهم الواجبات في المجتمع .. ثم يأتي بعد ذلك دور التقييم المستمر من أجل التنقية والترقية والتوجيه والتدريب ليكون المدرسون في المجتمع هم -كما ينبغي- القدوة السلوكية والنخبة الثقافية والطليعة نحو بناء مجتمعٍ قادرٍ على التقدم ومواجهة التحديات المستقبلية .
هذه مجمل الإشكالات و التي يمكننا أن نضيف لها أمور أخرى مثل غياب دور الأسرة و قلة الاهتمام بالتلاميذ و دراسة مواهبهم و شخصياتهم و قياس ذكائهم بهدف التوجيه و الإرشاد كما أن عقلية التصغير و الاستخفاف و التحقير حدت من انطلاقهم في طريق العلم و النجاح و هذا يلاحظ عند الذكور أكثر من الإناث اللواتي يرين مستقبلهن في تعلمهن.
ـ التفسير السوسيولوجي لهذه الإشكالات:
الحقيقة أن مسألة الإصلاح و حتى تكون ناجحة و ناجعة لابد أن تكون نابعة من ذات المجتمع و قيمه و عاكسة لشخصية أبنائه و لذلك فإن الإصلاحات الفوقية التي انتهجتها الدولة الصحراوية لم تجد صداها على مستوى القاعدة , و قد أرجعت الأسباب إلى خطأ في التطبيق نتيجة التسرع في إجراء الإصلاحات إضافة إلى عدم تهيئة المعنيين بتنفيذها و توضيح كيفية إجراء هذا التنفيذ
إلى أن الأمر من الناحية السوسيولوجية لا يمكن تفسيره إلا من خلال عامل المقاومة ، مقاومة هذه الإصلاحات من قبل المعنيين بها و ذلك عن طريق ظهور الإشكالات السابقة الإشارة إليها كالتسرب و العنف هذا من قبل التلاميذ أما من قبل المعلمين و الأستاذة فإنهم يمارسون المقاومة السلبية و ذلك من خلال تضخيم العلامات و تسهيل الامتحانات و ترك الفرصة للتلاميذ للغش في الامتحانات خاصة في الشهادة التعليم المتوسط و هذا بتواطؤ مع الإدارة الملزمة بتقديم تقرير في آخر السنة عن حصيلتها التعليمية و من الضروري أن تكون إيجابية.
لماذا كل هذا التمييع لمنظومتنا التربوية أليس فينا رجل رشيد. إن القضية تتعلق بكيفية المعالجة التي جاءت بقرار فوقي و ليس استجابة لحاجة اجتماعية الأمر الذي سيبقي دار لقمان على حالها إلى أن يتنبه أصحاب القرار إلى ضرورة إعادة النظر في سياساتهم و جعلها تتماشى و تطلعات من يمثلونهم.
بقلم: غالي احمد

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *