-->

هل ستكون أسبانيا في صلب المعركة القادمة؟

بما أن المتوقع والمؤشرات والقراءات تقول أن السنة الحالية – 2016م- ستكون عقيمة
سياسيا تماما بالنسبة للقضية الصحراوية في الأمم المتحدة، بسبب فشل ورحيل الأمانة العامة الحالية، وبسبب الانتخابات الأمريكية، وبما ان المؤتمر العام الرابع عشر قد أقر – ضمنيا- السير في استراتيجية التمسك بالأمم المتحدة، فإنه لا بد من ملء هذا الجمود الذي يمكن أن يستمر سنة كاملة بشيء ذا جدوائية ينتصر على هذا الروتين القاتل. هذا يعني خلق معركة ما معقولة خارجية لشغل الراي العام الصحراوي أولا، ولجس نبض العالم الذي يقول أنه عالم القانون الدولي.. المعركة الوحيدة المتبقية بين أيدينا هي المعركة مع أسبانيا. فأسبانيا تبدو، الآن، هي الطرف الضعيف الذي يمكن أن نوجه إليه سلاحنا الإعلامي والدبلوماسي.. لن نكرر القول أن أتفاق مدريد غير شرعي ولا تعترف به الأمم المتحدة ولا الأمم المتفرقة، ولن نكرر أيضا أننا أقترفنا خطأ سياسيا فادحا حين تركنا أسبانيا تهرب بجلدها 40 سنة دون ان نبقى نطالبها كل سنة في الجمعية العامة أن تتحمل مسئولياتها ما دامت لازالت قانونيا هي الاستعمار " الشرعي" للصحراء الغربية. فالخطأ الذي وقعْنا فيه هو أنه بمجرد أن باعت أسبانيا أرضنا تركناها دون قصاص، ووجهنا صدور رجالنا وأقلامنا وأبواقنا لمحاربة المغرب وتركنا أسبانيا. فحسب هذا الذي يسميه الكبار القانون الدولي ويلوون عنقه وذراعه إذا لم يتطابق مع مصلحتهم، أسبانيا كان يجب أن توضع هي والمغرب في نفس الخانة كلما تعلق الأمر بمرافعتنا عن قضيتنا في الأمم المتحدة، وفي كل المحافل الدولية خاصة أمام منابر حقوق الإنسان وأمام ندواتها.
أظن أنه من الصحيح سياسيا وإعلاميا، من الآن فصاعدا، رغم أن ذلك متأخر كثيرا، هو إعادة صياغة الخطاب السياسي من جديد، خاصة الموجه نحو العالم الخارجي، وإعادة صياغة الخطاب الإعلامي ووضع المغرب وأسبانيا في خانة واحدة. فأي تقرير أو مذكرة موجهة للأمم المتحدة يجب أن يتم إدراج اسم أسبانيا إلى جانب اسم المغرب كونهما قوتين إحداهما مسئولة قانونيا أمام الأمم المتحدة عن مصير الصحراء الغربية بصفتها مستعمرتها السابقة، والثانية محتلة للإقليم بطريقة غير شرعية.
والواقع أنه كان يجب أن نكون نحن، بصفتنا أصحاب القضية، من يحرك، كلما أتاحت الفرصة ذلك، قضية أن أسبانيا يجب أن تبقى مسؤولة أمام المنتظم الدولي عن الصحراء الغربية إلى أن تتم تصفية الاستعمار منها.
لكن يبدو أن العكس هو الذي حدث. بقينا ننتظر ونقاتل حتى غمزتنا الأمم المتحدة في سنة 2002م عندما أصدر المستشار القانوني للأمين العام مذكرته الشهيرة التي تقول أن المغرب لا يمتلك السيادة على الإقليم الصحراوي ولا على ثرواته. الآن كلنا نتحدث عن تلك الاستشارة كأنها فتح من السماء، لكن لم نفهم غمزة الأمم المتحدة منها. هي في الحقيقة ليست غمزة، لكن إشارة واضحة، وتقول أنه عليكم ايها الصحراويون أن ترفعون هذه الوثيقة القانونية أمام العالم بأن جزء كبير من الحساب أو الحساب كله يجب أن يُصفى مع أسبانيا.
لكن لماذا يجب إعادة الزج الآن بأسبانيا في قضية الصحراء الغربية؟ ببساطة لإننا سنمُر بسنة طويلة رتيبة ومن الممكن أن تكون صعبة، ويجب ملئها بالقيام بعمل دبلوماسي ما. الشيء الثاني أنه يجب استغلال توجه مؤسسات الاتحاد الأوروبي التي يبدو أنها تريد السير في الضغط على المغرب من خلال المؤسسات القانونية. فهذه المؤسسات التي تستطيع أن تبت في قضية أن التجارة غير قانونية مع المغرب بسبب احتلاله غير الشرعي للصحراء الغربية وتصديره لثرواتها، الآ يمكن ان تبت في أن أتفاق مدريد غير شرعي، وعلى أسبانيا أن تعترف بذلك وتعود، قانونيا، هي القوة الاستعمارية المسئولة عن الصحراء الغربية. فكما تم رفع قضية البزنسة الأوروبية مع المغرب إلى المحكمة العلياء الأوروبية يمكن، أيضا، أن يتم رفع قضية اتفاقية مدريد إلى نفس المحكمة. وحتى إذا كان أتفاق مدريد ليس من أختصاص المحكمة العلياء الأوروبية، فهو بدون شك من أختصاص محكمة ما من هذه المحاكم الكثيرة في العالم، ومن المحتمل جدا أن يكون البت فيه من أختصاص محكمة العدل الدولية.. 
السيد حمدي يحظيه

Contact Form

Name

Email *

Message *