-->

السعودية "تُقايض" الجزائر.. المواقف الدبلوماسية مقابل البترول!


طغت الأزمة البترولية على المحادثات التي جمعت وزير الشؤون الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير بالمسؤلين الجزائريين خلال الزيارة التي قادته إلى الجزائر نهاية الأسبوع المنقضي، وغطت على الملفات الدبلوماسية التي حملتها حقيبة الوزير السعودي، معاتبا الجزائر على مواقف تندرج ضمن عقيدتها، وغادر ممثل الدبلوماسية السعودية الجزائر مثلما دخلها.
كشفت مصادر حضرت جانبا من اللقاءات التي جمعت وزير الشؤون الخارجية السعودي بالمسؤولين الجزائريين أن ملف البترول وأزمة الأسعار في السوق الدولية والتحولات التي ستشهدها هذه السوق بدخول منتجين جدد كالولايات المتحدة الأمريكية وعودة إيران، كانت حاضرة ضمن جميع اللقاءات التي جاءت في سياق الدورة الثالثة للجنة التشاور السياسي التي تجمع البلدين، وقالت مصادرنا أن المملكة العربية السعودية حاولت لعب هذه الورقة لتفاوض الجزائر في عدد من الملفات الدبلوماسية وتستميلها إلى جانبها في عدد من القضايا التي ترى المملكة أن الجزائر "خذلتها" عندما رفضت دعم توجهاتها ووقفت في الضفة المعاكسة لمواقفها ومبادراتها .
زيارة وزير الشؤون الخارجية السعودي التي حتى ولو جاءت في سياق الدورة الثالثة للجنة التشاور السياسي بين البلدين، فقد أكدت مصادرنا أنها كانت محاولة سعودية لرأب "الصدع" الذي أصاب العلاقات الثنائية بين البلدين والتي ليست على ما يرام بدليل أن الرئيس بوتفليقة لم يستقبل الضيف السعودي واقتصر استقباله من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال، وحسب مصادرنا فالزيارة حملت طابع "المهمة غير العادية " بالنظر إلى الملفات التي خاض فيها الجبير بنبرة حملت نوعا من العتاب، حيال عدة مواقف يتصدرها موقف الجزائر الرافض الانضمام لمبادرة "التحالف العربي الإسلامي" الذي تقوده المملكة العربية السعودية، وبدت مهمة الجبير محاولة لمقايضة ملفات دبلوماسية بملف اقتصادي.
هذا العتاب شبهته مصادرنا بالعتاب السابق من موقف الجزائر من التدخل العسكري الذي تقوده المملكة في اليمن، وعدم انخراط الجزائر ضمنه، بسبب المبدأ الدستوري الذي يجعل من تدخل أفراد الجيش خارج الحدود الترابية للبلاد عقيدة غير قابلة للتفاوض أو المقايضة، كما لم يغب الملف السوري ورفض الجزائر منطق "عسكرة" القضية السورية عن المحادثات التي أدارها وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة وارتقت إلى الوزير الأول عبد المالك سلال، فيما يبدو أن الرئيس بوتفليقة لم يتحمس لاستقبال وزير الشؤون الخارجية السعودي، ويعتبر هذا الأمر مؤشرا كافيا، إلا أن الجزائر ترفض تغيير مواقفها الدولية، كما ترفض مبدأ "المقايضة" حتى ولو تمسكت السعودية بموقفها الرافض لبحث أي مخرج أو طريقة لوقف تهاوي أسعار البترول في السوق الدولية.
وقالت مصادرنا أن التصريحات الدبلوماسية، وعبارات المجاملة التي نطق بها ممثلا دبلوماسية البلدين، لا تعبر أبدا عما جرى في القاعات المغلقة، وجعلت أحمد الجبير يغادر مثلما جاء، وهو ما يفسر تصريحاته المتعلقة بوجود تنسيق بين الجزائر ودول الأوبيك فيما يخص قضية انخفاض سعر البترول، والتي عبرت صراحة عن موقف السعودية الثابت من ملف البترول، حيث قال الجبير أن أسعار النفط تخضع لأسواق النفط العالمية، كما تخضع للعرض والطلب وللنمو الاقتصادي في العالم، وكأن القائمين على شؤون النفط في الجزائر لا يدركون هذا المعطى والمبدأ التجاري.
واكتفى بالقول "نحن نتابع هذه الأمور بدقة ونحاول أن لا يكون هناك عجز في الإنتاج أو لا يكون المزيد من الإنتاج لكي تكون الأسعار على مستوى معقول يخدم مصالح المستهلكين والمنتجين"، وتحاشى المسؤول السعودي كلية الحديث عن خفض الإنتاج كآلية لوقف انهيار الأسعار في السوق النفطية، وهو نفس الخطاب الذي كان في قلب المحادثات الثنائية. 
محاولة مقايضة المواقف الدبلوماسية الجزائرية بالنفط من قبل السعودية، انتهت إلى لا شيء، رغم أن قضية سعر البترول سبق وأن شكل موضوع رسالة بعث بها الرئيس بوتفليقة في شهر فيفري الفارط إلى ملك السعودية، دون أن تلمس الجزائر تغييرا في مواقف هذه الأخيرة بمنظمة الدول المنتجة للبترول أوبيك في دورتيها الاستثنائية أو العادية مؤخرا.
المصدر: الشروق اليومي الجزائرية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *