-->

الجزائر: الرئيس بوتفليقة يحل جهاز "الدياراس" ويشكل جهازا جديدا تابعا للرئاسة


تناقلت، أمس، عدة مصادر، إعلامية على الخصوص، خبر حل جهاز الاستعلامات والأمن وإعادة هيكلة مصالحه. الرئيس بوتفليقة وزير الدفاع الوطني القائد الأعلى للقوات المسلحة، يكون وقع رسميا مرسوما رئاسيا (لا ينشر) حل بموجبه جهاز "الدياراس" وتعويضه بمديرية المصالح الامنية (دي أس أس) التي تصبح تابعة مباشرة لرئاسة الجمهورية، وهي إصلاحات منبثقة عن مسار أعلن عنه رئيس الجمهورية في 15 أفريل 2011 في خطابه للأمة. هذا القرار الذي أوردته مواقع وفضائيات ووسائل إعلامية مختلفة (ولم يتم تكذيبه) "يخرج" جهاز المخابرات من "السياسة" كما هو معمول به في كل الدول المتقدمة التي تعطي عناية خاصة وأولوية لحقوق الإنسان ولسلطة القضاء، ويعيد توزيع عمل الجهاز وفقا للاختصاصات الأمنية.
مديرية المصالح الأمنية التي تتشكل من ثلاث مديريات فرعية هي مديربة الأمن الداخلي ومديرية الأمن الخارجي والمديرية التقنية، لن تتبع وزارة الدفاع الوطني وإنما تم إلحاقها مباشرة برئاسة الجمهورية، وهو ما يكرس مبدأ "مدننة" الدولة ويسير في اتجاه تجسيد التزامات رئيس الجمهورية في إعادة بعث دولة عصرية قائمة على احترام القانون، وتعزيز مقومات الديمقراطية ومنها تكريس مبدأ الفصل بين السلطات وتكريس سلطة القضاء كأعلى سلطة في الدولة.. ضمان استقلالية المديرية الجديدة للمصالح الأمنية عن وزارة الدفاع الوطني، يأتي تتويجا لمسار تغييرات باشرها الرئيس بوتفليقة على مستوى مديريات ومصالح الاستعلامات العامة منذ سنة 2013، متبعا مسارا تدرجيا شمل في البداية تجميع المصالح التابعة لقيادة الأركان وتحت سلطة وزارة الدفاع الوطني، قبل أن يتقرر إعادة تنظيم هذه المصالح باستحداث مديرية المصالح الأمنية، التي تخضع لسلطة وزير دولة مستشار لدى رئيس الجمهورية، أسندت سلطة الإشراف فيه إلى اللواء بشير طرطاق.
التنظيم الجديد الشبيه إلى حد ما بما هو معمول به في الولايات المتحدة الأمريكية، مع وكالة الأمن القومي، سيشرف على مهمة التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية، ويضفي شفافية أكبر على عمل هذه الأجهزة التي ظلت على زمن قريب عرضة لانتقادات حادة وحملات تشكيك من جهات داخلية وخارجية. لاشك في أن القرار الذي اتخذه رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، بإنهاء زمن "الدياراس" واستبداله بمؤسسة أمنية واضحة المعالم، أوكلت مهام الإشراف عليها لعسكري محنك ذي كفاءة عالية في تسيير الملفات الأمنية، مع إلباسه ثوب الوزير المدني، تتماشى مع المساعي الحثيثة التي يسعى الرئيس إلى تجسيدها من خلال جملة المحاور التي تضمنها برنامج الإصلاحات العميقة، والتي ستوج قريبا بدستور جديد تتأسس عليه معالم الدولة المدنية، القائمة على احترام سيادة الشعب وإعلاء مبدأ القانون فوق الجميع.
المشروع الدستوري الذي سيعرض قريبا على البرلمان، يحصر بشكل واضح الدور المناط بالجيش الوطني الشعبي ويحدده في المادة 25 التي تنص على أنه "تنتظم الطاقة الدفاعية للأمة، ودعمها، وتطويرها، حول الجيش الوطني الشعبي. تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي في المحافظة على الاستقلال الوطني، والدفاع عن السيادة الوطنية. كما يضطلع بالدفاع عن وحدة البلاد، وسلامتها الترابية، وحماية مجالها البري والجوي، ومختلف مناطق أملاكها البحرية". تحديد المهام الدستورية للجيش الوطني الشعبي في مشروع التعديل الدستوري، يأتي ليكرس التوجه العام للدولة المدنية، والتي يريد رئيس الجمهورية إرساءها، تصحيحا لممارسات أفرزتها المراحل العصيبة التي مرت بها البلاد وخاصة في فترة التسعينيات، واقتضت حينها وضع حالة الطوارئ. نية الرئيس بوتفليقة في وضع قطيعة مع تلك الممارسات، تجلت في قراره في 2011 رفع العمل بحالة الطوارئ، تزامنا مع إعلانه لسلسلة الاصلاحات السياسية العميقة، توخى من خلالها إحداث التغيير الذي طالبت به مختلف الجهات السياسية والقوى الحية في البلاد وبناء جزائر قوية وعصرية وفق أسس دولة الحق والقانون واحترام حقوق الإنسان.
عدة مؤسسات وطنية بما فيها مؤسسة الجيش الوطني الشعبي سارت على خطى داعمة لسياسة الرئيس بوتفليقة ومسعاه في التجديد، حيث كان الأمين العام لأكبر حزب على الساحة (الأفالان) أول من أعلن دعمه الكامل للرئيس بوتفليقة في مسعى تمدين الدولة، فيما لم تخف قيادة الجيش الوطني الشعبي من جهتها دعمها الكامل للتغييرات التي أحدثها رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة على مستوى مديريات الأمن والاستعلام، حيث أشادت في آخر عدد لمجلة الجيش بهذا الإجراء الذي مكن حسبها من تحقيق استغلال أمثل وآني وفعال للمعلومة وتوحيد مركز اتخاذ القرار، مجددة في نفس السياق التأكيد على عزم الجيش الوطني الشعبي مواصلة تنفيذ مهامه بكل عزم وإصرار، في مختلف المجالات التي تدخل في صميم تخصصه وفي إطار القوانين والنظم، لتحقيق نتائج أفضل في مجال مكافحة الإرهاب وتفرعاته المرتبطة بالجريمة المنظمة والتهريب، وكذا حماية الحدود والمحافظة على الوحدة الترابية للوطن والدفاع عن السيادة الوطنية.
المصدر: المساء الجزائرية

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *