-->

وزير الدفاع الصحراوي السابق: استقلال الصحراء ضمان لأمن المنطقة (مقابلة)


المقابلة التالية أجراها مندوب "البيان الصحفي" مع وزير البناء وإعمار المناطق المحررة السيد محمد الأمين البوهالي، يتحدث الوزير الصحراوي عن مختلف تطورات القضية الصحراوية، وخيارات الشعب الصحراوي لاسترداد حقوقه وتقرير مصيره.
وأوضح الوزير الصحراوي أن أمام المجتمع الدولي والأمم المتحدة أمام خيارين إما الضغط من أجل سلام حقيقي وعادل يلبي طموحات الشعب الصحراوي في دولة مستقلة وتقرير المصير، أو تحمل مسؤوليته عندما يقرر الشعب الصحراوي العودة إلى الحرب لاسترداد حقوقه، محذرا القوى العظمى وخاصة فرنسا من عدم تحمل مسؤولياتها كدولة لها خبرة في المنطقة، والانحياز إلى الطرف الآخر على حساب الشعب الصحراوي. 
وفيما يلي نص المقابلة:
الوزير الصحراوي محمد الأمين البوهالي يعتبر أن المغرب ما كان له أن يقبل الاستفتاء من أجل سواد عيون الصحراويين وإنما بعدما أن أحس بأن الحزام الكبير الذي أقامه حول المناطق المحتلة والذي أقامه بالمساعدة الفنية من فرنسا وأمريكا وإسرائيل، ورغم ذلك أحس الملك المغربي الراحل الحسن الثاني أن الحزام أصبح مكلفا بسبب ضراوة الهجمات التي يشنها جيش الدفاع الصحراوي، وبالتالي في هذه اللحظة أراد الملك المغربي التوجه نحو الاستفتاء وتقرير المصير لأنه أحس بأن الحزام الأمني الذي أقامه حول المناطق المحتلة لم يعد مجديا، وبالتالي أعلن عن قبوله الاستفتاء وعن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وهو اعتراف عن وجود احتلال غير شرعي وعن وجود شعب يجب أن يقرر مصيره وهو ما طبّلت له الأمم المتحدة، بمباركة الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، وخاصة أمريكا وفرنسا ورأت الأمم المتحدة أنها يجب أن تشرف على وقف لإطلاق النار، وتنظيم استفتاء حر ونزيه، وهو ما رحب به الشعب الصحراوي، رغم أننا اختلفنا في وقتها مع قيادتنا السياسية في وقف إطلاق النار لأننا رأينا أنه كان من الضروري مواصلة الحرب، لأن المنتصر ليس من مصلحته وقف الحرب وإنما من مصلحة الاستمرار، ما دامت الأرض محتلة ويجب المواصلة حتى ترحل القوات الغازية من أراضينا. وهو ما لم نتفق عليه لأن قيادتنا السياسية مالت كثير نحو الحل السلمي، ورأي الأمم المتحدة ومجلس الأمن وتوقيع وقف إطلاق النار الذي لم توقعه وزارة الدفاع، لكنه بالفعل وقعه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو صاحب الكلمة الأخيرة.
والآن الجيش الشعبي الصحراوي يتمتع بأراضي شاسعة محررة خلف ما يعرف بالحزام الدفاعي، وهي الأرض المحاذية للحدود الموريتانية وفي هذه الأرض تنتشر الكثير من مواقع والقرى التي تتمتع بالمرافق الضرورية للتسيير مما كان له الأثر الايجابي على الأمن في حدود البلدين موريتانيا والصحراء، وواقع العلاقات بين الشعبين الموريتاني والصحراوي التي تعتبر علاقات مثالية طبيعية حقيقة،حلمنا دائما هو بلدين متجاورين تطبعها نفس العادات والتقاسم الطبيعي الموضوعي بين الشعبين للثروة بحيث يستفيد كل منهما من الآخر، وإيماننا راسخ بعد الإيمان بالله سبحانه وتعالى بأن العلاقات الموريتانية الصحراوية حتمية ومسألة إستراتيجية ضرورية، وأن تحرير أراضينا المتبقية ما وراء حزام الغزو الدفاعي المغربي بالتأكيد فإن الأمور تتجه إلى تجاوز الواقع الحالي الذي يفرضه المجتمع الدولي خاصة بعد اجتماع مجلس الأمن الذي ساند جهود مبعوثه الأممي كريستوفر روس الأمريكي الجنسية.
ويؤسفنا أن تكون هناك دول عظمى دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي تلقي بثقلها وقوتها ونفوذها أمام حق شعب يطالب بحقوقه وأعطى في سبيل ذلك التنازلات كونه شعب مسالم إلى أقصى الحدود فقد أمهل المجتمع الدولي خمسة وعشرين سنة من أجل السلام انتظارا لتنظيم الاستفتاء وتقرير المصير وفق وعود والتزامات الأمم المتحدة رغم أن المدة الأصلية كانت فقد عدة شهور، وفي هذه المدة الطويلة لم يسجل أي خرق واحد لإطلاق النار من القوات الصحراوية. 
وبدل أن تكون فرنسا الدولة التي تدافع عن قضايا الشعوب ونشر السلام والوئام بين الشعوب تكون الدولة التي تدافع عن المغرب وتدافع عن الحروب، وخاصة فرنسا التي تدفع ثمن تعنتها وثمن غطرستها وماضيها الاستعماري وتفكيرها الاستعماري الذي دائما يراود أحلام الحكام الفرنسيين، وهو ما يعرضها للإرهاب رغم أننا نأسف للإرهاب ولا نشجعه.
وفيما يتعلق بأمن المنطقة فإنه بحكم تنسيق العلاقات الثنائية بيننا وموريتانيا عبر الحدود والحيلولة دون تسرب ما يعكر صفو الأمن في البلدين وفي المنطقة ويسيء للاستقرار داخل حدود البلدين فإننا في الجمهورية العربية الصحرواية تعاملنا مع الرؤوساء الموريتانيين ونكن لهم الاحترام والتقدير، وبالفعل فإن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لعب دورا كبيرا في توفير السلم والأمن في المنطقة، وفي تقوية الجهود الأمنية على الحدود وفي دحر الإرهاب على الحدود الشرقية في هذه الصحاري المفتوحة التي نسميها المنطقة الرمادية، وقد ظهرت نتائج هذه الجهود بشكل واضح، ومساهمة الرئيس الموريتاني في حماية المنطقة واستقرارها، ونحن راضون تماما عن هذا الفعل، وهناك تعاون أمني كامل مبنى على الاحترام والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل وبالتأكيد فإن علاقات البلدين تبقى دائما من أحسن إلى أحسن.
ونحن نعتقد أن الحدود المشتركة بين موريتانيا الصحراء الغربية في منطقة "قندهار" مثلا هي خاضعة لإرادة الصحراء ونحن نتعاون مع موريتانيا في كل ما يخدم مصلحة الشعبين هناك، وفي المشاريع المستقبلية التي تمر من المنطقة دون أن نسمح لأي طرف آخر مثل المغرب باستغلال علاقات التعاون الودية بين الشعبين الصحراوي والموريتاني في تمرير هيمنة وتوسعه. على منطقة الحدود المشتركة في هذه النقطة التي تعتبر معبرا بين البلدين..
وحول التوقعات المستقبلية ومآلات الوضع الراهن للقضية في ظل حالة ألا حرب وألا سلم، يتحدث وزير الدفاع الصحراوي محمد الأمين البوهالي بالقول أن الشعب الصحراوي أعطى مهلة طويلة جدا وفرصة هامة لوقف إطلاق النار، والعالم بأسره يفهم أن القضية الصحراوية آن لها أن تأخذ طريقها إلى الحل، وكذلك أعضاء مجلس الأمن الدولي بما فيها الدول غير الدائمة مجمعة على حق الشعب الصحراوي في حل القضية، وحتى السفير الأمريكي كريستوفر روس المبعوث الشخصي للأمين العام كان يحضر لأفكار جدية للحل النهائي للقضية، ونحن نرى أن إرادة المغرب إرادة غير مبنية على إرادة عقلانية، والدعايات الظرفية، وهذا ما يدفع الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، ونحن أمام خيارين إما ضغط من الأمم المتحدة من أجل حل جدي للقضية الصحراوية، وإما نحن أمام خيار الحرب لا محالة، ليس من أجل الاعتداء على أحد إنما تحرير أرضنا لأنه واجب علينا ونحن ننصح فرنسا بوصفها دولة نووية وذات تاريخ عميق، ولها خبرة بأرض الصحراء وبموريتانيا وبتاريخ المنطقة ككل أن تكون سباقة للحل وأن تكون دولة يرجع لها شرف الحل، وحل المشاكل الصعبة، وإقناع ملك المغرب بالحل وإقناع الشعب الصحراوي بالحل ويكون حل توافقي يقنع العالم وأن لا تكون لها نظرة واحدة للحل بمقتضاها يبتلع المغرب الصحراء وتنتهي الأمور وهو ما لن نقبله، لأن فرنسا لا تستطيع بما تملك من جيوش أن تقضي على الشعب الصحراوي، وهذا الشعب إذا ما انطلق في الحرب لن يقبل توقيف الحرب إلا بعد أن يسترد حقوقه كاملة، وربما يكون الخطر الحقيقي على العرش المغربي هو الرجوع إلى الحرب، وعدم إيجاد حل سلمي للقضية الصحراوية، وبالنسبة لنا لا بد من حل محددة الآجال.
وتقرير المبعوث الشخصي الأخير للأمم المتحدة، تحدث بصدق عن القضية ومثّل الوضع بالقنبلة الموقوتة، وهناك شباب متدرب وذا تكوين عسكري، لكن لا يريد أن يكون انتحاري أو إرهابي أو يتبنى أي عنف أو إرهاب، ولكن يريد تحرير أرضه، وسئم من اللجوء والانتظار إلى ما لا نهاية فطيلة خمسة وعشرين سنة لم يقم فيها الشعب الصحراوي بإطلاق أي طلقة لخرق وقف إطلاق النار، ونحن نحترم العالم كما ينبغي ونحترم الأمم المتحدة كما ينبغي، ولم نعد مستعدين لتلك المفاوضات العبثية ولسنا مستعدين للانتظار إلى ما لا نهاية، إما الحل أو الدخول في الحرب، وهذا لا يمنع أننا لا نقدر جهود الأمم المتحدة، ونقدر جهود الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن التي تمول استمرار وقف إطلاق النار، وتمول وحدات المينورسو، وهذا عمل جبار وعظيم وجيد، فنحن لا نخشى الحرب ولو كنا كذلك لما فرضنا على المغرب القيام بحزام دفاعي، الذي بدأ فيه سنة 1980، ومع ذلك فنحن بطبيعتنا شعب مسالم يطمح للسلم دائما والاستقرار خاصة بالنسبة للشعوب الإسلامية التي لا نتمنى معها سوى المودة والرحمة والعافية وكذلك لأي شعب مجاور وخاصة الشعب المغربي، ونحن نهيب بالشعب المغربي المسلم بأن ينصح الملك بأن الظلم جعله الله محرما بين عباده، ومن مصلحة أن يتوب إلى الله ومن حق الشعب الصحراوي، ويسهل الحل السلمي للقضية الصحراوي وحق الشعب في تقرير مصيره.
ونؤكد أننا لا نخشى الحرب فجيشنا يبلغ عدده الآن أربع أو خمس أضعاف مما كان سابقا، ولديه الأسلحة والإمكانيات اللازمة لخوض الحرب ونحن نختار الأسلوب الملائم للحرب التي تلاءمنا ومنها حرب العصابات الممزوجة بضربات قوية تهز أركان العدو.
ورسالتي للشعب الصحراوي أن القضية الصحراوية تحمّلها الشباب حيث كنّا حينها ما بين أعمار 22 إلى 23 سنة حين انطلقنا في النضال بالقضية الوطنية إلى الآن، فالشباب هو طموح وأمل الشعب الصحراوي هو مستقبله وهذا الشباب يفترض فيه أن يكون شباب وطني مخلص غيور على كرامته وعلى وطنه وعلى مصلحة شعبه ويقود شعبه نحو الاستقلال، فأرضنا وتاريخنا ومجدنا وكرامتنا أغلى لدينا من أموال الدنيا.
ونحن نؤمن بأن دولة موريتانية مستقرة جزء من إقليم شاسع لمجتمع البيظان يمتد من أرض الترارزة جنوبا إلى الحوضين وشمال مالي وشمال النيجر وجنوب التشاد وحتى تخوم السودان وإلى أرض الصحراء التي تمتد على مساحة واسعة من منطقة الحدود الشمالية بين المغرب والجزائر إلى واد نون شمالا وتحديدا امحاميد الغزالان وواد درعة وأرض أيت بوعمران، يوجد منطقة الصحراء أو الساقية الحمراء هي كلها أرض مجتمع البيظان لا يمكن لها أن تستقر إلا بوجود دولة صحراوية مستقلة هي الجمهورية العربية الصحراوية كعنصر ضروري لاستقرار المنطقة.
ونحن لدينا قناعة كاملة بأن مستقبل هذا العنصر البشري ومستقبل هذه المجموعات السكانية ذات العادات والتقاليد واللهجة الواحدة، على هذه الرقعة لا يمكن أن يحدث إلا باتفاق عنصر البيظان الذي يتشكل من دولة موريتانيا ودولة الصحراء الغربية المستقلة، حيث أن استقلال كل من البلدين وتقدمه وتطوره واستقراره هو عامل قوة لهذه المجتمع البيظاني ككل. 
تاريخ نضالي 
كغيري من قادة الشعب الصحراوي فقد كنت دائما على مدى تاريخي النضال أقاتل بعقلية المجاهد الذي ينشد إما الشهادة أو الأداء الجيد، وهذا ليس أمرا خارقا للعادة بالنسبة للكثيرين فهي خاصة يتحلى بها جميع أبطال الشعب الصحراوي، فنحن جميعا التزمنا بعهد وارتدينا بذلة لن نخلعها أبدا هي القضية الصحراوية. والإخلاص لها وخدمة الشعب.
وفيما يتعلق بمسيرتي فقد جئت إلى وزارة الدفاع في شهر مايو 1989 بعد المؤتمر السابع قادما حينها من قيادة الناحية العسكرية الثانية وفي وقت كانت فيه المعارك على أشدها، ولو استطيع حينها رفض وزارة الدفاع لفعلت لأني اعتبر نفسي شخص ميدان وهذه هي مهمتي.. مهمة تدريب مهمة الإشراف على المعارك، والدخول في مغامرات الحرب، أصبحت أتقن كغيري من الضباط مغامرات المعارك، وهي ما يعني بها الخبراء المعركة غير المتكافئة، وهذه هي المهمة التي أفضل أن ابقى فيها، وأن أبقى في الأراضي المحررة لأبقى قريبا مع العدو، ولدي الأمل أن أرجع إلى الميدان ومغادرة أروقة الإدارة خاصة أننا نرى أن السلطة تكليف لا تشريف.
أجرى المقابلة: مولاي إبراهيم ولد مولاي أمحمد للاطلاع عليها من المصدر

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *