-->

رأي القدس العربي يجافي الصواب

ظلت صحيفة القدس العربي طيلة السنوات الماضية وجهة مفضلة للقراء و المثقفين الصحراويين، تروي شغفهم بقراءة كل جديد والاستزادة من الفكر العربي المتحرر، من ضغط الانظمة و اقلام البلاط، لكن وبكل اسف بدأت ثقتنا تهتز من حين لاخر في صحيفتنا التي ارتبط اسمها بالدفاع عن فلسطين وقضايا التحرر في العالم، ولسان للمظلومين والمضطهدين وكان صوت الشعب الصحراوي يجد طريقه الى القراء العرب بكل يسر ومصداقية.

وشكلت القدس العربي الاستثناء من بين عديد المنابر الاعلامية العربية في توجيه الراي العام الى الاحداثيات الحقيقية لقضية الصحراء الغربية، وفقا للشرعية الدولية، مستنيرة في ذلك بقرارات الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في نزاع لاتزال اطرافه تتفاوض تحت مظلة الامم المتحدة.
فكانت معالجاتها للقضية من زوايا مختلفة ولكن بموضوعية.
اليوم وبعد سنوات المصداقية يأتي  راي القدس " الرباط وبان كي مون: درس مغربي للعرب؟" ليجافي الحقيقة، وينفي وجود شعب يقاوم، بالقفز على “المقاييس التاريخية”، التي ظلت تطارد المغرب في المحافل الدولية، وتزيد من عزلته قاريا ودوليا، فكل القمم الافريقية تؤكد على ضرورة تصفية الاستعمار من اخر مستعمرة في افريقيا، والاتحاد الاوروبي علق اتفاقياته الاقتصادية مع المغرب بسبب الوضع القانوني للصحراء الغربية، والامين العام الاممي صرح بان الوجود المغربي في الصحراء الغربية احتلال، ولا توجد دولة في العالم تعترف للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية، فهل بعد هذا تنطلي على اولي الالباب المغالطات المغربية التي تروم اطالة الاحتلال لمنطقة هجر شعبها ظلما وعدوانا ويتجرع الوان المعاناة في المخيمات والشتات منذ اربعين سنة، وهو يرى وطنه ينزف، تنتهك فيه الاعراض وتستنزف الخيرات.
ولعل صحيفة في حجم القدس العربي تستدرك الخطا فكل بنى آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون، نسرد بعض المحطات التاريخية، التي تدحض الاراء المغشوشة التي تحاول تغطية الشمس بالغربال، في قراءات ومقاربات بعيدة عن الحياد الذي تلتزمه بعض المنابر الاعلامية التي تضع لنفسها نفس المسافة من جميع الاطراف، خاصة في خلافات الدول العربية البينية، والنزاعات الاقليمية المعقدة.
فالصحراء الغربية مستعمرة اسبانية من سنة 1883 الى غاية جلاء اخر جندي اسباني في 26 فبراير 1976، والممثل الاسباني لدى الأمم المتحدة، السيد بنييس اكد التزام بلاده يوم 7 ديسمبر 1963، بتطبيق مبدأ تقرير المصير في الصحراء الغربية، و فعلا فقد طالبت الجمعية العامة للأمم المتحدة بتطبيق التوصية 2229 (XXI) الصادرة بتاريخ 20 ديسمبر 1966،والتي تنص على ان الصحراء الغربية، ما دامت لا تشكل جزءاً من "الوحدة الترابية" للمغرب، فهي إقليم يجب تصفية الاستعمار منه عن طريق إستفتاءا لتقرير المصير.
وبتاريخ 13 ديسمبر 1974تمت المصادقة على القرار 3292 (XXIX) والذي طلب إرسال بعثة أممية إلى الصحراء الغربية لتقصي الحقائق وإعداد تقرير، نص فيما بعد ان القوة المسيطرة في الاقليم هي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب "البوليساريو" والتي كانت تناضل من اجل الاستقلال ضد الاستعمار الاسباني وعلى ضوء تقريراللجنة الاممية اصدرت محكمة العدل الدولية حكما إستشاريا حاسما يؤكد عدم وجود روابط "سيادة إقليمية" بين المغرب والصحراء الغربية ويستند على ذلك بانعدام ادلة او حجج تدل على أن المغرب "مارس نشاط حكم فعلي وخاص على الصحراء الغربية".
كما ان مجلس الامن الدولي اصدر يوم 6 نوفمبر 1975 ـ وهو اليوم الذي انطلقت فيه مسيرة المستوطنين المغاربة التي قادها الحسن الثاني الى الصحراء الغربية ـ قرار يطالب فيه من المغرب "بالانسحاب الفوري لكل المشاركين في المسيرة الخضراء من الاقليم" وفي القرارات 3734 (1979) و 1935 ( 1980) و هي كلها قرارات للجمعية العامة تعتبر أن ما قام به المغرب في الصحراء الغربية هو "إحتلال" يجب التنديد به، لكن المغرب الذي حاول توريط موريتانيا في حرب الاشقاء الصحراويين وجد نفسه وحيدا في قلب المواجهة بعد انسحاب موريتانيا من الحرب سنة 1979 وتوقيعها اتفاق السلام مع جبهة البوليساريو، واعترافها بالجمهورية الصحراوية في 27 فبراير 1984.
وبعد ستة عشر سنة من المواجهة العسكرية بين الجيش الصحراوي والقوات المغربية، تأكد للملك المغربي انذاك ان الحسم العسكري بات من سابع المستحيلات فقبل بالجلوس الى طاولة المفاوضات مع الطرف الصحراوي وليس طرفا اخر كما يحاول المغرب ترويجه، وقبِل بمخطط السلام الذي ترعاه الامم المتحدة عبر بعثتها لتنظيم استفتاء تقرير المصير الى الصحراء الغربية المعروفة اختصارا بـ"المينورسو"، ومنذ ذلك الحين والمغرب يضع العراقيل والعقبات في طريق عمل هذه البعثة التي فقدت محتواها بقرار الرباط الاخير طرد المكون السياسي والمدني بالمينورسو.
وفي الاخير نتمنى ان تحترم هيئة تحرير القدس العربي مشاعر الصحراويين فيما تكتب او تنشر او على الاقل فسح المجال لهم على قدم المساواة مع الاشقاء المغاربة لابداء ارائهم وحججهم وترك الحكم للقارئ، اما العرب فلم تعد تكفيهم الدروس بعد الربيع العربي وعواصف الحسم والحزم التي عمقت الجراح.
بقلم: حمة المهدي

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *