-->

سقوط آخر اوراق التوت لدى النظام المغربي


ظل النظام في المغرب يراهن في احتلاله للصحراء الغربية على تحوير قضيتها من قضية تصفية استعمار الى الى قضية داخلية مغربية، وشجعه في ذلك علاقاته وتداخل مصالحه مع بعض القوى العظمى باعتباره انذاك حليفا استراتيجيا لها. الا ان هذه القاعدة التي انطلق منها النظام المغربي لم يطرح بالحسبان انها متغيرا وعرضة لان تنعكس سلبا عليه في ظرف ما.
فالنظام المغربي عبث حقا بإرادة المنتظم الدولي وبالمبادئ التي أسست عليها شعوبه عصبة الامم المتحدة وغيرها من التجمعات الدولية والقارية، بعد معاناة من الاستعمار وتضحيات كبيرة قدمتها، لتجسد وجودها واحترام حقوقها في تقرير المصير والاستقلال. ان احتلال المغرب اللاشرعي لاقليم يعتبر خاضعا لتصفية الاستعمار طبقا للوائح الامم المتحدة ومنظمة الوحدة الافريقية/الاتحاد الافريقي، هو خرق سافر لمواثيقها بل وتمرد كان من الضروري ان يلقى جزاءه عليه منذ البداية. لكن كما اشرنا ان النظام المغربي استغل علاقات المغرب وموقعه الاستراتيجي ليعبث فساد في الارض ويلبي رغباته التوسعية، فأدخل شعبه اتون حرب ظالمة ضد شعب صغير وجار، ورد الفرحة في هذا الشعب عشية احتفاله بالنصر ضد الاستعمار الاسباني الذي عمر ما يقارب قرن من الزمن. 
كان النظام المغربي يظن انه بامكانه ان يفعل ما يشاء بحكم ما اشرنا اليه سابقا، وهذا من باب الغرور، وان دول تدرك شعوبها معنى الحرية والكرامة وتعتبر من مؤسسي هيئة الامم المتحدة ستظل واقفه الى جانبه حتى وان كان ذلك على حساب مبادئها، مصالحها وتطلعاتها. فالنظام المغربي تجاوز الخطوط الحمراء في تعامله مع ملف قضية الصحراء الغربية واضاع كل الفرص التي تمكنه من ايجاد مخرج مشرف الذي بدون شك هو استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي.
لقد انتهت مبررات الحرب الباردة وتغيرت الظروف واصبحت منطقة شمال افريقيا برمتها تعيش وضعا غير مستقر وهو الامر الذي تسبب في اعادة النظر في الخارطة جيوسياسية، واصبح النظام المغربي مطالب باتباع التوجهات الجديدة التي تضمن امن واستقرار هذه المنطقة ومن اولياتها تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية عبر تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. وفي هذا الاطار، وبعد فشل كل الجهود الاممية في تقريب وجهات نظر طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، يجد مجلس الامن الدولي نفسه مجبرا على الكشف عن المعرقل الحقيقي وغير المتعاون مع جهود المنتظم الدولي. 
كانت الاستشارة القانونية للمستشار القانوني السيد هانس كوريل سنة 2002 رسالة واضحة من المنتظم الدولي للاحتكام للشرعية والقانون الدولين طبقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الامن ذات الصلة والاستشارة القانونية لمحكمة العدل الدولية سنة 1975، هذه الاستشارة القت بظلالها على كل التعاملات غير القانونية مع المغرب فيما يخص الصحراء الغربية وفتحت المجال لمعركة قانونية توجت بانتصار الصحراويين وضحد كل الادعاءات المغربية الزائفة. كما مهدت ايضا لتسليط الضوء على واقع حقوق الانسان، الذي هو الآخر كانت رسالة القوى العظمى بشأنه واضحة عندما قدمت الولايات المتحدة مسدوة في ابريل 2013 تطالب بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان بعد تزايد انتهكات المغرب لها في الجزء المحتل من الصحراء الغربية. من جهته كانت رسالة اروبا حاضرة من خلال قرار المحكمة الاوروبية ببطلان اتفاق الفلاحة الموقعة مع المغرب باعتبار هذا الاخير محتلا للصحراء الغربية التي توجد ضمن الاقاليم التي لاتتمع بحكم ذاتي وينتظر تصفية الاستعمار عبر تمكين شعبه من تقرير مصيره. هذا اذا ما نظرنا الى موقف الاتحاد الافريقي القوي الذي يضغط باتجاه تسريع تصفية الاستعمار من الصحراء الغربية واتخاذ عقوبات ضد المغرب بسبب تعنته، انتهاكاته المستمرة لحقوق الانسان ونهبه للثروات الطبيعية الصحراوية.
إن اختيار الامين العام للامم المتحدة لمخيمات اللاجئين الصحراويين والاراضي المحررة للاعلان عن ان المغرب بلدا محتلا للصحراء الغربية هي اشارة واضحة من المنتظم الدولي للمضي في خارطة طريق جديدة تضع الامور في صياغها الطبيعي وهي تصفية الاستعمار عن طريق تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير والاستقلال. إن هذا الاستنتتاج الذي توصل اليه مجلس الامن الدولي وكلف الامين العام بالاعلان عنه، يعتبر ضربة قاضية للنظام المغربي الذي ظل يراهن على مدى اربعين سنة من اجل تحريف مسار القضية الصحراوية، وكما يعتبر انتصارا للحق المشروع للشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال الذي تحمل معاناة كثيرة وقدم تضحيات كبيرة من اجله، وهو ايضا بداية لعد تنازلي لانهاء احتلال الصحراءالغربية اراد المغرب ام كره.
فالهجمة الدعائية والاعلامية التي يقوم بها النظام المغربي اليوم ضد المنتظم الدولي، ليس بسبب تأكيد الامين للامم المتحدة على ما سبق للامم المتحدة انه قررته بشأن اعتبار المغرب بلدا محتلا للصحراء الغربية، لكن بسبب فشل النظام المغربي في تشريع احتلاله للصحراء الغربية، لذلك لا مبرر لهذه الهجمة اطلاقا وتخرج عن جميع اخلاقيات العلاقات الدولية وتضرب عملية السلام والاستقرار في المنطقة عرض الحائط، وهوما يدفع بالمنتظم الدولي للكثير من الصرامة مع من يتمرد على قراراته وبهذا الشكل من العنجهية والغرور في سابقة لاتعي مدى الخطورة التي ستقود اليها والتي يتحمل النظام المغربي وحده كل تبعاتها. إن قرار التصعيد الذي اتخذته المملكة المغربية لنسف عملية السلام في الصحراء الغربية من خلال طرد بعثة الامم المتحدة من اجل الاستفتاء في الصحراء الغربية، اذا ما وضع المنتظم الدولي حد سربع له، فان عواقبه ستكون وخيمة على امن واستقرار المنطقة برمتها.
بقلم: الديش محمد الصالح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *