-->

الصحراء الغربية: رسائل ومضامين زيارة بان كي مون


إن اسباب تدخل الامم المتحدة في قضية الصحراء الغربية يعود الى كون هذه الاخيرة مدرجة منذ 1963 في قائمة الاقاليم المستعمرة والتي لاتتمتع بحكم ذاتي، والمرجعية المعتمدة لدى الهيئة الاممية في التعامل مع هذه القضية هي قرار الجمعية العامة للامم المتحدة 1514 لسنة 1960 والقاضي بمنح الدول والشعوب المستعمرة حقها في تقرير المصير والاستقلال.
وبالرغم من المتغيرات التي شهدها العالم خلال وبعد الحرب الباردة بفعل تداخل المصالح التي اثرت على آداء وتعاطي الهيئة الاممية مع القضية الصحراوية، الا ان تقرير مصير الشعب الصحراوي ظل هو اساس اية جهود تسعى لحل القضية الصحراوية ومن ابرزها مخطط التسوية الاممي- الافريقي لسنة 1991 من اجل تنظيم استفتاء لتقرير المصير، الاول من نوعه، الذي بفضله تم توقيف اطلاق النار وتواجد بعثة الامم المتحدة من اجل الاستفتاء في الصحراء الغربية ( مينورسو). تلك المصالح المتداخلة، وبخاصة مصالح القوى الكبرى، هي التي اضعفت دور الامم المتحدة وعرقلت مسار تصفية الاستعمار الى يومنا هذا.
تأتي زيارة الامين العام للامم المتحدة السيد بان كي مون بداية شهر مارس الحالي بعد رفض المغرب للتفاوض مع جبهة البوليساريو وعرقلة مجهودات المبعوث الشخصي السيد كريستوفر روس، لتؤكد انشغال الهيئة الاممية ومن ورائها القوى العظمى بصعوبة الاوضاع في شمال القارة السمراء من جراء عدة عوامل يعتبر الارهاب على رأسها، وبالتالي انشغالها بالاسراع في ايجاد حل لقضية الصحراء الغربية الذي سيكون له الاثر الايجابي لا محالة في معالجة تلك الاوضاع. 
ولحل القضية الصحراوية لابد من وضعها في اطارها الاصلي، كونها قضية تصفية استعمار يتم حلها من خلال تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير والاستقلال، خاصة وان القوة القانونية التي تتمتع بها القضية الصحراوية اليوم وقوة التضامن الدولي معها واصرار شعبها على الاستمرار في كفاحه المشروع اصبحت تتجاوز اية حلول لا تعتبر تقرير المصيروالاستقلال قاعدة لها، وهو في واقع الامر ضربة قاسية للملكة المغربية في اطماعها التوسعية باعتبارها دولة محتلة للصحراء الغربية. 
الامين العام، الذي استهل زيارته بالقوة المديرة، اسبانيا، والدولتين الملاحظتين موريتانيا والجزائر، ومخيمات اللاجئين والمناطق المحررة، لم يزور المغرب والمناطق المحتلة من الصحراء الغربية للاسف الشديد بسبب العراقيل المغربية، وهو امر يؤكد ان نفس الاسباب التي عرقلت جهود مبعوثه الشخصي السيد كريستوفر روس هي نفس الاسباب التي حالت دون قيام بان كي مون بزيارة للمغرب والمناطق المحتلة من الصحراء الغربية، وهي انهما يتمسكان بتقرير المصير والاستقلال كقاعدة لاي حل، بل الابعد من ذلك اعتبر الامين العام ان المغرب دولة احتلال سببت معاناة كثيرة للصحراويين.
الجديد في الامر ان الامين للامم المتحدة زار لاول مرة المناطق المحررة من الصحراء الغربية، بئر لحلو، تزامنا مع نفس التاريخ الذي اسست فيه جبهة البوليساريو اول حكومة لها، المدينة التي تحرر فيها كل الوثائق التي يتلقاها الامين العام للامم المتحدة من الرئيس الصحراوي. إن لذلك معنى عميق وهو الاعتراف الضمني بالجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وبالدور الذي تلعبه في استقرار وامن هذه المنطقة خاصة في مكافحة الارهاب والجريمة المنظمة. فالسيد بان كي مون ايضا اقر بقوة التنظيم داخل المخيمات والمناطق المحررة وتأثر كثيرا بمعاناة اللاجئين على مدار 40 سنة وبعدهم عن وطنهم المحتل من طرف المملكة المغربية.
مهما اختلفت القراءات لزيارة السيد بان كي مون وربطها البعض بظروف الرحيل عن رأس الهيئة الدولية، الا انها اظهرت عمق الخلاف بين الهيئة الاممية والمملكة المغربية والعزلة التي اصبحت فيها هذه الاخيرة من جراء تعنتها، وتركت بصمات الامل في ان يقدم الامين العام، خلال ابريل القادم، معالجة جادة وسريعة لحل المشكل تحترم حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والا ستقلال، تنهي معاناته التي عمرت طويلا بسبب احتلال ارضه من طرف المملكة المغربية وتفتح المجال امام ترتيب اوضاع المنطقة.
بقلم: الديش محمد الصالح

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *