-->

هل تضع لنا بنما نصيبا من أوراقها؟


بقلم : ازعور ابراهيم. 
ربما سيطرت علي العالم فكرة جعل من الثالث من مارس من كل عام،يوم عالمي لمحاربة الفساد،وهو اليوم الذي عرفت فيه دول وشعوب كثيرة؛الي اين تذهب أموالها ومقدراتها،وفي أي مكان من العالم يجري تبييضها باللجوء الي مجموعة من الاستراتيجيات المعقدة،عبر استخدام واجهات تبدو ضعيفة ومفلسة احيانا؛لا تثير الانتباه، لتمرير صفقات ضخمة،عادة ما يتولي اشخاص مقربون من أصحاب القرار عملية الاشراف عليها.وقبل أن يتبين الخيط الأبيض من الأسود،ذهب البعض الي اتهام الولايات المتحدة الامريكية،التي تسيطر علي المال،وتهيمن علي الاعلام،بأنها تجبر دول كثيرة عبر العالم علي الغاء طابع السرية المصرفية،كي تبقى هي وجهته الوحيدة في هذا العالم، وانها تلجأ الي اساليب الكشف السالبة للكرامة،كلما عانت من خصاص مالي،مثل ما يفعل التاجر المفلس،الذي يعود الي تذكر و فحص دفاتر ديونه. 
غير أنه، من غير المرجح،أن تاتي"أوراق بنما" علي ذكر اشخاص،يعيشون بيننا،علي انهم مارسوا الفساد يوما،وعلي هذا المستوى من المهنية، نظرا الي بدائية وتقليدية الاساليب،التي تتم بها ممارسة الفساد في مناكب الدولة الصحراوية،التي تفتقر الي موارد كافية لضخ هذا الحجم من الأموال،وميول الانسان الصحراوي الي العقلية البدوية،التي تنجرف نحو الاستثمار عادة في تنمية الإبل؛وممارسة بعض الاعمال التجارية،التي تعتبر واجهة عملية لانشطة فردية مشبوهة. لكن ذالك،لا يمنع من التطرق للفساد كظاهرة،يجب الحديث عنها بحكم خطورتها؛رغم بأنها لا تهم سوى فئة محدودة،وأنها تأتي في مقدمة المواضيع التي تثير حساسية شديدة لدي المواطن الصحراوي البسيط،لتعارضها مع وعيه،الذي راكمه علي مدي عقود من تلقينه دروس الحفاظ علي السرية في كل شيء،باعتبارها"مكسب" من مكاسب الثورة!! 
وتعود جذور تفشي الظاهرة الي المقاييس التي يتم من خلالها اختيار"النخب" والمسؤولين،التي لم تأت في احسن الظروف من ناتج فرز عملية انتخابية،وإنما تأتي في اطار محاصصة لا يزال اصحاب القرار يؤمنون بأنها "ضرورية" للحفاظ علي استمرار تماسك التوازن القبلي؛ولو تعارض ذالك شكلا ومضمونا مع التوجه الديمقراطي للدولة الصحراوية،وغالبا،ما تكون الأنظمة المسرفة في تمجيد رموزها،خاضعة لمفهوم الولاء السياسي، الذي يضمن لها دور صمام أمان؛يحول دون تعرضها للمساءلة والمحاسبة،وذالك بالاعتماد علي مؤسسات شكلية وضعيفة،تنتقيها لنفسها بعناية هي: القضاء، البرلمان ،والرقابة.ويعرف الخبراء الفساد السياسي،بأنه: غياب الكفاءة،الذي يعمل علي تغييب المصلحة الوطنية،مقابل شراء ولاء الاتباع،الذين يتحولون مع الوقت الي شركاء ومنتجين للفساد،وتأتي "أوراق بنما" في هذا السياق، كتجسيد فعلي لهذا المفهوم. 
وكانت بنما،وهي احدى دول وسط امريكا الجنوبية،من بين اوائل الدول،التي نقلت الينا اعترافها بالحق في إنشاء دولة،وذالك،في23 يونيو 1978، فهل هناك فعلا،من تجرأ من الصحراويين،علي تصدير"فسادنا" اليها بعد عقود من فضلها علي القضية الصحراوية العادلة؟

Contact Form

Name

Email *

Message *