المغرب والولايات المتحدة: هل تصح نظرية التخلي عن الأصدقاء القدماء !!!!
أول مرة في تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والمغرب، يتم استدعاء السفير الامريكي " لتوبيخه" في الرباط. فالعلاقة بين المغرب والولايات المتحدة ظلت، دائما، ومنذ 1956م مثل العلاقة بين الثعلب والأسد، فما يقوله الاسد مطاع حتى لو كان في غير صالح المغرب.. كان المغرب- أعتذر عن استعمال العبارة التالية لإنه لا يوجد غيرها لوصف العلاقة بين وأمريكا بدقة – يعمل قوَّادا للولايات المتحدة، ويدلك لها ظهرها، من جهة، خوفا وخشية ومن جهة أخرى طمعا في تأئيدها. عمل لها قوادا في عهد الحسن الثاني حين تم طلب منه أن يحضر الظروف لجمع المصريين والإسرائيليين لتصفية القضية الفلسطينية، وعمل لها قوادا في قضية الصحراء الغربية حينما أكد لها أنه سيحطم الجزائر، وعمل لها قوادا في سنة 2004م، حين طلب منها أن تفتح سجونا فوق أراضيه كي يتم فيها حشر مقاتلي طالبان ومقاتلي المقاومة العراقية.
ومثلما يفعل أي مغربي قمئ حين يركع ليُقبل أرجل الملك المغربي ويلحس حذائه، كان النظام المغربي يُقبل أرجل أمريكا ويلعق حذائها بسرور ويقوم بكل المهام القذرة لإرضائها.. حتى في عهد الحسن الثاني الصارم لم يتجرأ في يوم من الأيام ليستدعي السفير الامريكي. كان استدعاء السفير الأمريكي من مهمة الروس أو الالمان أو لاصين، اما المغرب، كما يتندر المغاربة بذلك، فكان دستوره يمنع أستدعاء السفير الأمريكي. ملك المغرب الحالي، وبسبب ضعف في تركيبة مخه أو بسبب خلل في ذهنه، مهوس بخلق المشاكل مع الكبار. ومشكلته أنه، مثل الدون كي خوتي، يخرج دائما مهزوما.. فمعركته مع الأمين العام والأمم المتحدة لم يجني منها سواء أنه تراجع عن القرار " السيادي" الذي " لارجعة" وجعل مجلس الأمن يصدر قرارا يقوي من وجود المينورصو، ويمتن "عينها"..
الآن، دخل المغرب وملكه في معركة هو في غنى عنها مع الولايات المتحدة. فالولايات المتحدة منذ الستينات وهي تصدر، دوريا وبانتظام، تقارير حادة تتهم المغرب بأنه على رأس قائمة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان. لم يفكر المغرب، ولو في السر، مرة أن يستدعي السفير الأمريكي للاحتجاج.. لماذا يتم استدعاء السفير الأمريكي الآن للاحتجاج على تقرير عابر وروتيني للخارجية الامريكية؟ هل انقلب العالم، وأصبح الثلعب في موقع يتجرأ فيه على أيقاظ الأسد ليحتج عليه؟ ما الذي تغير يا ترى في العلاقة بين البلدين.؟
في الواقع، وهذا رأي شخصي، لم يتغير أي شيء – ولو مجهري- في العلاقة بين البلدين ما عدا أن الولايات المتحدة أصبحت تقايض وتبيع وتشتري مع فرنسا في قضية الصحراء مقابل دعم في قضية أخرى نجهلها.. الكثيرون يعتقدون- وهذا خطأ- أن مشاكسة المغرب للولايات المتحدة قد تكون له علاقة بقضية الصحراء الغربية وبموقف مستقبلي لأمريكا من الاحتلال المغربي، لكن هذا- في اعتقادي الشخصي- لازال بعيدا.. فالولايات المتحدة لم تغير موقفها " الحيادي" من قضية الصحراء الغربية، وإّذا أخذنا ما هو موجود على الأرض من معطيات لا نجد ما يمكن أن يجعلنا نعتقد أن الولايات المتحدة قد تفرض حلا في قضية الصحراء الغربية ضد مصالح المغرب.؟ ما هو الجديد الذي يجعل بعضنا يعتقد أن الحل أصبح قريبا وستقوم به "الحاجة" الولايات المتحدة.؟
الحل بالنسبة للولايات المتحدة- إلى حد الآن- يمر عبر الجزائر، وهذه الأخيرة لازالت – وستظل- محتفظة بموقفها وهو أنها مع تقرير المصير، وضد تواجد القوى الكبرى في المنطقة..
إذن، المعطيات( ما هو موجود بين أيدينا ونعرفه) تستبعد أن تكون القضية الصحراوية هي سبب مشاكسة المغرب للولايات المتحدة، وهذا يقودنا إلى التفكير في شيء آخر له علاقة بنظرية التخلي عن الأصدقاء القدماء، وتعويضهم بجدد.
هل أن المغرب يريد ان يجس نبض الولايات المتحدة، وينتظر ردة فعلها كي يقوم بعمل ما كبير ضد الولايات المتحدة قد تكون له علاقة بمصالح روسيا والصين.؟ هل صحيح ما يتم تناوله أن المغرب أدار ظهره للولايات المتحدة، ويريد فتح قاعدة بحرية لروسيا في المحيط الأطلسي... في المغرب من الشائع القول ان روسيا، عكس الولايات المتحدة تماما، لا تتخلى عن أصدقائها حتى لو انهزموا. من هنا يمكن أن نمسك بخيط المصطلح الجديد الذي يبدو أن الجميع اتفق على تسميته بنظرية تخلي الولايات المتحدة عن الأصدقاء القدماء مقابل أصدقاء جدد. فمنذ بدأ الهجوم على صدام حسين، أول واحد في اللائحة، بدأت قطع الشطرنج تتساقط. منذ حوالي شهر صرحت الولايات المتحدة أنها ستتخلى عن السعودية، أول وأكبر حليف لها في الشرق الأوسط، وبدأت الأشاعات تقول أنه يمكن استبدالها بإيران. وقت قليل بعد ذلك تم اتهام السعودية أنها هي التي مولت هجمات 11 سبتمبر.. وتجرأ ترامب المرشح للرئاسة بالقول ان السعودية هي بقرة حلوب أصبحت في مرحلة الذبح.. إذن، انقلاب الولايات المتحدة على السعودية، جعل الجميع يقول أن نظرية التخلي عن الاصدقاء القدماء قد دخلت مرحلة التنفيذ. الأمر قرأه المغرب مبكرا، ربما حتى قبل دول الخليج الأخرى، وبدأ يشاكس الولايات المتحدة ويبحث عن حليف بديل لها بحجة أن الدور أت عليه لامحالة، وأن علامات التخلي عنه بدأت من سنة 2013م وتكررت سنة 2016م عندما وقفت الولايات المتحدة ضده- تكتيكيا- في قضية الغربية. الآن المغرب يريد أن يسبق قرارا محتملا للولايات المتحدة بالتخلي عنه لصالح الجزائر مثلما يمكن أن يحدث للسعودية مع إيران.
السيد حمدي يحظيه