-->

الصناع التقليدين في المجتمع الصحراوي


ان الحرفي الذي وفر لمجتمعه خلال فترات طويلة من تاريخه، وفي ظروف صعبة كل ما يحتاج إليه من وسائل وآلات والآواني والسروج والأسلحة والرحال والألواح. التي ساهمت في جعل الصحراوي القديم قادرا على التكيّف مع تلك الفترات والظروف الصعبة، والذي كان المساهم المباشر للرفع من حياة الصحراوي القديم ، وبدلا من أن ينال الاحترام والتقدير في المجتمع كانت مكافئته بإسقاطه من عيون الناس، ونسج الحكايات المهينة حوله , متناسين مساهمته الفعالة في صناعة الثورة ودعمها بالانتاج المادي الذي ساهم في الحفاظ على الوجه الحقيقي لموروث الهوية الصحراوية ومن جهة اخرى ساهم في اثراء خزينة البلد بالعملة الصعبة من خلال ما ابدعته انامله من تحف غاية في الجمال وروعة في الابداع ,وفي ساحة الوغاء استشهدو مثل كافة ابناء هذا الشعب لان العدو اثنا القتل لا يميز بين" لمعلم "و الحرطاني "ولا البظاني " الرغبة عنده ابادة الصحراوي
وحول هذه الفئة نسج المجتمع الصحراوي الكثير من الأساطير الشعبية، أغلبها يكتسي طابع السخرية والتنكيت، وتتندر عليهم الحكايات وتصفهم بالجبن وحب المال والشراهة عند الأكل وغيرها، وهو ما ساعد على ترسيخ هذه الرؤية عنهم عبر الأجيال المتتالية حتى أصبحت هذه الصفات تكاد تكون من المسلمات ,وأن هذه الصفات تشكل جزءا من التكوين الشخصي المتوارث لدى أبناء هذه الفئة، وكان الباقي من فيئات المجتمع مصنوعة من طينة البطولة والشهامة والصيام والقيام تنزيلا من رب العالمين ان هذه المفاهيم وغيرها من اسباب التمييز لهي اكبر مغذي للكراهية والعنصرية و اكبر دعمات الطبقية في مجتمع اقل من ان يتمسك بالطبقية وخاصة في ظل محاولات الاحتلال الذي يحاول تشتيته بكل الطرق .
ان هذه الكراهية لدى البعض من ابناء هذا المجتمع وهذا التمييز الموروث هو ما ادى بي لكتابة هذه الاسطر محاولة مني لتسليط الضوء على ظاهرة التمييز والعنصرية التي تتعرض لها هذه الفئية المهمة في المجتمع الصحراوي التي ذاقت اعتى النعوت والمهانة من مجتمع مازال في اشد الاحتياج للوحدة والتماسك وهو الذي لم يفهم بعد اهمية الصانع التقليدي متناسيا انها حرفة الانبياء
رغم ان موقف الدين الإسلامي حاسما في إبراز فضل العمل في نهضة الأمة، وحفظ كرامة الإنسان. وهكذا حدثنا القرآن عن الأنبياء ـ والأنبياء خير خلق الله ـ امتهنوا سائر الأعمال ومنها الأعمال الحرفية، فآدم اشتغل في الحراثة والنبي إدريس اشتغل بالحياكة والنبي داود كان حدادا يصنع الدروع ويبيعها، ونوح وزكريا كانا نجارين وموسى كان راعيا ... وقد سار نبينا صلى عليه وسلم على هذا النهج، فرعى الغنم ومارس التجارة، وكان من أصحابه الأجلاء الحداد والحائك والنجار والمزارع وغيرهم. فاذا كان الانبياء ورثة الله في الارض فبمن نقتدي يا ترى؟؟
وكيف ؟؟ لمجتمعنا نحن بالتعالي على هذه الفيئة وخاصة المجتمع الصحراوي الحديث الذي ترعرع في كنف الثورة وفي قيم العدالة والمساوات والتحرر ثم لماذا مازال يقف نفس الموقف السلبي من ابنائه بهذا الحياد السلبي
حصل ذلك في المجتمع التقليدي ولا يزال قائما في الدولة الحديثة، ومن مظاهره الاستهانة الواضحة ، والاحتقار الشديد لأصحاب الحرفة ،و خصوصا إذا ما كانوا من فئة الصناع التقليديين المعروفين عندنا ب"لمعلمين". والأغرب من ذلك أنّ البعض من النخبة المثقفة تساهم في ذلك من خلال نعوتها وعلاقاتها المقلقة من دون هذه الفيئة ، والشي نفسه يجسده النظام بقصد اوغير قصد فالنظام الصحراوي ما زال يمتهن الطبقية في تعييناته ومعالجته في توزيع المهام في الادارة الوطنية ناهيك عن معاملات ضمنية اخرى ليس هي بيت القصيد بالنسبة لي في هذه السطور
الاكثر غرابة لديا ان الانسان الذي ورث العمل عن اجداده ينعت بالحقارة والجبن والشراهة في الاكل فكيف ينعت الانسان المحتاج الى الاثاث والاحذية والاواني والحلي وكل ما من حوله حتى السلاح ؟ ان الاجحاف في حق هذه الفئية وتهميشها اكبر مظاهر العنصرية التي تدرس لنا من غير كراريس ولا حتى اقلام وحتى من غير ان نتساءل من اين لنا هذه الخرافات والتفاسير وما صلتها بديننا الحنيف ومااهميتها في بناء المجتمع الصحراوي المتطور القادر على بناء الدوله الصحراوية الحديثة
ثم اتسال لماذا يقف بعض مثقفين المجتمع الصحراوي موقفا سلبيا من الحرف والحرفيين، حصل ذلك في المجتمع التقليدي ولا يزال قائما في الدولة الحديثة،والاكثر من ذلك غرابتا ان الذي يزاول اي حرفة وان لم يرثها هو موضع سخرية كذلك .
انني انطاقا من مبداء نبذ التمييز و الطبقية ورغبتا في ان يستيقظ مجتمعنا من اجل المساوات والعدل التي هي اساس تقدم الشعوب ارى آن مسؤولية النخبة في المجتمع الصحراوي كبيرة امام هذا العدو الكاسر الذي يهدد بكسر ظهر الوحدة الوطنية للمجتمع الصحراوي أن نعود إلى التمسك بقيمه احترام الانسان والانسان المنتج ، و أنه لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، واننا لن نتقدم كمجتمع بين مجتمعات العالم متمسكين بالاستعلاء والتعصب 
بقلم/ الاعلامي ابنو ابلال

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *