-->

نحن من صنعنا ابو الوليد الصحراوي


أصبح اسم ابو الوليد الصحراوي، هذه الايام الاكثر شهرة في وكالات الانباء العالمية، حتى ان تهديده الاخير ضد بعثة المينورسو استدعى ردا مباشرا من الناطق الرسمي باسم الامين العام الاممي بان كيمون، وهذا بخلاف تهديدات القيادة الصحراوية بالعودة للكفاح المسلح، التي لا تستدعي اي رد من الناطق باسم الامين العام، ما يعني ان كلام ابو الوليد اصبح اكثر اهمية لدى الامم المتحدة من كلام قيادة جبهة البوليساريو، لكن لم نتساءل يوما، كيف وصل ابو الوليد الصحراوي الى ما وصل اليه؟، وماهي العوامل التي انتجت ظاهرة ابو الوليد؟.
كانت اول معرفة لي ب ابو الوليد الصحراوي او “لحبيب قسنطينة” كما كنا نسميه باقامة جامعة قنسنطية، وهي “الخيمة لكبيرة” باعتبارها بيت الضيافة لكل طلبة الشرق الجزائري على مدار العام الدراسي لقربها من مطار قسنطينة، وللترحيب الذي تلاقيه من طلبتها الكرام.
اثناء لقاءاتي القليلة مع السيد لحبيب، سنوات الدراسة لم الحظ يوما ان له ميول للأفكار المتشددة او حتى للمواضيع ذات الطابع الديني، بعدها بسنوات التقيت بلحبيب او ابو الوليد، بمخيمات اللاجئين الصحراويين، وقد تغيرت ملامحه وحتى نمط لباسه ، ودار بيننا جدال كان محوره المواضيع الدينية المتشددة ومدى قابلية المجتمع الصحراوي لتقبلها، ووصل الجدال الى طريق مسدود وكانت أخر جملة قالها لي باللهجة الحسانية “انتوما مايصلحلكم النقاش، يصلحلكم الا لكتيل”.
بعدها بسنوات قرأت خبر انضمام ابو الوليد الصحراوي الى الجماعات المتشددة بشمال دولة مالي.
لن اعقب هنا على كلام الصديق لحبيب القسنطيني، بل سأتحدث عن الظروف التي انتجت ظاهرة ابو الوليد الصحراوي.
فابو الوليد الصحراوي هو شاب من سكان دائرة الحكونية ولاية العيون، خريج جامعي ويجيد الحديث بثلاثة لغات، وحسب شهادة كل من عرفوه بمن فيهم المتحدث يجمعون على طيب خلقه وبساطته رغم انه اختار طريق يختلف الكثيرون معه فيه، حاول ابو الوليد العمل بمؤسسات الدولة الصحراوية لكن التهميش كان نصيبه رغم مستواه الثقافي وتمكنه من ثلاث لغات، هذا في الوقت الذي يوجد فيه ممثلين بسفارات وتمثيليات لا يجيدون اي لغة باستثناء اللهجة الحسانية، بعد تهميشة وإقصائه وتشبعه بالأفكار المتشددة ، لم يبقى امامه من خيار الى الارتماء في احضان الجماعات الارهابية التي لن تفوت فرصة انضمام شخص بهذا المستوى الثقافي الى صفوفها، وبدل ان يصبح الشاب “لحبيب” سفيرا للدولة الصحراوية بإحدى السفارات والتمثيليات اصبح ابوا الوليد اليوم سفيرا لابو بكر البغدادي، بمنطقة المغرب العربي.
ابو الوليد ليس نتاج المخابرات المغربية ، بل نتيجة منطقية للإقصاء الممارس في الدولة الصحراوية، والخوف اليوم ليس من ابو الوليد الصحراوي، الذي اصبح اسمه وصورته في مختلف وسائل الاعلام العالمية وحتى على قائمة المبحوث عنهم للأجهزة المخابراتية، بل الخوف هو من امثال ابو الوليد الذين لازالوا يعانون من التهميش والاقصاء بمؤسسات الدولية الصحراوية، فقبل ان نلوم المخابرات المغربية التي لم تدخر أي جهد من اجل تدمير مكتسبات الشعب الصحراوي يجب ان نلوم ثقافة النفاق والتهميش التي نمارسها بشكل شبه يومي بمؤسسات الرابوني، وهي ثقافة كفيلة بإنتاج المئات بل الالاف من ابو الوليد.
في عام 2011 ومباشرة بعد احداث سبتمبر بالولايات المتحدة الامريكية كتبت مقالا تحت عنوان “البوليساريو الراهن والمستقبل بعد احداث سبتمبر” وذكرت فيه ان الافكار المتشددة الموجودة بمخيمات اللاجئين الصحراويين بإمكانها ان تنتج ظواهر مشابهة لظاهرتي بن لادن وطالبان، وبعدها باربع سنوات حذرت من قضية اختطاف المتعاونين الاجانب عام 2005 أي قبل ستة سنوات من حدوث الكارثة عام 2011، وللاسف ان قيادتنا لا تولي أي اهتمام لما يكتب في الصحافة المستقلة، لكن نذكرها بان ما حذرنا منه بالأمس اصبح اليوم واقعا على الارض، فا ابو الوليد الصحراوي اصبح اليوم صوته مسموعا لدى صناع القرار العالميين وحديثه يستدعي ردا سريعا من الامين العام الاممي بان كيمون، بينما الظواهر الصوتية الموجودة في “الرابوني” والتي كانت السبب في اقصاء ابو الوليد اصبحت تهديداتها بالعودة للكفاح المسلح مثار سخرية العدو قبل الصديق..
يجب التفكير جليا في كيفية القضاء على الظروف التي انتجت ابو الوليد الصحراوي وهذا حتى لا نستيقظ يوما على ظاهرة جديدة قد تحمل اسم “ابو البراء البوليساريو” والهدف منها هو تشويه اسم جبهة البوليساريو في وسائل الاعلام العالمية وربطها بالظاهرة الإرهابية، حينها سيصبح اسم “ابو البراء البوليساريو” اكثر شهرة من اسماء القيادة الصحراوية، فعندما تسأل اليوم أي شخص عن اسم الرئيس العراقي الحالي سيجد صعوبة كبيرة في معرفة اسمه، بينما عندما تسأله عن من هو رئيس او امير الدولة الاسلامية سيقول مباشرة “ابو بكر البغدادي”.
قد يتهمني البعض بالدفاع عن احد الارهابيين المطلوبين دوليا، لكن للاسف هذه هي الحقيقة التي علينا معرفتها ويجب علينا ان نستفيق من سباتنا وان نعرف بان السياسات الفاشلة التي نمارسها من اقصاء وقبلية وبيروقراطية قد تكون نتائجها كارثية على سمعة القضية الوطنية، وقبل ان نترك ابنائنا فريسة للمخابرات المغربية يجب ان نبحث عن سياسة حكيمة من شأنها انتشالهم من واقع البطالة حتى لا يصبحوا لقمة صائغة للجماعات المتشددة.
بقلم: سعيد زروال

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *