-->

الملك والنخبة السياسية والشعب ومسؤولية الفقر والقهر


انطلاقا من تعريف الديمقراطية المركزي، المتمثل في كونها شكلا من أشكال الحكم، يشارك فيه جميع المواطنين على قدم المساواة عبر تمكينهم من حق الممارسة الحرة والمتساوية لتقرير المصير السياسي للدولة، يصعب ولو بشكل مجازي إسقاط هذا على طبيعة نظام الحكم المغربي بمؤسساته الصورية، حيث إن أبسط قواعد ومبادئ هذه الديمقراطية التي استطاعت بفضلها دول الغرب أن تبني أنظمة مؤسساتية قوية يسود فيها القانون المُتعاقد حوله بشكل مطلق.
فلا التاريخ ولا الواقع يسمحان لنا بوصف المغرب بالبلد الديمقراطي، نظرا لغياب الشرعية والمشروعية السياسية، فمنذ بداية حكم سلالة العلويين للمغرب وحتى قبلهم، لم تنتقل السلطة من حاكم لآخر سوى عن طريق الانقلاب العسكري أو عبر الوراثة المعتمدة على البيعة بالاكراه وقمع الثورات الشعبية التي تعاقبت ضد الملوك الذين استطاعوا تحويل المغرب الى مستعمرة لدول أجنبية حفاظا على مصالحهم.
فما يعيشه المغرب من شد الخناق على مستوى الحريات العامة وسلب للحقوق بشكل عنيف، جسده بشكل واضح الدستور الممنوح الذي ذر الرماد في أعين المغاربة ولم يقرأه غالبيتهم، وفصول القانون الجنائي التي تعوض بشكل مفصل الفصل 19 المشؤوم الذي عوض ظهير “كل ما من شأنه”.
إن ملك المغرب ونظامه الحالي، نسخة طبق الأصل لما كان عليه أسلافه، ونتاج وإعادة إنتاج لسياستهم التي لا هم لها سوى بقاءهم في السلطة، فقد استطاع ترويض المعارضة الرسمية التي لا تعارض سوى نفسها.
كيف يُعقل أن يصور محمد السادس نفسه كملك ديمقراطي وهو متحكم في كل شيء؟ ألا يشعر بأي نوع من الإحراج عندما يلتقي برؤساء دول ديمقراطية مُنتخبين بشكل ديمقراطي يعتبرون نفسهم موظفين لدى شعوبهم، ومعرضين للمحاسبة في أي وقت، إن هم أخلوا بوعودهم التي نالوا عنها ثقة مواطنيهم؟ فهو على خلاف ذلك استطاع أن يجعل من الشعب أفرادا انتهازيين يعيشون على امل اللقاء به وتسليمه بطائقهم تعريفهم الوطنية، علّهم يظفرون بعطفه ونيلهم لمأذونية نقل تخرجهم من فقرهم المذقع التي يتحمل كامل مسؤوليته، كما نجح في تسويق صورته كملاك لا يخطىء أبدا، وأن محيطه الفاسد هو المسؤول عن وضعية البلاد..
وهذا يذكرنا بالحسن الثاني وكيف كان ينكر وجود معتقل تازمامارت الرهيب ورمي المغاربة من الطائرات وإعدامهم بالقنابل.. كان ينفي كل ذلك كلما طُرح عليه السؤال، لقد قاد مجازر جماعية في حق أبناء شعبه حينما كان لا يزال وليا للعهد، لا لشيء غير كونهم طالبوا برفع التهميش وبحقهم في العيش الكريم والانعتاق من قبضة التحكم والاستفادة من خيرات الوطن التي احتكرتها المؤسسة الملكية.
لا أريد القول إن المغاربة شعب أعمى يستحق ما عاشه ويعيشه نتيجة سكوته وخنوعه، لكني أميل الى الجزم أن النخب السياسية المتخلفة منذ الاستقلال الشكلي، هي المسؤولة عما وقع ويقع، لأنها عجزت عن بناء نفسها رغم توفرها على كل الامكانيات خصوصا مع جيش التحرير، فتحولت بذلك إلى نخبة موظفة لدى القصر مستفيدة في نفس الوقت من نصيبها في تصفية التركة التي خلفتها فرنسا..
المغاربة ضحوا بدمائهم من أجل استقلال بلدهم، ولم يدركوا أن المستعمر ما هو إلا حامي حمى الملك وحاشيته وأن الاستعمار قدِم للمغرب بدعوة من السلطان العلوي. فهل المغاربة اليوم مستعدون للتضحية من أجل الحصول على حقوقهم؟!
 رضا كَورا ـ موقع اخبركم

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *