-->

المغرب، الإبن الضال للإتحاد الإفريقي ـ مقال مترجم


06 اغسطس 2016 (وكالة المغرب العربي للانباء المستقلة)ـ بعد 32 سنة من البُعد عن السياسة الإفريقية، يُحضر المغرب للعودة إلى أكبر هيئة أفريقية والتي غادرها في 1984. وكانت الرباط قد إنسحبت غاضبة بسبب ضم ماكان يعرف بمنظمة الوحدة الإفريقية للجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية (SADR) كدولة كاملة العضوية. والجمهورية الصحراوية تمثلها جبهة البوليساريو والتي تطالب بالسيادة على كامل الصحراء الغربية ولكنها تسيطر فقط على 20% منها بينما يحتل المغرب المتبقي منها ويطالب بها كلا.
إن الإتحاد الإفريقي، سليل منظمة الوحدة الإفريقية يعتبر رسميا أن الصحراء الغربية آخر معاقل الكفاح ضد الإستعمار في القارة، وعليه بقي المغرب خارج الإتحاد الإفريقي كإحتجاج على ذلك. ولكن يبدو أن ذلك تغير الآن، ففي رسالة إلى الرئيس الحالي للإتحاد الإفريقي، الرئيس التشادي إدريس دبي أثناء قمة المنظمة في كيغالي الشهر الماضي، قال ملك المغرب محمد السادس أن الوقت حان “للمغرب ليتبوأ مكانته الطبيعية ضمن عائلته المؤسساتية”. وأكد أن المغرب في 1984 ” لم يغادر أبدا إفريقيا” ولكنه غادر فقط منظمة الوحدة الإفريقية بسبب إعترافها بالجمهورية الصحراوية، والتي قال بأنها ” إنقلاب على الشرعية الدولية، وأنها ” عمل مخادع …. يشبه إختطاف طفل”. كما نعت الجمهورية الصحراوية بـ ” الدولة الوهمية أو الزائفة”، وأنها لا تستحق الإعتراف بها مقارنة بالمغرب، وقال أنه رغم إعتراف الإتحاد الإفريقي بها فعلى الأقل توجد 34 دولة من أعضاء الإتحاد الإفريقي لا تعترف بها. ومع ذلك ـ وهذا هو الجزء المهم من رسالة الملك ـ اضاف أنه ” بعد تفكير عميق اصبح واضح لدينا أنه عندما يمرض الجسم فإنه يُعالج بنجاعة أكثر من داخله عن خارجه”. إذن فهو التغيير من الداخل، هذا ما يبدو أنه الإستراتيجية المغربية الجديدة.
وكذلك وفي قمة كيغالي، تلقى الرئيس دبي مقترحا موقعا من طرف 28 دولة عضو في الإتحاد الإفريقي يرحبون فيه بقرار المغرب الإنضمام للإتحاد ولكن توضح ايضا أن هذه الدول ” ستؤيد التعليق الفوري للجمهورية الصحراوية من الإتحاد الإفريقي” لأنها لا تمثل دولة حقيقية وأنها لا تحظى بالقبول في المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، وأن تعليق الجمهورية الصحراوية سيحرر الإتحاد الإفريقي ليلعب “دورا بناءا” في جهود الامم المتحدة لحل نزاع الصحراء الغربية.
ويقال أن الرئيس السنغالي، ماكي سال، هو من يقود هذا التوجه وفقا لتقرير مجلس السلم والأمن الصادر عن معهد الدراسات الأمنية “المغرب مُستثمر هام في غرب أفريقيا ولديه روابط سياسية ودينية قوية مع هذا الجزء من العالم” يقول التقرير.
إن طلب 28 دولة بطرد الجمهورية الصحراوية يرى فيه البعض بأن المغرب فقط يعيد شرطه المعروف لينضم من جديد إلى الإتحاد الإفريقي. ولكن رسالة الملك تقول ـ ويؤكده دبلوماسيون مغاربة ـ أن مقاربة الرباط مختلفة هذه المرة، فهي تنوي الدخول في الإتحاد الإفريقي وبعدها العمل من هناك لإزاحة الجمهورية الصحراوية، والشطر الأول ربما سيكون سهلا.
ونفت مفوضة الإتحاد، نكوسازانا دلاميني زوما، الأسبوع الفارط إشاعات مفادها أن المغرب حضر أو شارك في قمة كيغالي، ولكنها أكدت أن الرئيس دبي تلقى رسالة الملك، وأوضحت أن “أي دولة إفريقية” يمكن أن تنضم للإتحاد الإفريقي بتصويت الأغلبية البسيطة، إذن فبوجود 28 دولة إلى جانبها فالمغرب يكون تحصل مسبقا على تلك الأغلبية البسيطة.
لكن هذا ليس هو الأمر جوهر الخلاف، فالموضوع الحقيقي سيكون طرد أو تعليق الجمهورية الصحراوية، ويشير بيان زوما إلى ان “القانون التأسيسي للإتحاد الإفريقي لا يتضمن أي بند يتعلق بفصل اي دولة عضو من الإتحاد”. والقانون بذاته لا يمكن تعديله إلا بأغلبية الثلثين.
توقيت طلب المغرب الملح للعضوية اثار فضولا كبيرا
يقول القائم بالأعمال المغربي في جنوب أفريقيا المنتهية ولايته، رشيد اقاسيم، أن هذا يحدث الآن ببساطة لأن المغرب يريد تحقيق بشكل كامل القدرة السياسية والإقتصادية الإفريقية، ويشير إلى أن المغرب يُنمي علاقاته مع بريتوريا والتي كانت قد تراجعت عندما إعترفت جنوب أفريقيا بالجمهورية الصحراوية في 2004، ولاحقا رفع العلاقات معها إلى مستوى السفراء.
ويضيف دبلوماسيون آخرون تفاصيل أكثر تشكيكا لطلب المغرب وضغطه من أجل العضوية، بما فيها أنه يحاول الإستفادة من شغور منصب مفوض الإتحاد الإفريقي.
وينظُر المغرب إلى مفوضة الإتحاد المنتهية ولايتها دلاميني زوما كخصم عنيد بسبب دفاعها المستميت عن الجمهورية الصحراوية تماشيا مع سياسة حكومتها، إلا أنها ستغادر في يناير وفشل قمة كيغالي في إختيار خلف لها يعطي فرصة للرباط.
ويرى هؤلاء الدبلوماسيين أن بلدا من غرب أفريقيا الفرنكفونية والتي تشكل قلب الدعم للمغرب في الإتحاد الإفريقي ـ ربما السنغال ـ قد تتقدم بمرشح للمنصب. وإن نجحوا في تنصيب مفوض موال للمغرب، فذلك سيضع الرباط والتي قد تنضم إلى الإتحاد الإفريقي في نفس الوقت في وضعية مناسبة لمحاولة تعليق عضوية الجمهورية الصحراوية.
ويتنبا المراقبين لشأن الإتحاد الإفريقي في أديس أبابا بصراع حاد قد يسبب التصدع في المنظمة إن حدث ذلك، مع وجود الجزائر، نيجيريا جنوب افريقيا ومعظم دول مجموعة التنمية في جنوب القارة (SADC) في مقاومة ودحض هذا التوجه.
وماذا بعد إن نجح المغرب في تعليق الجمهورية الصحراوية؟ ذلك سيرمي ببساطة مشكل تحديد حالة الصحراء الغربية وبشكل أكثر قطعية في ايدي مجلس الأمن في الأمم المتحدة مرة أخرى. ولايزال الأساس في ذلك القرار هو الإستفتاء الذي إقترحه مجلس الأمن في 1991 لشعب الصحراء الغربية ليقرر من خلاله ما إذا كان يريد منطقة بحكم ذاتي ضمن المغرب ـ وهو ما ترغب فيه الرباط ـ أو دولة مستقلة كاملة السيادة، وهو ما تريده جبهة البوليساريو.
وكانت الرباط هي من يعيق ذلك الإستفتاء ولكنها تلوم خصمها الجزائر ـ حليف الجمهورية الصحراوية القوي ـ بقولها أن الجزائر ترفض بشدة السماح بإحصاء السكان الصحراويين ليمكن تحديد من يحق له التصويت في الإستفتاء المذكور. والأمر الحقيقي هو أن المغرب يريد تمكين كل من في الصحراء الغربية من التصويت بمن فيهم العديد من المواطنين المغاربة الذين إستوطنوا هناك بعد نداء الملك السابق الحسن الثاني، بينما تريد الجزائر وجبهة البوليساريو تمكين الصحراويين الاصليين فقط من التصويت.
إن نجح المغرب في جمع الدعم الكافي في الإتحاد الإفريقي لتعليق عضوية الجمهورية الصحراوية، فذلك سيعطي ايضا إحتمال دعما كافيا لتحديد موقف الإتحاد الإفريقي من شرعية القضية، وهذا سيضاعف من قوة صوت الرباط في مجلس الأمن اين سيحدد مستقبل الصحراء الغربية، وكل ذلك علامات لمعركة بغيضة.
ومع ذلك ومن وجهة نظر الرباط فلن يعتبر ذلك مشكلة، فإن تمكنت من الحصول على كرسي ثابت في مجالس الإتحاد الإفريقي وتسامحت مع حضور الجمهورية الصحراوية لمدة تكفي لتعليقها، فإن إستفتاء الأمم المتحدة من المحتمل أنه يمكن أن ينتظر إلى الأبد.
بيتر فابريشيوس/ مستشار في معهد الدراسات الأمنية.
ترجمة: حمادي البشير04 غشت 2016
رابط للإطلاع على الموضوع باللغة الاصل: https://issafrica.org/iss-today/morocco-the-aus-prodigal-son

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *