-->

موقع الناير: بعد "اللهم كثر حسادنا" و"أين الثروة" هذه هي آخر مقولة حمقاء للملك


إشتهرت خطابات الملك المغربي محمد السادس بتردد العبارات الغريبة والسخيفة المثيرة للسخرية و الضحك. و قد إزدادت وثيرة هذه العبارات منذ سنة 2014, فبعد أقاويل أصبحت مادة دسمة للسخرية مثل: "اللهم كثر حسادنا" (ونسبة هذا القول السخيف للنبي دون نفي ذلك لليوم في أفضح عملية كذب على الرسول في التاريخ), و "أين الثروة؟" و "ماذا يريدون مننا" أو "شعبي العزيز لقد إكتشفنا البترول و الغاز بكميات وافرة ومن النوع الجيد", يبدو أن الملك قد إكتسب مؤخرا, مع تجاوزه سن الخمسين, شغفا بالإستشهاد بأقاويل, لعله يحسبها تنم عن "ثقافة" و علم عميق.
ففي الخطاب الأخير الموجه لقمة الإتحاد الإفريقي إستشهد الملك بكل ثقة بالقول التالي:
"Comme le dit le proverbe : « La vérité n’a point d’autre preuve de son existence que l’évidence »."
فريق ترجمة الخطابات للغة العربية بالديوان الملكي (لأن كل خطابات الملك تقريبا تُكتب بالفرنسية), أدرك سخافة هذا القول, و سعى جاهدا خلال ترجمته إلى التلطيف من بلادته حيث أعاد صياغته كليا, و غير معناه ليقلل من منسوب غبائه, حيث أورده كالتالي:
وكما يقال : "إن الحقيقة لا تحتاج الى دليل على وجودها، فهي معيار ذاتها".
تسائلنا أين سمع الملك هذا القول الغريب و السفيه و من لقنه ذلك؟ بحثنا فوجدنا أن المقولة تعود لكاتب فرنسي مغمور (عُرف أكثر بحبه ممارسة اللواط مع ذكور مراهقين و الكتابة عن عشقه لذلك, أكثر من أي شيء آخر). المقولة هي للكاتب الفرنسي Luc de Clapiers marquis de Vauvenargues, المتوفي سنة 1747 و عمره آنذاك 31 سنة. وكان Vauvenargues قد إشتهر بمعارضة Descartes و Pascal و أطروحاتهم حول الفكر و المنطق, حيث إدعى أن محاولة التفكير و البرهنة و الإستدلال المنطقي التي تبناها مثل هؤلاء المفكرين ذوي المنهج المنطقي الرياضي, هي فقط مضيعة للوقت و أن الحقيقة لا يُتوصل إليها إلا عبر الأحاسيس و المشاعر. كما إنتقد الفلسفة إنتقادا شديدا حيث إعتبرها أيضا دون أية قيمة, و إعترف بأنه لا يفهم لا في الفلسفة أساسا و أن محاولة التفكير بالمنطق تسبب له فقط صُداع الرأس. و المقولة في نسختها الأصلية: "La vérité n'a point d'autre preuve de son existence que l'évidence, et la démonstration n'est autre chose que l'évidence obenue par le raisonnement" و يساير Vauvenargues على هذا المنوال في إنتقاد الفكر و المنطق بمقولات أخرى مثل: 
"Personne n'est sujet a plus de fautes que ceux qui n'agissent que par reflexion"
"Toutes nos démonstrations ne tendent qu'à nous faire connaître les choses avec la même évidence que nous les connaissons par sentiment"
"Ce que la réflexion trop faible n'ose décider, le sentiment nous force de le croire".
إستشهاد الملك بهذا الكاتب المغمور و أفكار الأخير التي عارضت صراحة المنطق و التفكير و دعت للإعتماد على الأحاسيس و المشاعر, تؤكد القراءات و الآراء التي كنا قد أبديناها في هذا المنبر حول الملك محمد السادس و نفوره من الفكر و العلم و المنطق و ميوله نحو الإعتماد على "الأحاسيس و المشاعر" و النظر للأمور ببساطة و سطحية شديدة, و لا أدل على ذلك زعمه في أكثر من خطاب بأن "الأمور واضحة و وبسيطية و لا تحتاج لتحيليل"...هذه القراءات كانت تجر علينا عدد من الإنتقادات من طرف أشخاص لا يريدون (أو ليس لهم مصلحة في...) أن يعترفو بأن الملك شخص بسيط العقل و الفهم و محدود المعرفة, و يميل نحو شخصنة الأمور و إدخال أحاسيسه و مشاعره الشخصية في طريقة تصوره للأشياء و إدارته لشؤون الدولة. هذا المعطى يتأكد اليوم بإختيار الإستشهاد بهذا الكاتب بالذات, من بين عشرات الآلاف من الكتاب, و ذلك بعدما تأكد في عدد من شهادات الشخصيات التي قابلت الملك و تحدث إليه بصفة مطولة, و التي تُجمع على أنه "شخص بسيط العقل", بل أن هذا الوصف يُستخدم حتى من طرف عدد من المدافعين عن الملك حينما يتعلق الأمر بالإدعاء بأن الملك "لم يفعل كذا و لكن فلان إستغل سذاجته ليفعل ذلك بإسمه" (أو ما يسميه المغاربة ب "مافراسوش").
كما يأتي هذا الإستشهاد ليكمل مسلسلا دعائيا للملك يريد أن يرد من خلاله الرد على الإنتقادات بالسعى إلى الإظهار و الإدعاء بأنه هو أيضا رجل "علم و ثقافة", و قد بدى هذا في عدة مناسبات عبر محاولة تنظيم إستعراضات "ثقافية" تتركز غالبا على الرسم (أكبر هواية للملك و الشيء الوحيد الذي كان يتقنه و يهتم به في المدرسة بحسب شهادة مدرسيه), و بعض مظاهر ما يعرف ب "الفن المعاصر", الذي يكتسي غالبا طابع السطحية و التفاهة. و قد بلغت هذه الحملة ذروتها قبل أسابيع حين قام الملك بنشر صورة له في مقهى باريسي مع الحرص على إظهار فنجان القهوة وعلبة السجائر و النظارات و نسختين من كتاب (لا يقل تفاهة عن كتابات Vauvenargues). وتؤشر رسائل الملك الأخيرة على أن خطابه القادم في 30 يوليوز (الذي سيتلوه بالصعوبة والمشقة التي عهدنها) يعدنا بمزيد من اللحظات الهزلية و الفكاهية.
المصدر: موقع الناير

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *